IMLebanon

المجلس الفارّ من وجه الدستور

أنا المواطن اللبناني الذي مارس حقّه الإنتخابي وعضّ على أصابعه ندماً، إتهم المجلس النيابي اللبناني بارتكابات وطنية فواحش… أتهمه، وأعتذرُ من الرئيس نبيه برّي إذا كانت عقوبة هذا الإتهام مجرّد اعتذار، كمثل ما جرى لرئيس جمعية المصارف.

أنا أتهم المجلس النيابي، ولا أكتفي بما اتّهَمَهُ به رئيسه نبيه برّي بأنه «خيال صحراء» «ومجلس معطل» وكأني أيضاً بالرئيس برّي يتّهم ويعتذر بنفسه من نفسه وهذا من شأن الكبار.

أنا أتهم المجلس النيابي، كلَّ المجلس، بعضَ المجلسِ لا يهمّ، ما دام أن موقفَ بعضِ بعضِه يعطّل قرار كلِّ كلِّه.

نعم: أتهمه بجرم اختلاس المواد الدستورية والفرار هرباً من وجه الدستـور.

وعندما يُتَّهم المجلس بأنه «خيال صحراء»، أو «مجلس معطل»، أو عاطل، أو عاطل عن العمل، فإنه بذلك يكون، كمن يسرق صلاحياته ومهمة القيام بواجباته التي فوضها الشعب إليه.

وعندما يمدّد المجلس لنفسه بتعديل الدستور لا بصوت الشعب يكون كمن يسرق ولاية جديدة لا حقّ له بها ولم يكلفه إياها الشعب. والمجلس الذي يتهرب من مسؤولية انتخاب رئيس للبلاد، يكون كمن يسرق الإستحقاق الدستوري، أو كالجلاد الذي يقطع رأس الدولة.

وعندما يقفل المجلس النيابي أبوابه أمام التشريع وأمام معالجة معضلات مصيرية تلمّ بالبلاد، يكون كمن يسرق حقّ الشعب وآماله وقراره الشرعي، والشعب حسب مقدمة الدستور، هو «مصدر السلطات وصاحب السيادة يمارسها عبر المؤسسات الدستورية».

هذا الدستور الذي يقسم رئيس الجمهورية على احترامه بالله العظيم، لا يصّح أن تعبث به إغراءات الشيطان العظيم، أو أن يصبح بالنسبة الى السادة النواب، ورقاً من أوراق المقامرة يلعبون به: تعديلاً، وتطبيقاً، وتجاوزاً، وتحريفاً، وانتهاكاً، وتفسيراً، ولولا بعض زواجر رئيسه «النبيهية» لأصبح الدستور قصاصات من الأوراق الملوّنة يطيّرها النواب كالأطفال في أعياد ميلادهم الميمونة.

إذا كنا نأسف مرغمين بأن نستشهد بالمثل اللاّتيني الذي يقول: «الشيوخ رجال صالحون، أما مجلس الشيوخ فهو مؤسسة رديئة».

وإذا كنا نخجل آسفين من سائر الأنبياء والقديسين ومن أرسطو وأفلاطون وشيشرون ومونتسكيو الذين يعتقدون أن الجمهورية والديمقراطية والممارسة السياسية إنما تقوم على مبدأ الفضيلة.

فإننا نهيب بالمسؤولين الى التحلّي ببعض الخجل من مبدأ فضيلة الممارسة، وندعو الفارين من وجه الدستور، وفي مناشدة أخيرة: الى أن تخجل وجوههم من وجهه.