كتب عبد الامير بيضون:
تشابكت الملفات السياسية والأمنية والاجتماعية والمطلبية على نحو غير مسبوق في لبنان، بالتزامن مع تطورات إقليمية لافتة، بعضها قديم من مثل الأحداث في العراق وسوريا، وبعضها جديد، قديم من مثل الحرب الاسرائيلية المفتوحة على قطاع غزة، حيث سقط في أقل من ثلاثة أيام نحو 90 شهيداً وأكثر من 560 جريحاً، غالبيتهم الساحقة من المدنيين والنساء والأطفال، وسط صمت مريب دولياً وإقليمياً وعربيا، باستثناء لبنان الذي شهد تحركات تضامن مع أهل غزة والضفة والقدس… هذا في حين أعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو: ان وقف اطلاق النار مع «حماس» »ليس على جدول الأعمال…».
ووسط حال المراوحة على خط انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتفاقم الضغوطات حول الملفات المطلبية – المعيشية، التي تحمل في طياتها بذور أزمات مفتوحة على الكثير من الاحتمالات، فقد برزت الى العلن بعض المساعي الجارية للتمديد للمجلس النيابي… في حين لايزال الهم الأمني مسيطراً، وتعزز أكثر، مع الحرب الاسرائيلية على غزة، واحتمال زج لبنان في هذه الحرب عبر اطلاق صواريخ من الجنوب باتجاه فلسطين المحتلة، الأمر الذي يوفر لاسرائيل «ذريعة كي تمارس أي عدوان آخر على لبنان…» على ما نبه منه أمين سر حركة فتح وفصائل منظمة التحرير في لبنان فتحي ابو العردات… في وقت حذر وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، مجلس الوزراء من احتمال حصول تفجيرات انتحارية جديدة في البلاد.
ملف الجامعة الى جلسة لاحقة والأساتذة يهددون بالتصعيد
وفي وقت غابت عن واجهة المشهد أي اشارات ايجابية باتجاه ازالة المعوقات من أمام الاستحقاق الرئاسي الذي حضر (أول من أمس) في مجلس الأمن من زاوية «الحث على انتخاب رئيس جمهورية في أسرع وقت» انشغل اللبنانيون بالملفات الحياتية والمعيشية والاجتماعية، التي حضرت على طاولة مجلس الوزراء يوم أمس، في جلسة وصفت بـ«الماراتونية» لم يتمكن في نهايتها من بت أبرز هذه الملفات وهو ملف الجامعة اللبنانية، وأرجىء الى جلسة لاحقة، على رغم المساعي الحثيثة التي بذلها وزير التربية الياس بوصعب، مع الافرقاء السياسيين الذين لديهم «ملاحظات واعتراضات»… وملف سلسلة الرتب والرواتب، والملف المالي حيث برزت مواقف متناقضة بين من يريد ان يكون التشريع داخل مجلس النواب، وهو موقف وزير المال علي حسن خليل وفريقه، وبين من يريد المضي في سياسات سابقة اعتمدت بموجب قرارات سلف في مجلس الوزراء، لكن وزير المال رفض… كما وملف النازحين السوريين الذي كشف عن اختلاف في وجهات النظر حول مسألة المخيمات…
ووسط إجراءات أمنية مشددة نفذ الأساتذة المتعاقدون في الجامعة اللبنانية اعتصاماً في ساحة رياض الصلح بالتزامن مع جلسة مجلس الوزراء، مطالبين باقرار ملف التفرغ، ونصبوا خيمة رمزية حيث زارهم الوزير بوصعب وأطلعهم على مشروع المرسوم الذي رفعه الى المجلس، مشيراً الى ربط بعض الاطراف الملف بالخلافات السياسية… ولاحقاً عمد الأساتذة الى قطع إحدى الطرق الفرعية في ساحة رياض الصلح وحاولوا الدخول الى السراي الحكومي اثر ورود معلومات عن تعثر اقرار الملف وفي الاعتصام تحدثت ميرفت بلوط باسم الاساتذة المتعاقدين مؤكدة ان «الجامعة اللبنانية مهددة بالانهيار والاقفال في حال عدم تنفيذ القرار…» ومؤكدة «استمرار مقاطعة تصحيح الامتحانات في حال عدم اقرار التفرغ وتصعيد التحركات».
بدورها حذرت هيئة التنسيق النقابية الفريق الذي يعرقل اقرار السلسلة من أنه سيتحمل مسؤولية ضياع العام الدراسي المقبل…
التمديد لمجلس النواب… اشارات دالة
ووسط الحالة الضبابية السائدة في الداخل، والتطورات الأمنية في المحيط، بدأ الحديث عن احتمال التمديد لمجلس النواب، يتظهر أكثر، و«على عينك يا تاجر»… حيث كشف النائب نقولا فتوش عن «الأسباب الموجبة للتمديد مرة أخرى…» تحت يافطة «سلامة الشعب هي الأسمى»…
وإذ نفى فتوش ان يكون مكلفاً من أحد بوضع اقتراح قانون يرمي الى التمديد للمجلس النيابي، إلا أنه وفي المقابل لم يتردد في دعوة النواب الى «الاحتكام لضمائرهم وتحمل مسؤولياتهم، اذا عرض اقتراح بالتمديد على المجلس… لأن التمديد، على ما قال، بات مسألة مفصلية، بل مصيرية تتجاوز حدود المماحكات السياسية…» داعياً «من يريد ان يعارض مثل هذا الاقتراح ان يستقيل من النيابة، لا ان يكتفي بالاعتراض…».
