«اللــواء» تواكب محادثات سلام في المملكة .. وماذا سمع من القيادة السعودية؟
الحريري: نبارك ما يتفق عليه الموارنة .. ومع إقتراح بكركي بالتمديد
اليوم جلسة الاستماع الى رسالة الرئيس ميشال سليمان التي وجهها لمناسبة حث المجلس النيابي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وغداً جلسة لانتخاب رئيس «نام» نصابها مهدداً، والجمعة جلسة قيل انها وداعية لمجلس الوزراء الذي يجتمع برئاسة الرئيس سليمان الذي من المفترض ان يغادر قصر بعبدا بعد ظهر السبت، بعد حفل وداع رسمي دعيت اليه اكثر من 450 شخصية، بنفس التشريفات الذي استقبله بها لواء الحرس الجمهوري قبل ست سنوات.
كل ذلك يجري تحت عنوان: استبعاد انتخاب رئيس للجمهورية، على مرأى وسمع من قادة الموارنة «الاقوياء» و«الضعفاء»، ومن بكركي التي لم تأل جهداً من اجل انتخاب رئيس تتوافر فيه الصفات المقبولة، ويشكل امتداداً لنهج الرئيس سليمان.
وثمة قناعة لدى قادة الموارنة انفسهم ان المسؤولية تقع على خلافاتهم، وربما خياراتهم، لقد قال المسلمون لحلفائهم في 8 و14 آذار: «اتفقوا ونحن معكم»، ولكن الاتفاق تعذر، فوقع المحظور، وان كانت معجزة انقاذ الموقف في الساعات المقبلة تبدو شبه معدومة.
ثلاثة مؤشرات توحي بأن لا زحزحة في المواقف رغم كل الحراك الاتصالي من بيروت الى باريس، مروراً بحركة السفراء، والناشطين على خط التقريب بين المتباعدين.
1- استمر رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي عاد الى بيروت امس مرشحاً، وكررت كتلة «المستقبل» تمسكها به مرشحاً يحظى باجماع 14 آذار.
2- عكس بيان تكتل «الاصلاح والتغيير» بصياغته الملتبسة اجواء من الارباك، وضيقاً من الانتظار، منظراً بدستورية الغياب وقانونيته حتى ولو كانت الجلسة لانتخاب رئيس للجمهورية، وعاد التيار العوني الى قراره في 23 نيسان: انتخاب رئيسه العماد ميشال عون او الغياب عن الجلسة ما دامت الورقة البيضاء لن تستخدم مرة ثانية، مع ان التكتل كان ينتظر جواباً حتى يعلن عون ترشحه لجلسة الانتخاب غداً.
ومع ذلك، لم ينس التكتل عشية جلسة اليوم من توجيه انتقاد قاس لعهد الرئيس سليمان الذي «افترسته» اوضاع دستورية وانقضى نصفه في تأليف الحكومات، وجاءت رسالته الى المجلس متأخرة.
3- احتفظ «اللقاء الديمقراطي» بموقفه من الانتخابات من انه ماض بترشيح النائب هنري حلو الذي يزور بكركي اليوم، في اشارة الى رفضه انتخاب النائب عون حتى يكتمل النصاب وينتخب رئيس بمعزل عن 14 آذار.
ورجحت مصادر نيابية ل«اللواء» ان لا تناقش رسالة الرئيس سليمان في جلسة اليوم، لان مناقشتها قد تفضي الى لغط معين او سجال ما، متوقعة ان يؤيدها بعض النواب في فريق 14 آذار ويعارضها البعض الآخر في فريق 8 آذار.
واوضحت ان الرسالة ستتم تلاوتها داخل الجلسة، وذلك انطلاقاً من الدستور، مرجحة ان تكون جلسة الخميس المخصصة لانتخاب رئيس نسخة طبق الاصل عن جلسات سابقة لجهة فقدان النصاب.
ورأت ان هناك اتجاهاً لعقد جلسات متتالية، لكن الوضع لا يزال على حاله من انعدام السبل للحلحلة والاتفاق على هوية الرئيس العتيد، لافتة الى وجود امكانية لعقد جلسة بعد غد الجمعة لانتخاب رئيس، اذ دعا اليها الرئيس نبيه بري.
محادثات سلام في جدّة
في هذه الاثناء، بقيت المحادثات التي أجراها رئيس مجلس الوزراء تمام سلام مع المسؤولين السعوديين ومع الرئيس سعد الحريري في واجهة الاهتمام، فماذا دار في هذه المحادثات؟
وفقاً لموفد «اللواء» إلى جدّة الدكتور عامر مشموشي، فقد أكّد الرئيس سلام ل «اللواء» أن البحث تناول ثلاثة ملفات:
1 – شكر المملكة العربية السعودية على المكرمة السخية التي قدمها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز وقدرها 3 مليارات دولار للجيش اللبناني، وهي الأكبر في تاريخ مساعدات المملكة للبنان.
