IMLebanon

القصر الأبيض والشمع الأحمر

لا تفتّشوا عن المرأة، لا عن امرأة هتلر ولا عن جوزفين نابوليون، ولا عن جبهة «النصرة» ودولة «داعش» للعراق والشام، ولا عن الأرقام الضائعة بين الثامن والرابع عشر من آذار، بل إن مسؤولية الأرقام تقع على أربعة من الأقوياء ومن طبقة النبلاء في الطائفة المارونية، بهم تُحتكر الرئاسة ومن دونهم لن تكون. وهم بعدما وُلدوا تعطّلت الأرحام فأصيبت الأجسام بالسَقَمِ والولادات بالإعاقات.

وخشية أن يتسلل الى الكرسي مرشح بلا رائحة عطِرة، يقتضي أن يُخْتصر الربيع الماروني بهؤلاء الأربعة عملاً بقول الشاعر السوري عمر أبي ريشة:

«إن الربيع ببعض العطر يُخْتصَرُ»

ولعلّ ما كبَّر رؤوس الأكابر أكثر، هو انزلاق لسان وزير الخارجية الأميركي بالرئيس القوي عندما تكرّم أخيراً بزيارة لبنان، من دون أن يترجم هذا الوزير الى لغته الإنكليزية ما يعني علمياً مفهوم القوّة، عند إبن خلدون الذي رأى «أن القوة هي المعرفة وأن كينونة الإنسان لا تنبع من الأقوى بل من الأعْلم»، وهو لا يعرف بالإنكليزية أيضاً قصة حي بن يقظان لإبن طفيل الذي يستطيع الإنسان فيها بلوغ المعرفة دون الإعتماد على المجتمع الصاخب أو على الدين.

وأياً يكن من أمرِ التفسيرات والإجتهادات، فإننا، ومن موقع الحرص على حياة رجالاتنا الأقوياء ننصح لهم مخلصين بالعزوف عن الترشح، لأن في تاريخنا كما في تاريخ الولايات المتحدة كان الرؤساء الأقوياء من دون غيرهم هم الهدف المتوخىّ للإنقلاب أو للإغتيال.

في بلادنا، رئيسان من الأقوياء تحوَّل انتخابهما الى اغتيال دموي، وهناك أربعة من الرؤساء الأقوياء إنقلبوا عن الكراسي بما يشبه الإغتيال المعنوي.

وفي بلاد العم سام إغتيل أربعة من الرؤساء الأقوياء بدءاً بالرئيس إبراهم لنكولن، وجيمس جارفيلد، وجون كنيدي، ووليام مكينلي، فضلاً عن الذين تعرضوا لمحاولات اغتيال فاشلة، وهو رقم قياسي في تاريخ بلاد حديثة الإكتشاف ودولة تكاد تكون عصرية الوجود، تفصلها عن إسبرطة وأثينا الآف السنين.

ولأننا منذ أيام لاحظنا من على الشاشات أربعة مسلّحين مدجّجين يعتلون السطوح المواجهة لقصر بعبدا، وهم يسددون الرصاص على بيت الشرعية ومكاتبه والمخدع الزوجي فيه، بالرغم من أن القصر قد أُقفْل بالشمع الأحمر وبقي وحده بين القصور الشرعية هيكلاً شاغراً يتحرك بواسطة البطاريات لا بواسطة البشر.

فإن هذا المشهد على رهبته يجعلنا نضّن بالرجال الأربعة الأقوياء من أن يصيبهم مكروه الترشح، وليس عندنا بديل قوي منهم، يتحلّى بعلمهم وخبرتهم وحكمتهم ووحدة صفّهم وسلامة النيّة لديهم والطوّية.

نرجو إذاً أن يستمع الأقوياء عندنا الى نصيحتنا، لا الى نصيحة وزير الخارجية الأميركي، لأننا نخشى، أن يقترح علينا للذكرى والتاريخ، إعادة طلاء القصر الجمهوري باللون الأزرق أو الأصفر أو لون الشمع الأحمر، على غرار اللون الأبيض الرمزي الذي طُليَ به البيت الأبيض في واشنطن بعدما أحرقه الإنكليز.