IMLebanon

القصر بلا رئيس الأحد وبكركي ممتــــعِضة من طرح عون

 

بدءاً من الساعة الأولى بعد غد الأحد تدخل سدّة رئاسة الجمهورية في شغور لا يمكن التكهّن بأمَدِه، لأنّ مصير الاستحقاق الرئاسي يكتنفه غموض حالَ دون انتخاب رئيس جمهوريةٍ جديد خلال مهلة الستّين يوماً الدستورية التي تنتهي عمَلياً مع اللحظة الأولى من الشغور الرئاسي. ولكنّ الحركة الداخلية لإنجاز الاستحقاق لن تتوقّف، إذ ستستمرّ مستأنِسةً بالتطوّرات الإقليمية والدولية التي تُلقي يومياً بتداعياتها على لبنان.

فيما يستعدّ رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان لمغادرة قصر بعبدا بعد غد الأحد تاركاً كرسيّ الرئاسة شاغراً بسبب عدم انتخاب رئيس جمهورية جديد بعد، انطلقَت اجتهاداتٌ أمس حول عمل المؤسسات في ظلّ تسلّم مجلس الوزراء صلاحيات رئاسة الجمهورية دستورياً، واتّجاه النواب المسيحيّين إلى مقاطعة الجلسات النيابية التشريعية رفضاً للتشريع في ظلّ الفراغ الرئاسي الذي بدأ يتسلل إلى القصر الجمهوري مع انقضاء المهلة الدستورية وعدم اكتمال نصاب الجلسة الانتخابية الخامسة التي انعقدَت أمس من دون انتخاب رئيس جمهورية جديد، والتي أعقبَها تبادل اتّهامات سياسية بالجملة، وتحميل كلّ طرف المسؤولية عن الفراغ وتضييع فرَص الإنتخاب للطرف الآخر، فيما تمنّت البطريركية المارونية «حصول أعجوبة، وإذا لم تحصل، فعلينا أن نعرف كيف نحزم أمرَنا، وكيف نحافظ على وجودنا وعلى بعضنا البعض، وأن لا نتشتّت ونضيع».

برّي

في غضون ذلك، قال رئيس مجلس النواب نبيه برّي في ختام اليوم النيابي الطويل مساء أمس إنّه «بعد انقضاء أيام على انتهاء المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس الجديد وانتهاء ولاية سليمان، سأدعو إلى جلسات انتخاب دورية، لكن قبل ذلك، من اليوم وحتى الايام الأولى من الشغور الرئاسي فإنّ مجلس النواب هو في حالة انعقاد دائم الى حين توافر الظروف الإيجابية التي تتيح انتخاب الرئيس العتيد، فأُبادرعندئذٍ إلى تحديد موعد لجلسة انتخاب».

واستغربَ برّي تفسيرَ البعضِ الخاطئَ للإعلان عن أنّ جلسات مجلس النواب مفتوحة، وتصوير الأمر وكأنّه حضور دائم. وقال: «ما الفائدة من حجز النوّاب يومياً في المجلس إذا لم يكن هناك اتّفاق على إكمال النصاب الدستوري والقانوني لجلسة الإنتخاب»؟.

وأشار إلى أنّ «المشكلة في موضوع إنجاز الإستحقاق الرئاسي ليست في مجلس النواب، بل هي عند الأطراف السياسيّين الذين لا يتّفقون على انتخاب رئيس جمهورية جديد».

وردّاً على سؤال آخر، أكّد بري تمسّكه بالجلسة التشريعية المقرّرة في 27 الجاري والمخصّصة لدرس وإقرار سلسلة الرتب والرواتب للعاملين في القطاع العام، وأعلن أنّه لا يريد تسجيل سابقات لتعطيل دور مجلس النوّاب التشريعي بذرائع، منها الفراغ الرئاسي، بعد ذريعة عدم مثول حكومة مستقيلة أمام مجلس النواب، التي أدّت إلى تعطيل التشريع أيام استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي.

وقال: «من لا يُريد أن يحضر الجلسات التشريعية فهو حُر، ولكن إذا حصلَ هذا الأمر فإنّه يتعارض والديموقراطية وانتظام عمل المؤسسات في البلاد».

«التيّار الوطني الحر»

وإلى ذلك، قالت مصادر بارزة في «التيار الوطني الحر» لـ»الجمهورية» إنّه لا يزال من المبكر الحديث عن مقاطعة وزراء «التيار» جلسات مجلس الوزراء، فرئيس الجمهورية لا يزال في بعبدا حتى الساعة، والفراغ لم يحصل بعد. وكشفَت أنّ تكتّل «التغيير والإصلاح» سينعقد استثنائياً الإثنين المقبل للبحث في الخطوات التي ستُعتمد في مرحلة ما بعد الفراغ، وسيُعلنها رئيس «التكتل» النائب ميشال عون في مؤتمر صحافيّ يعقده إثر الإجتماع ويتحدّث عن سُبل التعاطي مع مرحلة الفراغ في الحكومة أو في المجلس النيابي.