2 – ملف النازحين السوريين والأعباء الكبيرة التي يعجز لبنان عن تحملها، بالإضافة إلى ما ينجم عنها من مشكلات اجتماعية واقتصادية على كل الصعد.
3 – ملف الاستحقاق الرئاسي في ضوء تعثر الوصول إلى اتفاق بين اللبنانيين على رئيس جديد للجمهورية.
وأضاف سلام: «شرحنا لهم المعطيات المتوافرة والجهود التي بذلت».
فماذا سمع رئيس الحكومة من القيادة السعودية؟
1 – حول ملف الشكر والمكرمة، كان الجواب السعودي واضحاً: لا شكر على واجب، فالمهم أن يكون للبنان جيش قوي يتمكن من القيام بمهامه الأمنية والوطنية وبسط سيادة الدولة والاستقرار في البلاد.
2 – وبالنسبة للنازحين فان القيادة السعودية متفهمة للصورة التي عليها وضع النازحين، وهي تهب لمساعدة لبنان واللبنانيين في تجاوز أزماتهم السياسية والاجتماعية وعلى كل المستويات.
3 – اما بالنسبة إلى الانتخابات الرئاسية، فكبار المسؤولين السعوديين جددوا القول بأن الاستحقاق الرئاسي شأن لبناني داخلي، ونحن نشجع كل ما يؤدي إلى توافق اللبنانيين والوصول إلى رئيس يملأ الفراغ ويقود عجلة الدولة إلى بر الأمان.
واكدت القيادة السعودية انها تأمل أن تجري الانتخابات رغم الوقت الضيق الباقي امامها، وهي تشجّع على التفاهم على انتخاب رئيس يكمل نهج الرئيس سليمان، وأن السعودية لم تتدخل مرّة واحدة في الشأن الداخلي اللبناني.
لقاء الحريري
اما اللقاء بين الرئيس سلام والرئيس الحريري في حضور الوفد الوزاري، فقد استغرق ساعة ونصف الساعة.
وعلمت «اللواء» ان الرئيس الحريري اجتمع مع كل وزير من الوزراء الستة على حدة، ونقل عنه أن ما يهمه أن يأتي رئيس للجمهورية وله حيثيته، وهو يتمنى أن «يتفق المسيحيون على هذا الرئيس»، «ونحن نؤيد ونبارك اي اتفاق يتوصل اليه القادة المسيحيون، فهم أصحاب شأن أساسي في هذا المجال، وإن كان الاستحقاق يهم كل اللبنانيين».
لكن أحد الوزراء، نقل عن الرئيس الحريري استبعاده أن تجرى الانتخابات في جلسة غد الخميس.
وحول مطالب البطريرك بشارة الراعي، شدّد الحريري أمام زواره أنه يؤيّد مطالب الراعي لجهة عدم إحداث فراغ في الرئاسة الأولى.
وقال أحد الوزراء ل «اللواء»: إن الرئيس الحريري تحدث بإيجابية حول التمديد سنة للرئيس سليمان، معتبراً أن هذا الخيار من شأنه أن يحل المشكلة، متسائلاً عن إمكانية السير به فيما تبقى من وقت؟
وخلال الدردشة مع الرئيس سلام سئل عن قصة التمديد سنة، فاعتبرها خطوة جيدة، لكنها جاءت متأخرة جداً (C´est trop tard).
وكشف الرئيس سلام أن لقاءه مع الرئيس الحريري جاء شاملاً، لأن فترة طويلة مضت بين اللقاءات، ولو كانت الاتصالات التلفونية شبه يومية، لكنها لا تسمح بمراجعة شاملة للقضايا اللبنانية، حيث حصلت هذه المراجعة في اللقاء من تشكيل الحكومة الى الظروف المتعلقة بالاستحقاق الرئاسي.
وأكد الرئيس سلام أن ما يهم الرئيس الحريري إنقاذ لبنان، وهو يقدّم المصلحة الوطنية على كل ما عداها.
وأشار الى أن ما نُسب من كلام للدكتور جعجع لم يكن دقيقاً، وجعجع نفسه نفى الموضوع، ذلك لأن الرئيس الحريري كان يتحدث عن ميشال عون كرئيس توافقي في معرض الاحتمالات المطروحة، ووجهة نظره أن الكرة في الملعب الماروني، وعلى القادة الموارنة أن يتفقوا على أي رئيس ونحن نؤيّد.
ونقل عن الرئيس سلام أن احتمالات الوضع الرئاسي ثلاثة:
– إنتخاب رئيس.
– شغور مركز الرئاسة، ولهذا الاحتمال نتائج خطيرة بدأ الحديث عنها كتعطيل الحكومة ومنع التشريع أو فتح أبواب جهنم.
– حدوث انتخاب في آخر لحظة.
بدوره قال السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري لـ«اللواء» والذي عاد الى بيروت إن بلاده على الحياد، نحن لن نتدخل في الشأن اللبناني، وهذا مسار طويل في السياسة السعودية الثابتة، واتصالاتنا مع كل الأطراف، ولم أميّز أحداً أو أغيّب أحداً في اتصالاتي.
