IMLebanon

اللبنانيّون وقود لحرب الأصوليّات المتطرّفة؟!! مخاوف دبلوماسيّة من شلل المؤسسات ونصائح بالعودة إلى إعلان بعبدا؟

هو مشهد الذبح والقتل والتمثيل بالجثث الماثل بالعراق على أيدي أشد التنظيمات وحشية في العالم يرخي بأثقاله السوداوية على الأوضاع العامة في المنطقة ولبنان خصوصا في ظل معلومات أمنية تؤكد بأن التفجير الإنتحاري عند مدخل الضاحية الجنوبية لبيروت قرب مستديرة شاتيلا والذي يأتي بعد التفجير الذي استهدف حاجزا لقوى الامن الداخي في منطقة ضهر البيدر ليسا سوى رسائل واضحة المعالم والأبعاد لناحية أن القوى الإقليمية الداعمة لوجستيا وماليا وسياسيا لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» ليس لديها أي خطوط حمر على صعيد استخدام لبنان كساحة مفتوحة في سياق توجيه الرسائل الدموية ضمن حرب المحاور الكبرى الدائرة في جواره ومحيطه خصوصا في سوريا والعراق.

المعلومات الأمنية قالت بأن جهوزية القوى الامنية في مواجهة الإرهاب التكفيري مسألة في غاية الأهمية إلا أن الجهوزية الأمنية لا تكفي وحدها لحماية البلاد من المخاطر الداهمة، فالجهوزية الأمنية لا بد من مواكبتها بحراك سياسي لبناني فاعل باتجاه سفارات الدول الفاعلة والمؤثرة في الأحداث الجارية في سوريا والعراق خصوصا أن بعض دول المنطقة لديها ما يكفي من وسائل التأثير والضغط على التنظيمات الإرهابية التي تقاتل في سوريا والعراق. وبالتالي هناك دور يمكن لتلك الدول أن تلعبه للحفاظ على ما تبقى من المظلة الاقليمية الحامية والضامنة لأمن واستقرار لبنان وسلمه الأهلي، خصوصا أن هذه المظلة الاقليمية باتت مصابة بثقوب عديدة وقد بدأت تتوسع رقعتها إلى درجة أن تصبح الساحة اللبنانية مكشوفة بالكامل وعلى نحو خطير يضع أمن لبنان واستقراره على كف عفريت المنطقة المتفجرة والذي بات أكثر من أي وقت مضى يشكل تهديدا جديا للبنان سيما أن الإنفجار الحاصل في المنطقة بات يغلب عليه الطابع المذهبي السني – الشيعي وفي لبنان هناك كم هائل من الإحتقان والتوتر المذهبي الذي يجعل الساحة اللبنانية أرض خصبة لاستدراج واستقطاب تداعيات هذه الفتنة التي تهدد بأخذ البلد نحو منزلقات الفتنة والفوضى الشديدة الخطورة.

وفي هذا الإطار، قالت أوساط بارزة بأن التطورات الأمنية الأخيرة في لبنان حملت بعض المؤشرات التي نتج عنها معطيات سلبية إزاء المرحلة المقبلة على لبنان والتي ستكون حامية بفعل ارتدادات أحداث العراق وانعكاساتها التوتيرية على العلاقات الإيرانية – السعودية حيث تشير المعطيات الى أن توتر العلاقات بين البلدين ستحمل انعكاسات سلبية على الملف اللبناني القابع اصلاً على رصيف انتظار التسوية الإيرانية – السعودية للعبور من حالة الإنكشاف الأمني وحالة الشغور إلى حالة ترسيخ الأمن والإستقرار وإلى حالة اعادة انتظام عمل المؤسسات الدستورية والتي لن يستقيم عملها طالما ان واقع الشغور في الرئاسة الأولى مستمر حتى اشعار آخر.

الأوساط أشارت الى أن الساعات القليلة الماضية شهدت حركة اتصالات فرضتها تهيُب معظم القوى اللبنانية من خطورة الاوضاع التي تبقى صورتها سوداوية في حدود بعيدة من جراء مجموعة من الاعتبارات التي تغلبُ عليها سمات التشاؤم التي تنذر بإمكانية تفلت الأوضاع من القيود والضوابط الوطنية، مما قد يؤدي الى المساس بالعيش المشترك، والى تمادي وتوسع مأزق الفراغ الذي يهدد الدولة ومؤسساتها بالتعطيل والشلل المطبق. والسؤال الذي فرض نفسه خلال هذه الإتصالات هو أنه إذا كان هناك قرار اقليمي بتفجير الاوضاع الامنية في لبنان ، فهل يرضى اللبنانيون بأن يدمروا لبنان ويتحولوا الى وقود لحرب الأصوليات المتطرفة الظلامية في المنطقة؟ او ان يكون لبنان جائزة ترضية لطموحات قوى إقليمية تريد أن تعوض نكسات هزائم خياراتها وسياساتها في المنطقة على حساب دماء وأشلاء الأبرياء سواء في سوريا أو العراق أو لبنان؟

وفي هذا الإطار، أكدت مصادر دبلوماسية لـ«الديار» بأن ثمة رسائل دولية تلقاها أكثر من مسؤول في الدولة اللبنانية دعت جميع القوى اللبنانية إلى تحمل مسؤولياتهم من خلال الاستمرار في الحفاظ على الستاتيكو الداخلي الذي يتطلب من الجميع الإلتزام بالحفاظ على عمل الحكومة وإنتاجيتها من دون أي عراقيل قد تؤدي إلى تفجير الحكومة وبالتالي أخذ لبنان أكثر نحو المجهول.كما حذرت هذه الرسائل من تفاقم الأزمة الحكومية المفتعلة نظرا لعواقب التعطيل الحكومي الوخيمة على شلل عمل المؤسسات العامة وعلى أمن واستقرار لبنان في لحظة شديدة الخطورة تمر بها المنطقة بعد التطورات العسكرية الخطيرة الجارية في العراق التي تنذر بتمدد لهيب النيران السورية والعراقية باتجاه الدول المجاورة لتلتهم أمن واستقرار هذه الدول وجرها إلى مستنقع حروب الآخرين التي تتقاتل من خلالها القوى الكبرى اليوم بالدم العراقي والسوري وبالتالي أن أي تراخي سياسي وأمني في لبنان سيؤدي بشكل أو بآخر إلى جذب حروب الآخرين مجددا إلى لبنان لتتقاتل في ربوعه الدول الكبرى بدماء الشعب اللبناني.

المصادر أضافت بأن الرسائل الدولية نصحت بضرورة تجاوز الخلافات وإعادة الإعتبار إلى «اعلان بعبدا» نصا وروحا واتباع صارم لسياسة «النأي بالنفس» عن الصراع السوري والعراقي كسبيل لمواجهة العمليات الإرهابية التي تضرب عمق الأراضي اللبنانية، وكسبيل لسد جميع المنافذ أمام بعض الإرادات الإقليمية التي تسعى إلى توسيع رقعة الخطر الإرهابي نحو الدول المحيطة بسوريا والعراق. مضيفة بأن مكافحة الإرهاب والحفاظ على الإستقرار يقتضي إدارة مرحلة الشغور الرئاسي التي تبدو طويلة بأقل الخلافات والسجالات والمزايدات السياسية، كما يقتضي تضافر الجهود السياسية جميعها لمساندة ومساعدة الجيش والقوى الامنية في جهودهم الفاعلة والجدية لمكافحة الإرهاب وحماية الأمن والإستقرار.