مع أنّ كل ما يرافق عملية «داعش» في العراق يدعو الى الدهشة، فإنّ أكثر ما أثار دهشة المراقبين هو عدم قدرة الجيش العراقي المفترض أنّه مكوّن من مليون ضابط وجندي، على الصمود ولو في حدّه الأدنى.
ولوضع الأمور في نصابها، أودّ أن أذكّر بأنّ أوّل إجراء اتخذته الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها عندما غزوا العراق كان حلّ الجيش العراقي وتسريحه ضباطاً وصفوف ضباط ورتباء وجنوداً… علماً أنّه كان أحد أبرز الجيوش في المنطقة.
ولاحقاً بقي هؤلاء العسكريّون السابقون دون أدنى الحقوق فشرّدوا هم وعائلاتهم بعدما تجاهلتهم حكومة المالكي تجاهلاً كلياً.
فمن مآثر نوري المالكي في الحكم أنّه اضطهد السنّة والشيعة العرب على حدّ سواء، ونعود الى ما حصل قبل ثلاثة أيّام في الموصل، فيبدو أنّ الذين حقّقوا الغزو والإنتفاضة هم المسرّحون من الجيش القديم الذين جمعوا بعضهم البعض وخاضوا معركة الموصل، ومن تابع التطوّرات عبر شاشات التلفزة لم يتبيّـن أي أثر لـ«داعش» في الموصل التي عادت الى الحياة الطبيعية.
ومن أسفٍ أنّ نغمة السنّي والشيعي لم تكن معروفة في عالمنا العربي، بل لم يكن أي عربي يعرف ما إذا كان العربي الآخر الذي يخاطبه أو يصادفه هو سنّي أو شيعي.
لقد بيّنت أحداث الأيّام الأخيرة الخطيرة في العراق أنّ في الشعب العراقي نقمة كبيرة على نوري المالكي الذي أعلن كبار الزعماء والقادة حتى الشيعة منهم معارضتهم له وبالذات مقتدى الصدر والإمام الحكيم، ذلك أنّه ينفّذ، في رأيهم، مشروعاً خارجياً، بل هو ذاته يتمثّل فيه هذا المشروع الخارجي الإيراني أولاً ثمّ الأميركي ثانياً.
من هنا يفهم ليس انهيار الجيش العراقي بل رفضه القتال تحت أوامر نوري المالكي خصوصاً وأنّ الذين كان يجب أن يقاتلهم هم من العراقيين العسكريين السابقين الذين يعرفهم الشعب العراقي معرفة دقيقة، لهذا السّبب سلّم العسكريون مواقعهم تسليماً إنتقامياً من المالكي الذي فشل فشلاً ذريعاً في تحقيق الإستقرار للعراق.
ولا حياة معقولة لبلدٍ لا يعرف الإستقرار.