IMLebanon

المرشّح الرئاسي!

 

يستحق أداء ذلك المرشّح الرئاسي الخلاصي الإنقاذي التغييري التثقيفي التنحيفي، المتابعة والتكرار والركّ عليه خصوصاً وأنّه مستمر في سياقه المألوف، سارح بسواده، يلوّن رماد عاديات الوضع السياسي العام ويعطيها شيئاً مسلياً أبعد في المدى وأطول في الزمن من تسلية بطولة كأس العالم!

وفي موازاته تماماً، تجدر وتُستحق الإشارة إلى ذلك النوع من الطقوس والشعائر التي تقدم جزيل الشكر والعرفان والامتنان لكل مَن ساهم ويساهم في إبقاء الانقسام السياسي اللبناني في محله السياسي! وفي تهيّب إعطاء أي مبرّرات إضافية (داخلية) للإرهاب ومشغّليه وأهدافهم وغاياتهم بعد أن أخذوا من تورّط «حزب الله» في سوريا أوّلاً وفيها وفي العراق ثانياً حجّة واضحة ومبرّراً أكثر وضوحاً!

وإلاّ لو كان الأمر غير ذلك، أي لو لم تفرض الدنيا وما فيها أن تبقى «الساحة» اللبنانية هادئة ومستقرّة نسبياً، وعلى هامش الحريق الاقليمي وليس في أساسه كما العادة السابقة، لفعل ذلك المرشّح الرئاسي المهووس المنحوس، بالناس ما سبق وأن فعله بهم في المرّة السابقة، في أواخر ثمانينات القرن الماضي، ولاشتغلت المدافع على مداها! ولطال رشقها ورميها أقواماً وجماعات وأحزاباً وتيّارات إضافية (زيادة على التي كانت في مدار الرمي سابقاً!) ولدخل لبنان في دوخة الصوملة والعرقنة والسورنة مجتمعة، وربّما في ما هو أكثر تعقيداً وبلاءً منها كلها!

والغريب حقاً، هو أنّ كثيرين، بل معظم المعنيين بالعقل ومراتبه وبالمنطق وأحكامه، مقتنعون بأنّ أكبر وأوّل متآمر على الرئاسة هو بالضبط وتماماً بتاتاً، ذلك الذي يدّعي البحث عن ألَقَها ودورها وقوّتها، ومركزية دورها في النظام اللبناني وآلياته التشريعية والتنفيذية! وهو ذاته الذي يحاول اليوم تخريب الصيغة التي أمكنها إبقاء لبنان موجوداً، وتركيبته قادرة على اجتراح أسباب المعجزة وتأمين قوّة الدفع الكافية لاستمرارها مرّة تلو مرّة.. وهو ذاته الذي يقول في لبنان قول المستبدّين الطغاة في الجوار السوري العراقي: أنا أو الخراب! والذي يصيب اللبنانيين مجدّداً برشق إهانات تبدأ من اعتبارهم غير مؤهّلين لحكم بلدهم وبناء دولتهم وتنتهي بجعلهم في حاجة إلى مُنقذ إصلاحي على شاكلته، يكمل فعلياً تدمير ما بقي سالماً لديهم!

وصحّ فِعْلُ كل مَن رمى ذلك المهووس بسهم حقيقته. واكتشف ما فيه من مخاطر السياسة، وعتَه البيان، ورعونة الرمي، وخفّة الأداء، وخسّة الأسلوب، وغياب المقاصد النبيلة عن أهدافه، وتمحوره حول ذاته بطريقة طبّية.. واستعداده الاستثنائي والدائم (والمرَضي) لإشعال الحرائق والاستماع إلى فرقعتها الترميدية والاسترسال في النظر إليها ثمّ في استنباط الوحي منها لإطلاق أفكاره الإصلاحية في فضاء الخراب!

صحّ مَن افترض منذ الأيام الأولى والصرخات الأولى والقذائف الأولى وموجات الجنون الأولى، أنّ الحروب والثورات وحالات الفوضى الجماعية، تولّد ظواهر، ليست فقط غير طبيعية، إنّما استثنائية في غرابتها وفرادتها.