مساء اليوم السبت في الرابع والعشرين من شهر أيّار عام 2014 يودّع الرئيس ميشال سليمان قصر بعبدا الذي أمضى فيه ست سنوات كاملة، وهي مُـدّة الولاية التي نص عليها الدستور، وذلك بعد احتفال رسمي تحضره أكثر من 440 شخصية سياسية واقتصادية واجتماعية واعلامية، يلقي خلاله خطاباً جامعاً يتحدث فيه عن إنجازات عهده، وعن الظروف الصعبة التي مر بها هذا العهد، والتي حالت دون ان يشهد هذا الاحتفال عملية التسليم والتسلم بما يتمشى مع النظام الديمقراطي المعمول به في لبنان ويحول دون الوقوع في الفراغ في رئاسة الجمهورية.
الرئيس سليمان يترك القصر الرئاسي وفي نفسه غصة لأن القيادات السياسية اللبنانية ولا سيما قيادات الطائفة المارونية عجزوا عن الاتفاق على رئيس جديد للجمهورية يحل محل الرئيس المنتهية ولايته وسط احتفال رسمي تحضره هذه القيادات وإلى جانبها معظم الفاعليات الاقتصادية والاجتماعية والإعلامية في البلاد.
وحبذا لو يستجيب زعماء الطائفة المارونية المعنيين بالدرجة الأولى بهذا الاستحقاق، ويبادروا إلى انتخاب رئيس جديد يملأ الفراغ في رئاسة الجمهورية ويعيد الاعتبار للنظام الذي يتهاوى بفعل ممارساتهم التي تبنى على ما يتمشى مع مصالح الخارج الذي يهيمن على قرارهم، ويحولهم إلى أداة طيّعة ومسلوبة الإرادة، وكانوا أثبتوا حقيقة وليس بالكلام تمسكهم باستقلال هذا البلد وحرية قراره بمعزل عن التدخلات والضغوط الدولية التي تمارس على الدول الصغيرة والضعيفة.
وإذا كان البعض لا يزال يتفاءل بالخروج من أزمة الاستحقاق الرئاسي لأن الوقت لم يفت بعد، وإن كان تأخر بسبب الصراعات الداخلية التي تحكم وتتحكم بتصرفات القادة الموارنة فانه لا يوجد في الأفق أي مؤشر على أن هؤلاء القادة يستحقون هذا اللقب، بعدما أثبتوا عجزهم عن تحمل المسؤولية في حماية النظام وعدم الوقوع في المحظور الذي طالما حذرت منه بكركي التي تشكّل اكبر مرجعية وطنية للطائفة المارونية في هذا البلد والتي بذلت كل جهدها لتجنب حصول فراغ في أعلى موقع للطائفة في الجمهورية اللبنانية.
لا شك أن التاريخ سيسجل في صفحاته عجز القادة الموارنة عن تحمل مسؤولياتهم وإنقاذ بلدهم وطائفتهم من نتائج تصرفاتهم وممارساتهم الطائشة.