تجدر الاشارة الى ان الرئيس سلام الذي عاد والوفد الوزاري المرافق الى بيروت مساء امس، قد استقبله في مطار جدة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، قبيل مغادرته الى المغرب في اجازة خاصة، كما اجرى الرئيس سلام محادثات مع ولي العهد الامير سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الامير مقرن بن عبد العزيز.
حوري
من جهته، اوضح عضو كتلة «المستقبل» النائب عمار حوري ل«اللواء» انه لا يوجد التباس في ما خص ما نشر حول انتخاب عون كمرشح توافقي، وهذا الالتباس انتهى بالموقف الذي أعلنته كتلة «المستقبل»، وأن الرئيس الحريري وكتلة المستقبل لم تغيّر موقفها من قضية انتخاب عون وأن عليه أولاً أن يتواصل مع مسيحيي 14 آذار لينال ثقتهم أولاً.
ولفت الى أن الضجة التي حصلت بعد تصريح جعجع في بيروت وما رافقها من التباس يعود لتصفية حسابات بين مؤسسة LBC والدكتور جعجع، والموقف لدينا منتهي ولا يوجد التباس.
وأضاف: اللقاء بين الرئيس الحريري وجعجع تطرق الى كل شيء متعلق بالانتخابات الرئاسية، وحصل تحليل واقعي لجميع الخيارات، وأن الانفتاح بين «التيار الوطني الحر» وتيار «المستقبل» أسهم بتشكيل الحكومة وكذلك التعيينات الأمنية والإدارية وأزال كل مظاهر التهويل التي رافقت استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي.
وان الايجابية الحاصلة بين «المستقبل» و«التيار الوطني الحر» ليس من الضرورة ان تشمل التفاهم حول كل النقاط المطروحة او الاختلاف حولها ومنها رئاسة الجمهورية.
ورأى ان المؤشرات تشير لعدم امكانية انتخاب رئيس جديد في الجلسة المقبلة، وهذا سيؤدي الى شغور في الرئاسة والمطلوب بذل جهد من الجميع لانتخاب رئيس جديد بأسرع وقت والمطلوب ايضاً ان لا يتحول الشغور الى فراغ عبر استقالة بعض الوزراء او تعطيل مجلس النواب عبر مقاطعة جلساته، فنحن نسمع لعون كما يسمع غيرنا، وان جعجع كان مرتاحاً لاجواء لقائه مع الرئيس الحريري».
تكتل التغيير
في المقابل، أكّد عضو في كتلة «التغيير والاصلاح» أن الحوار مع الرئيس الحريري لم ينقطع يوماً بطلب من الطرفين، ونحن مقتنعون بهذا الحوار، وكذلك الرئيس الحريري مؤمن بهذا التواصل.
وشدّد على اننا لا نريد البناء على رمل أو سراب حول كل القضايا التي تبحث، ولذلك فان هذا الحوار سيحتاج المزيد من الوقت.
وفي ما خص اجتماع اليوم في المجلس النيابي لمناقشة رسالة الرئيس سليمان شدّد على أن التكتل أعطى نوابه حرية القرار في الحضور أم لا، غير انه شدد على مقاطعة جلسة الانتخاب يوم غد الخميس في حال بقيت المعطيات السياسية على حالها.
ولفت إلى أن المجلس النيابي سيأخذ اليوم اما اجراء أو قراراً أو موقفاً من رسالة الرئيس سليمان التي جاءت قياساً للأوضاع السياسية السائدة متأخرة جداً.
وفد طرابلسي في بعبدا
إلى ذلك، أعرب الرئيس سليمان عن ارتياحه إلى الخطوات الأمنية والإدارية التي تحققت منذ انطلاق الحكومة في عملها»، مشيراً الى أن «العيش المشترك والحوار ضروريان لاستمرار النموذج اللبناني ولقيام الدولة التي يصبو اليها أبناؤها»، لافتاً الى أن «العهد المقبل ينطلق بسهولة من سلسلة مواقف وثوابت تصب في خانة حفظ لبنان واستقراره وسلمه الاهلي».
وإذ أشار سليمان، أمام وفد من طرابلس برئاسة المفتي مالك الشعار، ضم مطران المدينة للموارنة جورج ابو جودة ورجال دين وفاعليات من المجتمع المدني، الى «نجاح الخطة الامنية في اعادة السلام والطمأنينة الى طرابلس»، لفت الى «الاهتمام الذي توليه الحكومة للشأن الانمائي للمدينة»، مشدداً على «وجوب استمرار التكاتف والتعاون لقطع الطريق على قوى الشر التي تتربص بها وبأهلها» في إشارة إلى الانتكاسة الأمنية المحدودة التي حصلت أمس. وأدت إلى اصابة ثمانية عسكريين بجروح أثناء مداهمة الجيش بحثاً عن مطلوبين في التبانة. (التفاصيل ص 2 و4)