IMLebanon

اللبنانيون يستأنفون حياتهم… والمهرجانات الفنية

استعاد اللبنانيون أنفاسهم أمس وواصلوا حياتهم المزدوجة التي تترتب على استنفار الأجهزة الأمنية في خطواتها الاستباقية لكشف الخلايا الإرهابية الانتحارية من جهة ولتبديد القلق منها بالانصراف الى التهيؤ لبدء شهر رمضان المبارك وفريضة الصوم ومتابعة المونديال والمهرجانات الفنية الصيفية، التي كانت بدأت أول من أمس بافتتاح مهرجان بيت الدين بحفلة للفنانة ماجدة الرومي وسط حضور حاشد، فيما يتوالى افتتاح المهرجانات الفنية الخميس المقبل بمهرجان مدينة جبيل على أن تفتتح مهرجانات بعلبك في 30 تموز (يوليو) المقبل وغيرها.

وبينما واصلت الأجهزة الأمنية تحقيقاتها مع الانتحاري الثاني الذي لم يتمكن من تفجير نفسه في فندق (دو روي) في محلة الروشة، علي الثويني ليل الأربعاء الماضي، لكشف المزيد من التفاصيل عن المهمة المكلف بها مع رفيقه الذي فجر نفسه بالحزام الناسف عبدالرحمن ناصر الشنيفي، تابعت تعقبها لمشغّل الانتحاريَين، اللبناني المنذر خلدون الحسن الذي يحمل الجنسية السويدية.

وعلى رغم تأثر الحركة السياحية بالتفجيرات الانتحارية الثلاثة التي شهدها لبنان منذ الجمعة الماضي في 20 الجاري في ضهر البيدر ثم في الطيونة، وفي فندق «دو روي» في الروشة قبل يومين، بمغادرة بعض السياح العرب عدداً من الفنادق، فإن مصادر أمنية أكدت لـ «الحياة» أن ما حصل يدل على أن الأجهزة الأمنية ساهرة لأن حركتها الوقائية حمت اللبنانيين والسياح على السواء. وإذ عادت حركة السير الى طبيعتها في بيروت وعند مداخلها ومخارجها أمس، فإن وزير السياحة ميشال فرعون قال إن «الحجوزات قبل تفجير ضهر البيدر كانت تفوق 90 في المئة في الفنادق، وانخفضت الى حدود 60 في المئة بعد التفجيرات»، لكنه أشار الى أنه «لا يمكن تقويم الأوضاع السياحية نظراً الى وقوع شهر رمضان في فصل الصيف»، متوقعاً أن تعود الحجوزات لترتفع 15 في المئة مع حلول عيد الفطر. وقال: «نريد أن نخفف من منسوب القلق وفي الوقت ذاته نعمل من خلال القوى الأمنية على مواجهة الإرهاب بكل الوسائل، ونفى فرعون أن يكون موضوع فرض تأشيرات على السياح العرب قد طرح في جلسة مجلس الوزراء أول من أمس والإجراءات الأمنية تسمح بمواجهة الإرهاب من دون قرار بخصوص فرض تأشيرات لأن طرحه ينعكس سلبياً». وأضاف: «لا نريد التخفيف مما جرى ولا تضخيم الأحداث».

واتخذت القوى الأمنية أمس تدابير في محيط المساجد لمناسبة صلاة الجمعة فسيّرت دوريات حولها واستخدمت الكلاب البوليسية، فيما تابع الأمن العام اللبناني التدقيق في هويات النزلاء العرب والأجانب في فنادق العاصمة وفي المناطق اللبنانية كافة. ونفت مصادر أمنية ما ذكر أمس عن أن المنذر الحسن الذي تلاحقه الأجهزة شوهد يغادر مخيم البداوي الفلسطيني في الشمال وأنه هرب الى جرود عكار، مؤكدة أنه إذا كان من معلومات عنه فإنها لن تسرب، لأنها تساعده على الهرب.

وذكرت مصادر متابعة للتحقيقات في ملف انتحاريي فندق «دو روي» أن السعودي الناجي من الموت علي إبراهيم الثويني والذي كان أصيب بحروق بعد مقتل زميله الشنيفي بحزامه الناسف، نقل الى أحد المستشفيات للمعالجة بعدما أدلى بالمزيد من الاعترافات. وأشارت المصادر الى أن الاشتباه بالشنيفي والثويني الذي أدى بقوى الأمن العام الى مداهمة فندق «دو روي»، حصل بسبب حجزهما مع المنذر الحسن غرفاً في 3 فنادق، وأن أحدهم تنقل بين فندقين منهما، هذا فضلاً عن أن السعوديين بقيا في غرفتهما من دون الخروج منها أو الاختلاط بأحد، ما استدعى إخضاعهما للمراقبة.