جعجع

ومن جهته، وصف رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع ما جرى أمس في مجلس النواب بأنّه «يوم حزين» معتبراً الأمر «مصادرة للاستحقاق الرئاسي»، ومُبدياً الأسى حيال «إضاعة فرصة انتخاب رئيس حقيقي وفعليّ منذ 24 عاماً». وقال: «إنّ فريق 8 آذار لم يشارك في الجلسات لأنّه لم يكن واثقاً من فوز مرشّحه، فأدخلَ البلد في فراغ وعطّل إمكان أن يكون الاستحقاق طبيعياً ولبنانياً، كما عطّل مجيء رئيس قويّ، فقط لأنّه لا يرضى إلّا بمرشّحه». وأعلن «أنّ نوّاب «القوات» لن يشاركوا في جلسات مجلس النواب التشريعية بعد الفراغ، إلّا في بعض الحالات الاستثنائية، كإقرار قانون انتخابيّ جديد».

14آذار»

من جهتها، وصفَت الأمانة العامة لقوى 14 آذار المرحلة بأنّها «من أخطر المراحل التي مرّ بها لبنان» وأعلن منسّقها العام النائب السابق فارس سعيد أنّ هذه القوى «ستواجه هذه المرحلة موحّدة».

طرح المثالثة

في غضون ذلك، انشغل الوسط السياسي بكلام عون أمس الأوّل عن مثلّث القوّة الذي يمثّله هو والرئيس سعد الحرير ي والأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، واتّهمه بعض السياسيين بأنّه يسعى من خلال هذا الكلام الى «المثالثة».

مصادر بكركي

وفي هذا السياق أكّدت مصادر بكركي لـ»الجمهورية» أنّ «البطريركية المارونية ترفض في المطلق كلّ الطروحات التي تخرج عن روح الميثاق والدستور الذي أقرّ المناصفة بين المسلمين والمسيحيين مهما بلغ عدد كلّ طائفة»، لافتةً إلى أنّها «أبدت امتعاضها الشديد من الطرح الذي يقول إنّ الاستقرار في لبنان يقوم على مثلّث ثلاثي الأضلاع»، معتبرةً أنّه «يشكّل تمهيداً للمثالثة المرفوضة، كذلك، فإنّ هذا الطرح يقوم على أشخاص، فيما الأوطان تُبنى بالمؤسسات الصلبة، وأهمّها رئاسة الجمهورية»، واستغربَت «صدور هذا الطرح عن جهة مسيحية مرشّحة للرئاسة».

ودعت المصادر أصحاب هذه الطروحات الى «القيام بواجبهم الدستوري وتأمين النصاب لانتخاب رئيس، بدل اللعب بالتركيبة اللبنانية، لأنّ أيّ تقليص لدور المسيحيين وحصّتهم في الدولة هو خطّ أحمر، وبكركي لا تقبل بمزيد من التنازلات»، ورأت أنّ «هذا الطرح خطير، لأنّه يأتي في وقت لا يوجد فيه رئيس جمهورية، وعندما نبدأ بالبحث في توازنات جديدة قد نصل الى نتائج لا تُحمد عقباها، فبكركي من الآن وصاعداً ستقول عن الأبيض أبيض وعن الأسوَد أسود، ولن تهادن أيَّ معطّلٍ للانتخابات الرئاسية، سواءٌ أكان مارونياً أو إلى أيّ طائفة انتمى».

وأبدت مصادر بكركي مخاوفَها من «استغلال الفراغ للقيام بعمل أمنيّ يفرض ميزان قوى جديداً على الساحة اللبنانية، فالراعي يتذكّر جيّداً أنّه في العام 1988 بعدما حصل الفراغ وقعَت حربان، وعام 2007 وقعَت حرب «7 أيار» وذهبنا إلى الدوحة، ومن يضمن أن لا تقدِم الجهة التي حرّكت النقابات في 5 أيّار 2007 على تحريك الشارع، مستغلةً حركة التنسيق النقابية، ففي تلك المرحلة كرّسوا الثلث المعطّل، أمّا الآن فماذا يريدون من حصّة الموارنة؟».

وأكّدت المصادر أخيراً أنّ «بكركي ترفض التشريع في غياب رئيس الجمهورية، وأيّ عمل من هذا النوع بعد 25 أيّار غير ميثاقي، والتحجُّج بالأمر الطارئ هو في غير مكانه، لأنّه

لا يوجد طارئ أكثر من انتخاب رئيس».

