كتب عبد الامير بيضون:
دخل لبنان الاسبوع الثاني من دون رئيس جمهورية… الفراغ، او «الشغور» يتربع على كرسي الرئاسة في بعبدا… الافرقاء السياسيون منشغلون عن البحث عن مخارج تقصر أمد الازمة، في البحث عن جنس الملائكة في صلاحيات مجلس الوزراء في غياب رئيس الجمهورية… الأوضاع السياسية تزداد تأزماً، ولا إشارات دالة على احتمال فرج قريب يخرج البلاد من أزماتها المتداخلة، حيث الأوضاع المعيشية تزداد تعقيداً مع تعثر بت مصير «سلسلة الرتب والرواتب» للقطاع العام، ومصير آلاف الطلاب بات على كف تهديدات «هيئة التنسيق» بمقاطعة الامتحانات الرسمية، وحددت موعداً نهائياً لنيل مطالبها في السابع من حزيران الجاري، وإلا (…) فاضراب مفتوح، والجامعة اللبنانية بدأت تحصد سنوات من الاهمال وادارة الظهر الرسمية، ووزير التربية الياس بوصعب يقع بين شاقوفي المتمسكين بلوائح التفرغ الدنيا والمتمسكين بلوائح التفرغ لكل من يستحق…
قرار الداخلية حول النازحين السوريين
وكأن ما في لبنان لا يكفيه، فحلت أزمة «النازحين» و«المقيمين» السوريين في لبنان، لتأخذ في الأيام الماضية وجهاً مختلفاً عن كونها «أزمة إنسانية»، لتصبح «أزمة سياسية» تحتل الصدارة في الاهتمامات، على ضوء ما جرى الاربعاء الماضي مع الحشود السورية في منطقة السفارة السورية في اليرزة، الذي حضروا للمشاركة في الانتخابات الرئاسية، وما أثارته من ردود واعتراضات – بسبب الفوضى والحضور غير المنظم وقطع الطرقات – خصوصاً لدى أفرقاء في 14 آذار، الذين طالبوا بترحيل هؤلاء… وكان من بين نتائجه، أول من أمس، قرار وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، الذي طلب من جميع النازحين السوريين المسجلين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين «الامتناع عن الدخول الى سوريا (اعتباراً من يوم أمس الاحد، أول حزيران) تحت طائلة فقدانهم حقوقهم كنازحين…» وهو قرار، بحسب المكتب الاعلامي لوزير الداخلية، يأتي «في اطار تنظيم دخول الرعايا السوريين الاراضي اللبنانية وخروجهم منها… ولا يشمل العمال السوريين في لبنان، ولا يتعلق بهم، بل بالمسجلين لدى الدولة اللبنانية ومفوضية اللاجئين بصفة نازحين ولاجئين…» وبحسب مصادر سياسية فإن القرار جاء يضع حداً لفوضى وعبثية استغلال النازحين السوريين، لاغراض لم تعد خافية على أحد.
الجدل حول صلاحيات الحكومة
إلى ذلك، فقد استمر «الجدل» حول صلاحية مجلس الوزراء، والذي من المتوقع ان تشهد جلسة يوم غد الثلاثاء، متابعة للنقاش الذي بدأ في الجلسة السابقة، في ظل الشغور الحاصل في موقع رئاسة الجمهورية.
وفي هذا، فقد نقل عن مصادر رئيس الحكومة تمام سلام، تأكيدها «ان سلام لن يتنازل عن صلاحية الدعوة الى انعقاد مجلس الوزراء، وجدول الأعمال… وهو حاسم في هذا…» ونقلت المصادر «ان الرئيس سلام لا يخفي شعوره بالقلق من عدم التوصل بعد، الى انتخاب رئيس للجمهورية، وهو» أمر يلح عليه ويتمسك به… لكنه في الوقت عينه، يفصل عمل الحكومة وصلاحياتها، التي تشمل وكالة صلاحيات رئيس الجمهورية، عن الاجواء السياسية والانتخابية…
وفي هذا، سأل النائب نضال طعمة «هل بدأ اللبنانيون يدركون خطورة الاهتزاز في الصيغة الميثاقية، الذي جاء جراء الشغور في موقع الرئاسة؟. لافتاً الى ان «الجدال القائم اليوم حول صلاحية مجلس الوزراء ليس سوى المرآة الخفية لصراع قوى سياسية قدرها ان تتحمل مسؤولية حكومة…»
من جهته قال عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب ايوب حميد «ان ما يحصل اليوم على صعيد تعطيل السلطات وتفريغها من محتواها سوف يصل بنا الى حافة الهاوية…».
