لا تبدو العلاقة بين النائب وليد جنبلاط وتيار المستقبل على ما يرام. بدأ مستقبليون يشعرون بأزمة يفتعلها رئيس جبهة النضال في الحكومة تهدف إلى وضع المستقبل في مواجهة التيار الوطني الحر، من خلال ملف الجامعة اللبنانية
رُغم لعبه دوراً مركزياً في فتح باب الحوار بين تيار المستقبل والرئيس نبيه برّي، لا تبدو العلاقة بين رئيس جبهة النضال الوطني وليد جنبلاط والمستقبل حالياً على ما يُرام. نجح «أبو تيمور»، نتيجة اتصالاته ومشاوراته، في جمع نادر الحريري، مدير مكتب رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، بالوزير علي حسن خليل، في حضور الوزير وائل أبو فاعور. لكن حتى مع هذا الدور، لا يصعب على المتابع لمسار مواقف جنبلاط ووزرائه في الحكومة اكتشاف أن ثمة بوادر أزمة جديدة بينه وبين الحريري. وهي أزمة بدأ المستقبليون تلمّسها «بعد الاشتباك الأخير في مجلس الوزراء حول ملف الجامعة اللبنانية»، على ما تقول مصادر المستقبل.
وقد شهد شهر نيسان الماضي أعلى مستوى تصعيد بين الطرفين نتيجة ما قاله النائب فريد مكاري آنذاك عن أن «الحسنة الوحيدة لتقارب النائب ميشال عون والرئيس سعد الحريري هي إلغاء دور جنبلاط كبيضة قبان في الحياة السياسية اللبنانية». وهو تصعيد ما لبث أن سحب فتيل انفجاره اللقاء المباشر الذي عقد بين الحريري وجنبلاط في حزيران الماضي (أرجئ اللقاء أكثر من مرّة). لكن يبدو أن زعيم المختارة لا يكلّ ولا يملّ. لم يكتفِ الرجل بتراجع الحريري عن دعمه لرئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون في موضوع رئاسة الجمهورية. يريد جنبلاط من الحريري أن «يقطع كل خطوط التواصل مع الرابية، إن على صعيد الحكومة أو المجلس النيابي أو أي ملفات أخرى يمكن الحوار فيها أن يُعيد إحياء شهر العسل المستقبلي ـــ العوني». كذلك هي رسالة إلى المملكة العربية السعودية التي لا تروق جنبلاط مقاربتها الملف اللبناني أو كيفية التعاطي معه، لا سيما أن الملك السعودي لم يحدد موعداً بعد لاستقبال زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي.
بعد الجلسة الأخيرة التي عقدها مجلس الوزراء، شعر المستقبليون، بعد تصريحات وزراء جنبلاط، بما هو «غير طبيعي»، إذ بعد أن «هاجم وزراء الحزب الاشتراكي وزير التربية الياس بو صعب بسبب مقاربته لملف تعيين مجلس إدارة الجامعة، محمّلين إياه مسؤولية التعطيل، عادت وتغيّرت اللهجة ليُصرّح الوزير أكرم شهيّب بأن بو صعب قام بواجبه على أكمل وجه». قرأ المستقبليون في هذا التغيير في المواقف «محاولة من الحزب الاشتراكي لسحب نفسه من واجهة الصراع الحكومي في ملف الجامعة اللبنانية». وكأن جنبلاط «يريد التعاطي مع الحريري وكل الأفرقاء على القاعدة التي أرساها رئيس تيار المستقبل لنفسه انطلاقاً من حواره مع تكتّل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، أي ألا يكون هو أيضاً رأس حربة في وجه عون». وقد رسخ هذا الاقتناع في رأس جنبلاط بعد أن «سمع من الحريري في لقائهما الأخير في باريس أنه ليس مستعدّاً لفتح مواجهة مع عون ولا أن يكون دوماً في الواجهة الرافضة لترشيحه إلى رئاسة الجمهورية». في اللقاء نفسه، قال الحريري لرئيس جبهة النضال الوطني علناً إن «من يرفض عون عليه أن يقول ذلك بصراحة وعلانية».
سمع جنبلاط من الحريري أنه ليس مستعدّاً لأن يكون رأس حربة ضد عون
وتشير مصادر المستقبل لـ«الأخبار» إلى أن «جنبلاط بدأ يُشيع أجواءً من الخلاف بين المستقبل والتيار الوطني الحر، تبدأ من العمل في الحكومة وتمتدّ إلى المشاورات المفتوحة بين المستقبل والرئيس نبيه برّي، وتصل إلى موضوع الرئاسة والتشريع في المجلس النيابي»، وهو «طلب من وزرائه عدم الدخول في سجال مع الوزير العوني، ولتترك الأمور بينه وبين وزراء المستقبل كي يقع الخلاف بينهم، ويتطوّر». طلب يهدف من خلاله جنبلاط إلى «زجّنا في أزمة حكومية مع عون عنوانها تعطيل الحكومة مقابل تعطيل الاستحقاق الرئاسي».
رغم ذلك، لا يريد تيار المستقبل الوقوع في «الفخ الجنبلاطي» كما تقول مصادره، التي أكدت «وجود تباينات في مقاربة بعض الأمور السياسية بين الحزب الاشتراكي والمستقبل». سيلعب تيار المستقبل بالتكتيك نفسه. لا يفجرها مع جنبلاط ولا يكسرها مع التيار الوطني الحر. في موضوع رئاسة الجمهورية، يطلب المستقبل من جنبلاط أن «يُحمّل مسؤولية التعطيل لحزب الله وعون اللذين تبقى رئاسة الجمهورية أسيرة لرغباتهما». وفي موضوع الحكومة لا يزال التيار يُصرّ عبر وزرائه على أن «مقاربة الموضوع من الأساس هو خطأ، لأن هناك 7 عمداء من أصل 9 محسوبين على التيار الوطني الحر والحزب القومي السوري»، مؤكدة «إبقاء العلاقة جيدة مع جنبلاط، ونحن حريصون على ذلك، رغم الاختلافات في وجهات النظر». بعد كل ما تقدّم، لا بدّ من استذكار المصالحة التي أجراها جنبلاط مع اللواء جميل السيد بعد اتصالات غير مباشرة بينهما. ويأتي الاتصال الأخير الذي أجراه جنبلاط بالسيد بمثابة «ردّ» من الزعيم الشوفي على حوار الحريري ـــ عون.