IMLebanon

المستقبل في بكركي: خسرنا المفتي وربحنا البطريرك

لم يخرج وفد تيار المستقبل برئاسة فؤاد السنيورة من بكركي خالي الوفاض. عاد بنتيجة إيجابية مفادها «التناغم المطلق» مع البطريرك الماروني حول مختلف الملفات «من الموصل إلى لبنان». مصادر الوفد أكدت أن اللقاء كان «عاطفياً بامتياز»!

عندما يزور النائب فؤاد السنيورة الصرح البطريركي، فإن الأبواب لا تُفتح أمامه كرئيس لكتلة المستقبل وحسب، ولا حتّى كموفد للرئيس سعد الحريري، ولكن كواحد من محرّكات السياسة والأفكار. بكركي تنظر إلى الرجل على أنه «جزء من حركة التأثير ونبض مهمّ لطريقة تفكير معظم المستقبليين، وحتى فريق 14 آذار». بهذه الكلمات تختصر مصادر الوفد المرافق للسنيورة أجواء اللقاء الذي جمعه بالبطريرك مار بشارة بطرس الراعي.

بعد الرئيس أمين الجميّل، كان الراعي أمس الوجهة الثانية التي قصدها تيار المستقبل، في إطار جولة يقوم بها ضمن «خريطة الطريق» التي اقترحها الحريري. من بكفيا إلى بكركي، لم يتغيّر «دفتر الشروط» المستقبلي.

الجلسة مع البطريرك كانت «عاطفية»، بحسب ما تقول مصادر اللقاء الذي تخلّلته خلوة صغيرة بين الراعي والسنيورة لمدّة ربع ساعة. «لم يكُن البطريرك مرتاحاً ولا وجهه مشرقاً». هكذا رآه نواب المستقبل. بدا كمن سلّم بعدم وجود حل لملف الرئاسة في المدى المنظور.

مصادر المستقبل: اللقاء مع حزب الله غير وارد لأن ظروفه لم تنضج بعد

وجد في صدر السنيورة «مساحة واسعة يشكو فيها القادة الموارنة وعدم اتفاقهم». استهلّ الراعي كلامه مع السنيورة بالحديث عن أن «المسيحيين هم المتضرر الوحيد من عدم انتخاب رئيس للجمهورية، رابطاً موضوع الفراغ وتداعياته بما يحصل للطائفة في سوريا والعراق والمنطقة ككلّ». وشدّد على «ضرورة انتخاب رئيس»، متسائلاً: «هل يعقل أن تبقى دولة بلا رأس؟». وكرّر البطريرك رأيه في أن «عدم القدرة على إيصال أحد المرشحين الرئاسيين الموجودين بأكثرية نيابية يعني البحث عن بديل، وبما أن رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع أعلن نيته سحب ترشيحه في حال الاتفاق على شخصية مارونية، تبقى العقدة رئيس تكتل التغيير والإصلاح ميشال عون الذي لا يبدو أن حزب الله مستعد للتراجع عن دعمه» بحسب ما نقل أحد أعضاء الوفد عن الراعي. رغم ذلك، «لم يبد الراعي نقمة على عون، بل على العكس، تناول موضوع ترشّحه من منطلق أنه حق له، لكن الظروف لا تسمح له بالوصول إلى بعبدا»، معتبراً أن «إلقاء اللوم عليه وحده لا يجوز». البطريرك حدّد مواصفات للرئيس العتيد، ومنها أن يكون «رجل مصالحة وعلى مسافة واحدة من الجميع»، من دون أن يطرح أمام الوفد اسماً لمرشح توافقي. وشدّد على أن «هذه المرحلة الحرجة تقتضي الحوار مع فريق سنّي معتدل كتيار المستقبل، فيه من التنوّع ما يؤسّس لجدار حماية للطائفة المارونية في لبنان»، خصوصاً أن «الغرب تخلّى عن المسيحيين في الشرق الأوسط».

بالنسبة إلى تيار المستقبل، لم تكُن أهداف زيارة بكركي هي نفسها أهداف اللقاء الذي جمع السنيورة بالجميّل سابقاً. سعى رئيس كتلة المستقبل إلى «تطمين الراعي إلى أن للمستقبل موقفاً مشتركاً مع الصرح في شأن ما يتعرض له المسيحيون في المنطقة»، وكذلك في ما يتعلق بالموضوع الرئاسي و«ضرورة حضور جلسات الانتخاب وتأمين النصاب»، أو «الوصول إلى مرشح توافقي»، مؤكّداً «عدم تمسّك المستقبل بأي مرشّح في فريق الرابع عشر من آذار». تقول المصادر إن الوفد «لمس تقارباً حقيقياً بينه وبين الراعي، وأن وجهات النظر كانت متطابقة تقريباً». وفي ظل «الفجوة التي أحدثتها زيارة الراعي لإسرائيل في علاقته مع حزب الله، ومن بعدها موضوع تعطيل الحزب للانتخابات الرئاسية»، ترى المصادر أن «المستقبل سيستفيد من التقارب مع بكركي بوصفها مرجعية وطنية لتعزيز حضوره ودوره، بعد أن بدا الراعي في أول عهده بعيداً عن تيار المستقبل». أحد نواب الكتلة علّق مازحاً بعد انتهاء اللقاء بالقول: «خسرنا المفتي وربحنا البطريرك»!

في الشكل، اللقاء الذي جمع الوفد بالراعي يعني أن المستقبل بدأ يترجم عملياً المبادرة التي أطلقها الحريري في كلمته خلال شهر رمضان الماضي. أما في المضمون، فقد استثمر التيار لقاءه هذا في اتجاهين؛ الأول «إظهار نفسه كتيار سياسي مسهّل لا معطّل في ملف الاستحقاق الرئاسي»، والثاني، والأهم، «كسب مساعدة بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للموارنة على إعادة تصويب المسائل بالشكل الصحيح، بعدما بات يُنظر إلى كل فريق سنّي على أنه داعشي، كما ظهر على لسان بعض الشخصيات المسيحية أخيراً». التمديد للمجلس النيابي لم يكُن مادة رئيسية في اللقاء. لكن المصادر رأت أنه «تحصيل حاصل ليس فقط عند الأفرقاء السياسيين، بل عند البطريرك الراعي الذي أطلق كلمة السرّ للسير به: لا انتخابات نيابية قبل الانتخابات الرئاسية».

في النتيجة، عاد الوفد المستقبلي أدراجه من بكركي حاملاً بشرى سعيدة لفريقه: «نحن والراعي في تناغم مطلق حول كل المواضيع». أما «الهدية» التي تركها السنيورة للراعي فهي «تأييد المستقبل لأي مبادرة رئاسية تخرج من الصرح والتعاون المطلق معها». وفيما لم تعلن مصادر الوفد بعد وجهته الثالثة في إطار جولته، جزمت بأن «اللقاء مع حزب الله غير وارد لأن ظروفه لم تنضج بعد».