بوصعب يحذر من المحظور
أما على المستوى المطلبي – المعيشي، فمايزال موضوع «سلسلة الرتب والرواتب» حاضراً بقوة، والعام الدراسي مهدد، بعدما حسمت «هيئة التنسيق النقابية» أمرها… في هذا السياق قال وزير التربية الياس بوصعب أنه اذا لم تتوافر حلول خلال 24 ساعة او 48 ساعة نكون دخلنا المحظور… وسنكون أمام خيارات صعبة.
بدوره قال عضو «هيئة التنسيق» حنا غريب: «ان ما يجري أبعد من سلسلة وثمة محاولات لتصفية مفهوم الدولة كدولة للرعاية الاجتماعية…» وفي السياق نفسه أعلن مجلس عمداء الجامعة اللبنانية عن تأجيل الامتحانات في كل الفروع» داعياً الى أوسع حملة تضامن وطني مع مطالب الجامعة…
ذكرى رشيد كرامي
شمالاً: فقد أحيت طرابلس بعد ظهر أمس الذكرى الـ27 لاستشهاد الرئيس رشيد كرامي وسط حضور شعبي كثيف ولافت، وحضور شخصيات من قوى 8 آذار، وكانت كلمة للوزير السابق فيصل عمر كرامي الذي خاطب الرئيس الرشيد قائلاً: «حبيبتك طرابلس مقهورة، مخطوفة وقد نالوا منها ومن طيبة أهلها جوعوها و«استوطوا حيطها» وسفكوا فيها الدماء… لكن طرابلس لن تصمت… مشيراً الى عدم اعطائها حقوقها في التعيينات الأخيرة…
سيناريو من 4 حول الاستحقاق الرئاسي
أما على مستوى الاستحقاق الرئاسي، فقد كشفت سلسلة المواقف، عن ان الازمة ماتزال عند بدايتها، وهي تراوح في خطاب الافرقاء السياسيين ضمن دائرة «الصفات» و«الالقاب» و«الادوار المطلوبة والادوار غير المطلوبة» بعيداً عن الاسماء التي ما تزال تدور بين اثنين معلنين (سمير وجعجع وهنري حلو) وآخر مضمر (الجنرال ميشال عون).
وحيث ان لا اشارات دالة على حلول ومخارج، فقد رسم نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري سيناريو رئاسياً، «يصعب تحقيقه» ويقوم على ما يلي:
– الأول: انتظار الاتفاق بين القيادات المسيحية الأربع (عون، جعجع، الجميل وفرنجية)، على مرشح واحد او مرشحين لخوض الانتخابات الرئاسية من دون اعطاء أي مجال لمرشحين آخرين…
– الثاني: يقضي بانتظار اقتناع عون وجعجع بالانسحاب والاتفاق على مرشح آخر…
– الثالث: انتظار ان يتفق المسيحيون على مرشح بالتعاون مع البطريرك الراعي.
– الرابع: انتظار حصول تقارب ايراني – سعودي، و«عندها يتم الاتفاق من الخارج على رئيس الجمهورية…» متوقعاً «الانتظار فترة طويلة لانتخاب رئيس جديد…».
… والفراغ
وفي هذا، فقد وصف عضو كتلة «التنمية والتحرير»، النائب هاني قبيسي، الوضع قائلاً: «لا نستطيع ان نتفق على انتخابات رئاسة الجمهورية… ولا على انتخاب رئيس او على اسم رئيس، وهذا يشكل حالا من الفراغ ومن انكشاف الساحة أمام مخططات إسرائيل…»؟!
أما عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسين الموسوي فقال: «اننا نريد انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت، خلافاً لما يشيعه البعض… ومن يتهمنا بالتعطيل فهو اتهام مردود عليه…».
وبدوره قال عضو تكتل «التغيير والاصلاح» النائب آلان عون فأكد ان «الكلام عن التوافق المسيحي حجة غير مقبولة لتعطيل انتخاب الرئيس…» وأشار الى ان الحوار مع «المستقبل» ينتظر انضاج الظروف، لافتاً الى ان «بكركي قامت بما عليها… والذي أفشل دورها هو قول الآخرين أي أحد لرئاسة الجمهورية غير عون…».