IMLebanon

“اللبننة” و”العرقنة” والفراغ الرئاسي

ما دام لبنان بلا رئيس جمهوريّة، فمطرحك يا واقف. والناس الذين فرحوا ورحّبوا بعودة الرئيس سعد الحريري يشعرون بأن فرحتهم لم تكتمل بعد. لقد وعدوا أنفسهم بحلّ قريب يملأ الفراغ الذي يعتبرونه مصدر خطر يتهدّد وجودهم.

وكلام النائب وليد جنبلاط بعد لقائه الرئيس الحريري لا يخلو من القلق لهذه الجهة، وخصوصاً حين يقول إنه لا يجوز أن نذهب إلى حالة شبيهة بالحالة العراقيّة، “ولا أتصوّر أن أحداً يرغب بالفراغ والعرقنة”.

بالطبع أكّد بدوره الحرص على انتخاب رئيس جديد، والوقوف إلى جانب الحريري في هذا الصدد، “كون الفراغ في مجلس النواب يضرب كل المؤسّسات”.

لكن ورود “العرقنة” في حديث رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي أيقظ في ذاكرة الناس أمجاد “اللبننة” وتألّقها لعقود شرقاً وغرباً… يوم كانت تشكّل “المثل الساطع” على أن حال البلد الذي تطلق عليه على حافة الحرب أو حافة الانهيار.

أعوام على حيْلها تمرُّ و”اللبننة” صامدة كمَثَل فريد، لا يزعزعها ولا يزيحها من مكانها مَثَلٌ آخر حتى ظهرت “العرقنة” بعد انهيار نظام صدّام حسين، وجلست على مقعد الفرادة والاستحقاق ولا تزال إلى اليوم، وحيث بات اللبنانيّون يحذّرون أنفسهم من بلوغ مرتبة “العرقنة” في الانزلاق والتأزم والتمزّق.

وتماماً كما وردت على لسان جنبلاط خلال حديثه مع الصحافيين عن محادثاته وسعد الحريري.

إنما هذا كلّه لا يقدِّم ولا يؤخِّر في موضوع الشغور أو الفراغ الرئاسي الذي صار على أكثر من ثلاثة طوق. اللبنانيّون ليسوا غرباء عن أورشليم، ولا يخفاهم مَنْ يؤخِّر ويعقِّد ويعطِّل الاستحقاق.

يُشاع ويُذاع ويملأ الأسماع أن العقدة الرئاسيّة عند الجنرال ميشال عون، مثلما هي عند “حزب الله”، ومن تحصيل الحاصل أن تكون أولاً وأخيراً في طهران.

صحيح أن إيران رفعت يدها عن نوري المالكي على ما تفيد التحليلات والاستنتاجات، إلا أنها لم تُبَخْشش موقفها هذا للأميركيين سدى ولوجه العراق ووجه حيدر العبادي، وتالياً لم تطنِّش عن ضرب “داعش” وتعمل حالها ما معها خبر…

لا، المسألة ليست هكذا أبداً. حديد بقضامي. تأخذ باليسرى وتُعطي باليمنى. والعكس صحيح. البازار بازار، سواء في السوق التجاري أم في السوق السياسي. فالدول مصالح. والمصالح تكلّف. وما من شيء بلاش.

بديهي، إذا كان ما يُشاع حقيقياً، أن يكون لإيران شروط ومطالب لتسهيل عملية انتخاب رئيس لبناني جديد. فما هي طبيعتها وحدودها؟ هنا يكمن السرّ الحقيقي، وما إذا كان المطلوب في بيروت ومنها أو في واشنطن ومنها.

وكل ما عدا ذلك من كماليّات “عدة الشغل”.