IMLebanon

الكنيسة تخشى مغامرة التعديلات الدستورية

القلق المسيحي يتزايد على موقع الرئاسة

الكنيسة تخشى مغامرة التعديلات الدستورية

ليس صحيحا أن النائب ميشال عون رمى حجرا في مياه السياسة اللبنانية الراكدة. تكبير الحجر لا يصيب، لا المياه ولا الحياة السياسية المتخشبة.

ليس صحيحا ايضا أنه اندفع الى المواجهة ورفع السقف في مبادرته الأخيرة، كما يحاول مناصرو «التيار الوطني الحر» التسويق. فالأمور في خواتيمها. واذا كانت منطلقات الطرح العوني أقرب الى «قانون أرثوذكسي رئاسي»، فليس من الصعب توقع مصير هذا الطرح ومآله في طواحين السياسة اللبنانية.

لا يمكن الحصول على إجابات وتحليلات متماسكة ومحددة من عدد من أعضاء «تكتل التغيير والإصلاح» أو المسؤولين في «التيار» حول من يدعم مبادرة «الجنرال»، سواء من الحلفاء أو الخصوم. تتراوح الإجابات بين «كوننا والحق أكثرية»، وبين «تاريخنا في خوض المعارك المحقة حتى لو تركنا كل العالم». أما الخصوم فقد سارعوا الى الانقضاض على الطرح «العوني» بحدة، كل لأسبابه. انضم الى هؤلاء، في الحلقات الضيقة والمتوسطة، أساقفة واكليروس في الكنيسة المارونية، منهم من كان حتى الأمس القريب يدافع عن طروحات عون.

اتسعت الفجوة بين طرح الكنيسة المحدد اليوم بأولوية انتخاب رئيس للجمهورية، وطروحات عون التي تبدأ بتعديل دستوري وتمر بانتخابات نيابية لتنتهي الى انتخاب رئيس من الشعب.

بحسب أحد المسؤولين الكنسيين، فإن «ما سُمي مبادرة من جانب العماد عون يأتي في الزمان والظروف الخطأ. ليس الأوان الآن لورشة تعديلات دستورية وفتح الأبواب على المجهول. الأولوية الوحيدة اليوم هي لملء الشغور في كرسي الرئاسة الأولى». لا يخفي المسؤول الكنسي تخوفه من الغلبة العددية في مسألة انتخاب رئيس من الشعب. يقول «اننا نفتح أبوابا على المجهول في وقت خضنا معارك كثيرة للحفاظ على التوازن واحترام المناصفة. لا نحتاج الى دراسات دقيقة وإحصاءات تفصيلية لنعرف أن الأعداد في لبنان لم تعد تميل لمصلحة المسيحيين. توافق اللبنانيون على عدم الاحتكام للعدد واحترام المناصفة كوسيلة من وسائل التمسك بالصيغة اللبنانية وفرادة التجربة، والبناء على إيجابيات وغنى عيشنا المشترك. لماذا إضافة سبب خلافي وتصديع توافقاتنا في زمن الانقسامات والتهديدات من كل صوب؟». أضاف «قد تكون منطلقات العماد عون إيجابية لجهة رفضه رهن القرار اللبناني وانتخاب رئيس للجمهورية فيه لإرادات خارجية، وهو يرغب في وضع هذه المسألة في أيدي الشعب مصدر كل السلطات. لكن الامور لا تتم بالنيات. لها توقيتها ومسارها وظروفها وضرورة التوافق عليها، خصوصا في بلد كلبنان. بالتالي، حتى لو كان مقصد العماد إيجابيا، إلا انه غير قابل للتطبيق في الظرف الراهن».

ما قاله هذا المسؤول الكنسي بحد أدنى من الديبلوماسية، عبّر عنه آخر بأسلوب أكثر مباشرة، معتبرا أنه «لا يحق للعماد ميشال عون، ولا لأي مسؤول سياسي سواه، ان يضيف الى صعوبات المسيحيين تحديات جديدة. فطموح أي كان في الوصول الى رئاسة الجمهورية لا يُبرر اللعب بالدستور أو الاستحقاقات، أو حتى التوافقات اللبنانية».

لكن ألا تتحمل بكركي في حصرها الاستحقاق الرئاسي والتوافق حوله بأربعة قادة سياسيين مسيحيين مسؤولية الوصول الى ما وصلنا اليه، واعتبار كل واحد منهم أن له حق الأمر والنهي في الاستحقاق الرئاسي؟ يجيب المصدر أن «ما أقدمت عليه بكركي كان من باب حرصها على تذليل العقبات وتقريب وجهات النظر بين المختلفين، على أمل الوصول الى توافقات على الخطوط العريضة والثوابت التي تؤمن انتخاب رئيس. ان الكنيسة تفتخر بالتعددية في الحياة السياسية في الوسط المسيحي وتشجع على التنوع الذي يعني الترجمة العملية لكل ديموقراطية». ويشير الى انه تجري الاستعدادات للقاء يجمع عددا من المسؤولين المسيحيين في رعاية بكركي «على أمل الوصول الى تفاهمات مشتركة».

في الانتظار، يضيف العماد عون خصوما، ومتحفظين جدداً على طروحاته ومبادراته. والمتحفظون هنا ليسوا أفرادا أو شخصيات سياسية، انها الكنيسة، بثقلها المعنوي في السياسة والاجتماع. وفيما يقول مسؤول في «التيار الوطني الحر» ان «تيارنا الحريص على أفضل العلاقات مع كل المرجعيات والمؤسسات الدينية، يبقى في جوهره تيارا مدنيا»، تبقى المفارقة ان مبادرة «التيار» ترزح تحت ثقل تعابير مثل «انتخاب المسيحيين، حقوق المسيحيين، استعادة التوازن للمسيحيين والطائفية هي أساس نظام لبنان…».