من باريس حيث لم ينقطع الحراك اللبناني – اللبناني، واللبناني – الدولي في الاشهر الستّة المنصرمة بشأن الاستحقاق الرئاسي رسالة مقتضبة وواضحة الى اللبنانيين: استغلوا فرصة التهدئة الاقليمية وانجزوا الاستحقاق لانه لبناني – لبناني بإمتياز، واي فراغ في موقع الرئاسة اسبابه داخلية وابطاله داخليون!
هذه هي الرسالة التي يحرص المسؤولون الغربيون المعنيون بالملف اللبناني على ايصالها الى اللبنانيين، ولا سيما القوى السياسية التي تمسك بزمام الامور في الاستحقاق الرئاسي. ويشدد المسؤولون الذين نلتقيهم هنا في باريس على ان الاستحقاق ملبنن بفعل التهدئة الاقليمية، وانه لا بد للبنانيين من العمل سريعا على التقاط الفرصة قبل ان يمر الوقت، ويستقر الفراغ الرئاسي، ويعتاده الجميع، ثم تدخل تعقيدات وتتراكم فوق المشهد المحلي والاقليمي، فيصير الفراغ مديدا بما يضعف مركز الرئاسة في معادلة الحكم في لبنان.
ويشرح مسؤولون غربيون معنيون بالملف اللبناني هنا في باريس المشهد الاقليمي على النحو الآتي: ان الولايات المتحدة تتبع سياسة القيادة من المقعد الخلفي في المنطقة، وتدير مفاوضات عميقة مع ايران حول البرنامج النووي المتنازع عليه، وتبني الآمال على نجاح المفاوضات، وخصوصا ان اجراءات بناء الثقة بين واشنطن وطهران تمضي قدما بالرغم من العراقيل الداخلية التي يواجهها الرئيس الايراني حسن روحاني. وينعكس التقدم، وان البطيء لاجراءات بناء الثقة بين البلدين على عدد من الملفات، اولها لبنان الذي يشهد مرحلة توافق اقليمي – دولي شامل لا يخرج عنه اي طرف فاعل راهنا لابقاء الساحة اللبنانية هادئة وتحييدها عن الصراع في سوريا. وبناء عليه، لا يرى الاميركيون تورط “حزب الله” بالعين السلبية، اذ لا يشعرون بأن هذا التورط يشكل تهديدا لمصالحهم في المنطقة، ولا حتى لأمن اصدقاء اميركا، وخصوصا ان الحرب في سوريا طويلة ومعقدة ولا يمكن اي طرف فيها ان يحقق انتصارا حاسما.
ومن الملفات التي يرى الغربيون ان ايران تعزز عبرها اجراءات بناء الثقة مع اميركا، وامن الحدود الشمالية لاسرائيل، حيث دخلت المنطقة على جانبي الحدود البنانية – الاسرائيلية في هدنة راسخة (تذكر باتفاق فك الاشتباك السوري – الاسرائيلي عام ١٩٧٤) يمكن ان تطول، وهي تدعم توجه الرئيس الاميركي باراك اوباما الداعي الى تحميل “حزب الله” وايران مسؤولية الهدوء على الحدود مع اسرائيل.
يخلص المسؤولون الغربيون المولجون متابعة الملف اللبناني الى الاستنتاج ان على اللبنانيين الاسراع في انجاز الاستحقاق الرئاسي، والتوصل الى اختيار شخصية مسيحية تحظى بالاحترام وتكون عاملاً لجمع اللبنانيين حول حد ادنى من القواسم المشتركة، واولها الحفاظ على امن لبنان واستقراره قبل اي شيء آخر.