غير ان عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب ميشال موسى المقرب جداً من الرئيس نبيه بري، أكد ان «لا قرار حتى الآن بالتمديد لمجلس النواب، وان لا مانع من اعتماد قانون الستين الحالي…».
تواصل «أمل» و«المستقبل»
وعلى الضفة المعارضة للتمديد، فقد رأى نائب رئيس مجلس النواب الأسبق ميشال معلولي، ان «المطالبين بالتمديد للمجلس النيابي إنما يمعنون في تعطيل النظام الديموقراطي البرلماني…» وأشار الى ان قانون التمديد للمجلس العام الغائب، لم يكن مستنداً الى أسباب موجبة، والدليل على ذلك هو تعطيل المجلس الدستوري بحجة عدم اكتمال النصاب…».
وتوقعت مصادر ان يدخل ملف التمديد بدوره سوق البازارات السياسية وأوضحت ان وتيرة المناقشات في شأن هذا الملف «سترتفع تدريجياً، بحثاً عن صيغة توافقية تتيح التمديد لمجلس النواب لفترة تتراوح بين السبعة أشهر والسنة ونصف السنة»، من دون أية ضمانات بأن هذا «التوافق» – ان حصل – يشكل بداية مخرج للأزمة الرئاسية، بعد مد خطوط التواصل بين أكثر من فريق سياسي… لاسيما بين «المستقبل» والرئيس نبيه بري عبر الوزير علي حسن خليل ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري الذي توجه الى جدة لوضع الرئيس الحريري في حصيلة المشاورات.
العدوان الاسرائيلي على غزة وتحذيرات من استغلال الجنوب
الى ذلك فقد حضر العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، لليوم الثالث على التوالي، حيث سقط اكثر من 80 شهيدا و 540 جريحا من المدنيين الفلسطينيين، في العديد من المتابعات والاهتمامات على الساحة اللبنانية …
وفي هذا فقد استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة امس، عضو المجلس الوطني الفلسطيني باسل عقل، وعرض معه للاوضاع والتطورات الراهنة والعدوان الاسرائيلي علىغزة …
بدورها اعتبرت عضو كتلة «المستقبل» النائب بهية الحرير ان «ما يجري في غزة من مجازر ترتكبها اسرائيل هو جريمة بحق الانسانية جمعاء …» داعية المجتمع الدولي الى ان «ينتصر لشرعته في حقوق الانسان وحماية المدنيين في غزة والضفة من آلة القتل الاسرائيلية …
وقالت الحريري خلال استقبالها وفدا من القيادة السياسية الموحدة للفصائل والقوى الفلسطينية: «اننا على المستوى العربي احوج ما نكون اليوم لاعادة تصويب الوجهة نحو فلسطين لان معركتنا الاساسية هناك …»
من جهته تحدث امين سر حركة فتح وفصائل منظمة التحرير فتحي ابو العردات قائلا: «نحن نقوم بنصرة اهلنا بما يسمح ونأخذ بحساسية الوضع داخل لبنان وبالتنسيق مع الدولة اللبنانية، لاننا لا نريد ان نقدم اي ذريعة لاسرائيل كي تمارس اي عدوان آخر على لبنان…».
وفي الشمال جابت مخيم البداوي مسيرة حاشدة رفضا للصمت العربي ازاء المجازر التي يرتكبها العدو الصهيوني في حق الشعب الفلسطيني، وكذلك اقامت المنظمة النسائية الديموقراطية الفلسطينية في مخيم نهر البارد «وقفة تضامنية مع اهلنا في القدس وغزة والضفة، دعما لمقاومة وصمود اهلنا في الوطن المحتل…»
وقد صدرت ادانات واستنكارات عن نقابة المهندسين في بيروت ورئيس حركة الشعب نجاح واكيم، والنائب السابق اسماعيل سكرية ورئيس حزب الوفاق بلال تقي الدين …
طرابلس … اعتصامات وقطع طرق
ولم يغب الملف الامني عن مداولات مجلس الوزراء، في ضوء المداخلة التي قدمها وزير الداخلية نهاد المشنوق وتتعلق بالاوضاع الامنية، التي شهدتها طرابلس في الايام الماضية حيث واصل اهالي الموقوفين في حوادث طرابلس الاخيرة قطع الطريق الرئيسية بين عاصمة الشمال وعكار عند مستديرة ابو علي، مؤكدين عدم فتحها الى حين الافراج عن جميع الموقوفين مهددين بتصعيد التحرك في حال عدم التجاوب معهم.
وبحسب المعلومات فقد اقترح الوزير المشنوق «تصويب الخطة الامنية في طرابلس لتحقيق المساواة والعدالة …» من غير ان يستبعد حصول تفجيرات انتحارية جديدة في البلاد…
وفي هذا، فقد شدد عضو كتلة «المستقبل» النائب احمد فتفت على ضرورة ان «يشعر الناس بان لا صيف وشتاء تحت سقف واحد …» مؤكدا اننا «سنعالج ملف الموقوفين بمسؤولية…».