وأشارت المصادر الى أن هوية الثويني صحيحة لكنه يحمل جواز سفر ثانياً مزوراً، تكتمت المصادر عن ذكر الدولة التي انتحل من خلاله جنسيتها. وذكرت أن الانتحاريين كانا في البداية يريدان استهداف جهاز الأمن العام اللبناني، وكانا ينتظران إعطاءهما ساعة الصفر من مشغلهما، إلا أن المنذر الحسن وفي اجتماع معهما قبل 3 أيام من مداهمة فندق «دو روي» ارتأى أن ينفذا العملية الانتحارية في مطعم «الساحة» في ضاحية بيروت الجنوبية. وأشارت الى أن الثلاثة يعتبرون أنفسهم من «أحفاد الرسول»، ويأتمرون من شخص يدعى «أبو محمد العدناني» ويصب نشاطهم عند تنظيم «داعش».

وأكدت مصادر أمنية صحة الأنباء عن أن أحد السعوديين (الشنيفي والثويني) ظهر على إحدى كاميرات فندق نابوليون الذي داهمته القوى الأمنية الجمعة الماضي يدخله للقاء الموقوف الفرنسي من أصل عربي (جزر القمر). وتبين أنه أراد تسليمه مبلغاً من المال بطلب من المنذر الحسن، لكنه لم يجده.

وفيما علمت «الحياة» أن المنذر الحسن على رغم أنه لبناني، من بلدة بزبينا في عكار، غير معروف كثيراً هو وعائلته في البلدة وعكار، وأنه غالباً ما يتحرك انطلاقاً من السويد، ذكرت مصادر أمنية أنه شقيق لانتحاريين يدعيان معتصم الحسن وحسن الحسن اللذين ينتميان الى «جند الشام»، وكانا يقاتلان في سورية بالقرب من قلعة الحصن حيث قتل الأول بتفجير نفسه بحاجز للجيش السوري النظامي والثاني أثناء اشتباكات مع الجيش السوري.

وتحدثت المصادر عن أن الرابط بين تفجير ضهر البيدر وبين تفجير «دو روي» هو المنذر الحسن الذي كان يشغل من نفذوا الانفجارين الانتحاريين على رغم أن الانتحاريين السعوديين لا يعرفان شيئاً عن الانتحاري الذي نفذ عملية ضهر البيدر، مستخدماً سيارة نيسان – مورانو.

وتوقفت مصادر أمنية معنية أمس أمام ازدواجية الإعلان عن مسؤولية التفجير الانتحاري في فندق «دو روي»، فأول من أمس تبناه «لواء أحرار السنّة»، وأمس تبناه من يطلقون على أنفسهم اسم «ولاية دمشق – القلمون» التابعة لـ «داعش». وأشارت تغريدة على تويتر تحت هذا الاسم الى أنها «غزوة أول الغيث» ضد «حزب الله». وتساءلت المصادر عما إذا كانت هناك جهتان تتعاونان في إرسال الخلايا الإرهابية، أم أن هناك تنافساً بينهما.

وأكدت المصادر الأمنية أن ملاحقة الإرهابيين تعطي ثقة للمواطنين والسياح، على رغم تأثر الحجوزات بما حصل. والأجهزة تنسق بعضها مع بعض من أجل القيام بأعمال التعقب والملاحقة في شكل سري. وأحياناً كثيرة بعض الإعلام يؤثر على سرية هذا العمل.

وعن التنسيق مع الجانب السعودي في شأن الشنيفي والثويني، قالت المصادر إنه «من الطبيعي أن يحصل ذلك، وأن تطلب الرياض إطلاعها على التفاصيل عنهما. ويجب ألا ننسى أن الجانب السعودي سبق أن أرسل إلينا لائحة بإرهابيين. التعاون بين الدول مهم لمكافحة الإرهاب العابر للحدود ولبنان غير منعزل عن الجهود الخارجية في هذا المجال».

وكانت الأجهزة الأمنية اشتبهت أمس بحقيبة في كورنيش المزرعة تبيّن أنها خالية من المتفجرات.

وفيما غادر وزير الداخلية نهاد المشنوق بيروت الى باريس أمس للقاء زعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري، قال السفير السعودي في لبنان علي عواض عسييري إن فندق «دو روي» حيث كان الانتحاريان السعوديان، يشرف على السفارة، «ما جعلني أشك في أنهما كانا يريدان استهداف السفارة، حتى لو كانت جنسيتهما سعودية. فذلك لن يمنعهما من القيام بعمل كهذا».

وأوضح في حديث تلفزيوني أن «السفارة لديها معلومات شبه مؤكدة أن أحد الانتحاريين كان مطلوباً من الدولة السعودية»، مشدداً على أن «مثل هذا العمل لن يشوّه العلاقات بين لبنان والسعودية، خصوصاً في ظل الإفرازات الإرهابية».