IMLebanon

الفراغ يوجّه أسوأ الرسائل إلى المسيحيّين ونموذج الحكومة يُبقي باب التفاؤل مفتوحاً

  

على رغم الانطباعات السلبية التي تواكب تعطيل جلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية للمرة الثانية بعد جلسة اولى في 23 نيسان وبقاء المواقف على حالها من دون اي تغيير حتى الآن، تروج مصادر سياسية على صلة بالاتصالات الجارية البعيدة من الاضواء لاعتقاد او حتى اقتناع بأن المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس العتيد سيتم احترامها ولو ان غالبية المؤشرات لا توحي بذلك راهنا. فتقول هذه المصادر ان نموذج ما حصل بالنسبة الى الحكومة هو الذي سينسحب على موضوع الرئاسة بحيث ان عملا حثيثا يحصل على خط الاتصالات بعضه ظاهر ومعروف وبعضه الآخر غير ظاهر وغير معلن عنه، من دون ان تستبعد النجاح على هذا الصعيد على نحو قد يفاجئ اللبنانيين ايجابا كما حصل بالنسبة الى الحكومة ولاحقا بالنسبة الى نجاح الخطة الامنية في طرابلس وصولا الى البقاع علما ان احدا لا يقدم اجوبة واضحة عن الاسباب التي اتاحت هاتين الفرصتين. فتأليف حكومة الرئيس سلام قارب الاستحالة في ظل اكثر من توقعات لا بل في ظل تحضيرات لتسلم حكومة تصريف الاعمال برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي صلاحيات رئيس الجمهورية للتعذر المحتمل في انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وارتبط ذلك بالموضوع السوري على اساس ان لا ضمان لاي حلحلة على الصعيد اللبناني في ظل تطورات الوضع الماسوي في سوريا. وكذلك الامر بالنسبة الى الخطة الامنية في طرابلس التي ارتبطت عضويا بالتطورات الميدانية السورية الى درجة ساهمت في اشاعة قلق كبير على الوضع الداخلي في لبنان نتيجة احتمال انزلاقه الى أتون طرابلس من دون القدرة على وقف هذا الانزلاق. وتبين فجأة وبسحر ساحر انه يمكن فصل الوضع اللبناني نسبيا عن الوضع السوري وعدم تعليق حل الامور فيه الى ما بعد انتهاء الحرب الاهلية والاقليمية والدولية في سوريا.

هل لهذه التوقعات المتفائلة صلة بالنجاح المحتمل للرئيس السوري بشار الاسد بتمرير اعادة انتخابه لولاية ثالثة، تسأل المصادر السياسية المعنية، على قاعدة ان الضمان المسبق من جانب ايران في شكل خاص لاستمرار حليفها السوري فضلا عن رغبتها بالحلحلة مع الدول العربية والدول الغربية على خلفية ملفها النووي تتيح التساهل لا بل التعاون في امكان التوافق على تمرير الانتخابات الرئاسية اللبنانية في توقيتها. اذ ان مسرحية المرشحين الآخرين غير بشار الاسد ليست جدية ولا يشتريها او يصدقها احد في حين ان تأمين بقائه في مركزه على نحو قانوني ودستوري ولو شكليا امر مهم وضرورة له ولحلفائه لاعتبارات كثيرة حتى لو كان ذلك من اجل تأمين اوراق تفاوضية قوية له ولايران وروسيا معه بغضّ النظر عن الاحتمالات الاخرى.
يشكل العامل المسيحي عنصرا ضاغطا جدا واكثر مما يظهر على الدول المهتمة نسبيا بلبنان من اجل انجاز الاستحقاق الرئاسي من ضمن المهلة الدستورية في ظل ضغط واضح مارسته وتمارسه المراجع الدينية المسيحية وفق ما عبرت عنه صراحة وبقوة في العظات التي القيت في عيد الفصح قبل اسبوعين وفي كل اللقاءات التي تعقد خارجيا او داخليا. وهذا لا يجب الاستهانة به في الظروف التي تمر فيها المنطقة خصوصا ان مواقف المرجعيات الدينية المسيحية ساهمت في تعطيل اجراءات ضد النظام السوري خوفا على وضع المسيحيين في سوريا والخشية من رحيلهم عنها نهائيا وافراغها من الوجود المسيحي. وثمة عامل آخر مؤثر جدا وان يغفل ذكره في الوقت الراهن وهو ان الفراغ في رئاسة الجمهورية سيحرم الجيش اللبناني من الغطاء الضروري والذي تراه الدول الخارجية مهماً جداً من اجل مساعدة الجيش وتأمين المستلزمات له فيما يشكل الجيش الركيزة الابرز في هذه المرحلة خصوصا من اجل ضمان استمرار الاستقرار النسبي في البلد. اذ لا مساعدات ترتقب للجيش في ظل فراغ في موقع الرئاسة الاولى.
اذ تقول المصادر المعنية انه الى جانب عامل الاستقرار الذي يجب ان يتأمن للبنان في انتظار ايجاد حل للوضع في سوريا، فان ما يشكل عنصرا ضاغطا هو انه لا يجب توجيه رسائل يمكن فهمها على انها بمثابة “خطأ” كأن يطيح الصراع السني الشيعي في المنطقة الموقع المسيحي الوحيد الابرز فيها. اذ فيما ان هناك مصالح يتوزعها الاقوياء المتصارعون في المنطقة بين دولها، تهتم الدول المعنية بألا يثير الفراغ المحتمل في موقع الرئاسة الأولى في لبنان مخاوف لدى المسيحيين على مصيرهم ومستقبلهم خصوصاً اذا فتح الفراغ الابواب امام احتمالات اخرى فأحيت هذه المخاوف هواجس الهجرة والرحيل اكثر فأكثر. ومع ان الفراغ يثار من أفرقاء في وجه أفرقاء آخرين وهناك مخاوف حقيقية منه، وهي مخاوف جدية لعدم إمكان عدم استبعاده كلياً كاحتمال وارد مثل سائر الاحتمالات خصوصا اذا ظل التباعد قائما، فإنه في الوقت نفسه يستخدم كفزّاعة من أجل منع حصوله والعمل على تفاديه وفق ما تقول هذه المصادر. والمؤسف بالنسبة الى هذه المصادر ان الكثير من الاتصالات والمساعي تتم على غير المستوى اللبناني او بين الافرقاء اللبنانيين، ولو لا تغيب كليا الاتصالات بين هؤلاء، لكن الاتصالات الخارجية هي التي تساعد في حسم الامور وليست الداخلية، علما ان الكثير منها لا يُكشف كما في موضوع الحكومة مع الحرص على إظهار ان غالبية الحركة الداخلية هي المؤثرة والحاسمة في هذا المجال.