وعُلم أنّ بكركي تتّجه بعد انسداد الأفق الرئاسي إلى طرح مبادرة تدعو إلى انتخاب رئيس يتوافق عليه الجميع. كذلك تتّجه إلى استنفار الشارع المسيحي بغية وضع الجميع أمام مسؤوليّاتهم.

«حزب الله»

من جهة أخرى، نفى عضو المجلس السياسي في «حزب الله» غالب ابو زينب أن يكون الحزب وقّع ورقة مع بكركي لالتزام تأمين النصاب في جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، مؤكّداً أنّ «هذا الكلام عارٍ من الصحّة جملةً وتفصيلاً». وقال أبو زينب خلال افتتاح الجامعة الاميركية للتكنولوجية: «على رغم أنّنا بذلنا ولا نزال كلّ ما نستطيع من أجل انتخاب رئيس جديد للجمهورية ضمن المهلة الدستورية، وقد عملنا في هذا الصدد بالسرّ أكثر منه في العلن، فإنّنا لم نوقّع أيّ ورقة مع أحد ولو وقّعنا أيّ شيء مع بكركي لكُنّا أعلنّاه، وهذا يشرّفنا»، لافتاً إلى أنّ «موقفَنا معروف، ونحن مع إجراء الانتخابات في وقتها، وإذا حصل توافق على شخصية الرئيس سنكون من الداعمين والعاملين على تأمين النصاب».

مصادر «التيّار الحر»

ومن جهتها، ردّت مصادر «التيار الحر» عبر «الجمهورية» على متّهمي عون بالسعي إلى المثالثة قائلةً: «إنّ الضجّة حول كلامه الأخير لا معنى لها، وهم يُفهِمون أنفسَهم خطأً، فما قاله العماد عون كان واضحاً جدّاً. لقد تحدّث عن اشخاص يتّفقون على تطبيق الدستور اللبناني وليس على تعديله. وهناك من يحاول اليوم إخافة الناس بطرح المثالثة مجدّداً وتغيير الدستور، بعدما وجد نفسَه خارج اللعبة، لذلك يحاول أن يسجّل نقاطاً قدر الإمكان». وأضافت: «قلبُنا مع قلب النائب أنطوان زهرا على الدروز، ونعتقد أنّ الدروز لن يصدّقوا هذا الكلام، فالوقت الآن ليس للاستغلال وإنّما للعمل الجدّي من أجل انتخاب رئيس جمهورية جديد».

وردّ عضو تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ابراهيم كنعان على جعجع، وقال: «لم يتمّ طرح المثالثة، بل التفاهم بين قيادات لتعزيز المناصفة».

بين العونيّين و«القوات»

وكانت ساحة النجمة شهدَت على هامش انفراط عقد الجلسة الانتخابية سجالاً «قوّاتياً» ـ «عونياً» حول طرح المثالثة، فقالت عضو كتلة «القوات» النائب ستريدا جعجع إنّ عون بطرحِه «نسَف المناصفة واتّفاق الطائف»، واعتبرَت أنّه «لا يمثّل جميع المسيحيين، وكذلك الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله لا يمثّل جميع الشيعة». وسألت: «أين الطوائف الأخرى، ومنها الطائفة الدرزية مثلا»؟

وبدوره زهرا، ردّ على كلام عون عن «المثلّث الثلاثي الأضلاع»، فرأى «أنّ هذا المنطق لا يستقيم»، سائلاً «إذا تحدّثنا عن مثلّث الأضلاع، فالطائفة الدرزية في أيّ ضلع»؟

لقاء موسّع لقوى 14 آذار

وعقدَت قوى 14 آذار ليل أمس اجتماعاً في»بيت الوسط»، وأكّد أحد المشاركين فيه قبيلَ انعقاده لـ»الجمهورية» أنّه اللقاء الأوسع الذي لم يُعقَد منذ فترة طويلة في حضور رؤساء الكُتل النيابية، وجدول أعماله متشعّب، من تقويم نتائج جلسة الانتخاب الخامسة التي عطّلها عدم اكتمال النصاب أمس، وصولاً إلى ما تداولته الأوساط السياسية عن الحوار بين تيّاري «المستقبل» و»الوطني الحر» وسُبل مقاربة المرحلة المقبلة بعد تعطيل النصاب للمرّة الخامسة على التوالي.

وشاركَ الوزيران بطرس حرب وميشال فرعون في جانبٍ من هذا الاجتماع قبل أن يعودا إلى السراي الحكومي للانضمام إلى جلسة مجلس الوزراء.