IMLebanon

الكل ضد الإرهاب.. فلماذا يختلفون على مواجهته؟

عرسال مهدّدة بالتكفيريين.. وبإلغاء هويتها الوطنية

الكل ضد الإرهاب.. فلماذا يختلفون على مواجهته؟

 

بعدما وقع المحظور في عرسال، لم يعد ينفع البكاء على الأطلال، أو استرجاع الماضي لمحاسبة كل من تسبّب بما حصل أو منع الوصول إليه على مدى السنوات الثلاث الماضية.

في المحصلة، ضربت «العاصفة الداعشية» لبنان من «البوابة العرسالية»، لكن المؤسف، وفق مرجع سياسي لبناني، أن البعض، وبدلاً من ان يساهم في تنفيس الورم ومحاولة إيجاد وصفة شافية له، يحاول أن يعمق الجرح لا بل يضع الملح فيه عبر الإصرار على التعاطي مع عرسال كمجال للاستثمار السياسي او الانتخابي، وبالتالي، الإصرار على تجريد عرسال من هويتها الوطنية بهوية مذهبية، وهذه جريمة بحق حاضرها وتاريخها ومستقبلها، لا بل قد تجعلها شرارة فتنة مذهبية تهدد كل لبنان.

وإذا كانت قيادة الجيش قد شخّصت ما جرى ويجري بأنه كان محضّراً سلفاً وبأنه أخطر ما تعرّض له لبنان واللبنانيون، ويطال الجميع من دون استثناء، فإن دق ناقوس الخطر يضع الجميع أمام أحد خيارين:

الأول، دفن الرؤوس في الرمال والتسليم للأمر الواقع ومبايعة «الداعشية» سياسياً.

الثاني، اعتماد الواقعية وعدم إنكار الحقائق، او جلد من يكشف عنها، على غرار ما جرى مع وزير الدفاع السابق فايز غصن عندما كشف عن وجود تنظيمات إرهابية، فقامت الدنيا ولم تقعد إنكاراً لذلك. ويفرض الخيار الواقعي على القوى السياسية عدم ترك الجيش وحده في الميدان، بل احتضانه لاستئصال هذا المرض، «لأن الكلفة مهما كبرت ستكون أصغر بكثير مما إذا تفاقم المرض وتفشى في الجسم اللبناني»، يقول المرجع نفسه.

في موازاة ذلك، تنبري كل القوى السياسية من سعد الحريري الى «حزب الله» وسائر قوى 8 و14 آذار، وما بينهما للقول إنها ضد الارهاب التكفيري، ويصبح السؤال هنا، لماذا إذاً تختلف على مواجهته؟ وهل تحتمل اللحظة توزيع أدوار بين «صقور» و«حمائم»، بدليل أن سعد الحريري قال شيئاً، سرعان ما أدلى بعكسه كل من خالد الضاهر ومعين المرعبي ومحمد كبارة؟ وإذا كان ممكناً صياغة موقف موحد، لماذا تأخرت حكومة المصلحة الوطنية في الاجتماع، وهل تملك جرأة اتخاذ قرارات حاسمة تغطي الجيش من جهة وتثبت تماسكها من حوله من جهة ثانية، خصوصاً أن بعض وزرائها يدعون الى الحزم في مواجهة الإرهاب، فيما يرى البعض الآخر أن الحوار هو السبيل الوحيد لحل ما يجري في عرسال؟ واذا كان الجيش السوري النظامي يقوم بمحاربة الإرهاب التكفيري في الجانب السوري من الحدود، بشراكة كاملة مع «حزب الله»، أليس على الدولة اللبنانية في مواجهة هذا الخطر الدائم والداهم أن تقوم بهذا الواجب من داخل لبنان؟

تبعاً لما تقدم، يقول المرجع السياسي نفسه «إنه لم يعد بمقدور أحد أن يزيف الامور او يكذب الحقائق، بل صار الكل معنياً بالإجابة عن السؤال التالي هل هم معنيون بالمواجهة ام لا، هل هم معنيون بحماية البلد وأمن الناس، أم أن هناك من سيبقى مصراً على استخدام المنطق الذي ساد قبل أحداث عبرا، علماً أن احداث عرسال اليوم هي كرة نار متدحرجة بشكل أخطر وأوسع مما جرى في عبرا»؟

يستحضر المرجع المذكور الطريقة التي تمّت فيها مقاربة حالة أحمد الأسير في صيدا، والتي تجلت بالمسايرة حيناً وبتبويس اللحى حيناً آخر وكانت النتيجة المعروفة من أحداث مسجد بلال بن رباح الى الانتحاريين الذين ترعرعوا في حضنه، للقول إن معالجة الحدث العرسالي بالطريقة ذاتها «ستضع البلد أمام خطر الانقسام والتشرذم الأهلي، وستعرضه لمزيد من الرياح الخطيرة التي بدأت تهب عليه ليس من العمق السوري بل من العمق العراقي أيضاً».