بعد ثلاث جلسات عجاف لانتخاب رئيس مسيحي ماروني لمنصب رئاسة الجمهورية، كيف هي صورة الوضع اللبناني عموما، والمسيحي خصوصا، والماروني على الاخص، قبل يوم واحد من الايام العشرة الباقية لعهد الرئيس العماد ميشال سليمان، والتي تعتبر اما معبرا للفراغ القاتل، واما الفرصة الاخيرة لانتخاب رئيس، وانقاذ لبنان والدولة والجمهورية.
على عكس ما تحاول قوى 8 اذار «تزيينه» وتخفيف وطأته، فان الفراغ في سدة الرئاسة الاولى في الظروف الحالية القائمة، سيشكل كارثة حقيقية تطول جميع القطاعات والمرافق في الدولة اللبنانية، وسيهدد الوجود المسيحي الحر في لبنان والدول العربية، وسينعكس بالسوء على الطوائف والمذاهب الاخرى الشريكة في العيش الواحد، ولهذه الاسباب وخوفا من وقوع المحظور حذر البطريرك بشاره الراعي، ويحذر من الوصول الى الفراغ، الذي سوف «يلغي المسيحيين»، ويسقط لبنان في لعبة المصالح الخارجية.
اما لماذا وصلنا الى هذه المرحلة الضيقة التي تجعل اللبنانيين يعيشون هاجس المستقبل الاسود، فلان هناك فريقا قرر ان يجازف بتحقيق كل ما سبق ذكره، ان لم يرضخ الجميع ويقبلوا بمرشحه «الشبح» رئيسا للجمهورية، خلافا لجميع اصول الديموقراطية وقواعدها وثوابتها، من هنا يمكن معرفة ثورة البطريرك الراعي وغضبه على النكل بالمواقف ومخالفة الاتفاقات التي تم التوصل اليها في اجتماعات بكركي، وتأكد له تماما من هي الجهة التي يهمها مصلحة لبنان والمسيحيين، ومن هي الجهة التي تعمل من اجل مصالحها الشخصية ومصالح دول وجماعات لا تعنيها في شيء مصلحة لبنان والشعب اللبناني، واذا كان الراعي يفكر بالتمديد لسليمان ولو لفترة قصيرة، فلانه راع والراعي مسؤول عن رعيته، ويعرف ان الوقوع في الفراغ الغاء للمسيحيين، واهلاك للوطن الذي بنوه حجرا حجرا مع شركائهم فيه وقد يكون دافعه، الحض على النزول الى المجلس النيابي وممارسة الحق المقدس، ليس بالتعطيل والتسبب بالفراغ، بل بانتخاب رئيس للجمهورية يحفظ ديمومتها وبقاءها.
والسؤال الذي يحير البطريرك الراعي في هذه الايما ويحير معه جميع اللبنانيين لماذا قوى 8 اذار، وفي مقدمهم التيار الوطني الحر تضع «فيتو» على جميع المرشحين لمنصب رئيس في حين ان قوى 14 اذار لا تضع «فيتو» على احد ولسان حالها يقول اي مرشح يفوز ديموقراطيا وبرلمانيا وفق الاصول نقبله ونعترف به ونزوره مهنئين، كما ان الدكتور سمير جعجع اعلن انه غير متمسك بترشيحه، وهو على استعداد لبحث انسحابه للرئيس امين الجميل او الوزير بطرس حرب، مع ان هناك احاديث يجري تناقلها تقول ان العماد ميشال عون، قد يلجأ الى تفجير الحكومة والبلد اذا فشلت محادثاته مع «تيار المستقبل» كما نقل عن مصادر في «التيار الوطني» ان عدم تأييد «تيار المستقبل» للعماد عون، يعني انه «قطع علاقته مع القوى التي تمثل الشارع المسيحي»، وكأن عون هو الوحيد الذي يمثل الشارع المسيحي، او الرأي المسيحي، وليس هناك مكان لا للبطريرك الراعي، او رئيس الجمهورية، او الاحزاب المسيحية الاخرى مثل القوات اللبنانية والكتائب والوطنيين الاحرار والكتلة الوطنية والشخصيات والتكتلات الاخرى المستقلة.
في هذا المجال تحديداً، هناك استغراب كبير في «شارع 14 اذار المسيحي» اذا صح التعبير ولدى العديد من فاعليات المجتمع المدني والناشطين فيه، حول موقف «تيار المستقبل» في المحـادثات مع العـماد عون، وهذه الطريقة في الاخذ والرد والتـطويل والتسويـق وعدم البـوح بالكلـمة الفـصل، فاما ان يؤيدونه وتنتهي المعاناة وينتهي معها يوم 14 اذار 2005 المجيد، واما يقولون، لا، نهائيـة ودون الاستعانـة بصديق قريبـا كان ام بعيدا.