IMLebanon

المبادرة المصرية… قبيحة؟

لن تصنع السلام في غزة هذه الحرب العبثية التي تخوضها اسرائيل اليوم تحت عنوان حماية سكانها من “ارهاب” حركة المقاومة الإسلامية “حماس”. تقيّد الفلسطينيين أكثر فأكثر بعقلية الإسلاميين المتطرفين إذا فقدوا الأمل في صحوة عربية. هذا أقبح ما في المبادرة المصرية لوقف النار.

التقت مصلحة الرئيس المصري المشير عبد الفتاح السيسي مع مصلحة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. لهما عدو مشترك. وما كان ليحصل لولا الحماقات المتوالية التي ارتكبها “الأخوان المسلمون”، بمن فيهم “حماس”، ولا يزالون.

يسعى السيسي الى مشروعية دولية وإقليمية بعدما عزل الرئيس “الأخونجي” محمد مرسي أولاً بانقلاب عسكري مدعوم شعبياً ومن ثم بانتخابات رئاسية. اغتنم حرب غزة الراهنة لتقديم مبادرة تساوي اسرائيل و”حماس” وتعيد الى الأذهان دور مصر الرئيس سابقاً حسني مبارك في الاضطلاع بدور “الوسيط النزيه” بين الجلاد والضحية. الضحية في هذه الحال ليست الحركة الإسلامية بل الفلسطينيون من سكان القطاع. غير أن الأهم أن هذه المبادرة تقدم السيسي حارساً أميناً لقواعد اللعبة في النظام الإقليمي، بما في ذلك ما نشأ عن معاهدة كمب ديفيد بين مصر واسرائيل واتفاقات أوسلو بين السلطة الفلسطينية واسرائيل. تلقى حتى الآن الكثير من التنويه والإشادة من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي – مون الذي يحاول تسويق الخطة المصرية بدعم أميركي وغربي وأوروبي وعربي واسع. استدعت الضرورة نسيان كون السيسي استهل عهده بسجن الصحافيين وبإصدار مئات الأحكام بالإعدام دفعة واحدة على الناشطين “الأخونجيين”. صدق فيه القول “أول دخوله، شمعة طوله”!

أما نتنياهو، فيخوض حربه هذه أولاً لعله يجعل نفسه “بطل” اجتثاث الخطر الصاروخي وغيره مما تمثله “حماس” وغيرها من فصائل المقاومة الفلسطينية، وثانياً ليخدم غاية اسرائيل الإستراتيجية انشاء دولة فلسطينية منزوعة السلاح على بقايا حل الدولتين. يبدو كأنه ينسج في الوهم عباءة تحمي اسرائيل من أخطار المستقبل. إن لم ينتصر تماماً، فهو مهزوم يؤسس لمزيد من التطرف ويجر الفلسطينيين جراً الى انتفاضة ثالثة. بقدر ما تتعرض “حماس” لأخطار من الآلة العسكرية الإسرائيلية الفتاكة التي لم تعر يوماً الانتباه أو الاعتبار لحياة السكان المدنيين والأبرياء خلافاً للادعاءات الفارغة عن “أخلاقيات” الجيش الإسرائيلي، فإن هذه الحرب توفر فرصاً لـ”حماس” كي تقدم نفسها مدافعة عما تبقى من كرامة الفلسطينيين والعرب، حتى لو كانت تقدم خدمة لا تقدر بثمن لإيران التي تتصدر منذ سنوات منطق الممانعة والمقاومة. ليس في وسع “حماس” إلا أن تعود الى هذا المحور إذا نجت من هذه الحرب الإسرائيلية الطاحنة ومن هذا الصمت العربي ومن هذا الاقفال المصري لمعبر رفح…

نشهد الآن واحدة من تداعيات إخفاق إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما وفشل المساعي الديبلوماسية لوزير الخارجية جون كيري في التعامل مع جذور قضية فلسطين. بهذه على الأقل، معه حق الرئيس محمود عباس. ليس هو من يُلام.