حتى قبل مناقشتها، رفض تيار المستقبل مبادرة النائب ميشال عون الأخيرة. كيف يُمكن سعد الحريري الذي كان رأس الحربة في رفض اللقاء الأرثوذكسي أن يعود ويقبل به، نيابياً ورئاسياً؟ بحسب مصادر تيار المستقبل: «ما لم نعطِه لحليفنا سمير جعجع لن نمنحه لميشال عون»
في تيار المستقبل، ضحِك كثيرون في سرّهم وتنفّسوا الصعداء، عندما وصلت إلى مسامعهم مبادرة رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون الجديدة. وهؤلاء ممن كانوا يتحيّنون الفرصة للانقضاض على شعرة معاوية التي تربط عون بالرئيس سعد الحريري. في المقابل، بعض أقطاب المستقبل ممن أسكرتهم العلاقة مع التيار الوطني الحر، وتحمّسوا لتعميقها، أصيبوا بخيبة أمل لأن طرح عون الجديد الرئاسي ــــ النيابي ينسف كل جهودهم، ويؤكد أن الجنرال غير قابل لأن يكون مرناً مع المستقبل ما لم تكن العلاقة تجري وفق مصلحته.
ولطالما كان الفريق الأول في تيار المستقبل مؤمناً باستحالة تفاهم التيارين اللذين يمكن أن يجتمعا ولكن يستحيل أن ينسجما. وكانت شخصيات هذا الجناح (المعارض للتفاهم) شبه بعيدة عمّا يُحاك خلف أسوار قصر الحريري الباريسي. لكنها كانت أكثر واقعية، ولطالما أكّدت أن كل الطروحات التي يقدّمها عون غير قابلة لزرعها في أرض المستقبليين، رغم اقتناع الحريري بها في أغلب الوقت.
لم تكن كتلة المستقبل النيابية قد عقدت اجتماعها بعد للتشاور في مبادرة عون، حتى خرج عدد من نوابها لقتل المبادرة في مهدها. مصادر في الكتلة أكدت لـ«الأخبار»، قبل دخولها الاجتماع، أن الموقف من المبادرة لا يحتاج إلى دراسة، وهو شبه محسوم: «المبادرة مرفوضة بالمطلق». وتسأل: «كيف لسعد الحريري الذي كان رأس الحربة في رفض مشروع اللقاء الأرثوذكسي، واختلف مع حليفيه سمير جعجع وأمين الجميّل في شأنه، أن يعود ويقبل به؟»، مؤّكدة أن «ما لم نعطِه لجعجع لن نمنحه لعون». ورأت المصادر أن «إعلان عون في مبادرته العودة إلى القانون وسحبه أيضاً على الانتخابات الرئاسية، هو بمثابة نعي لكل أشكال التواصل مع المستقبل». وأضافت أن «عون بكلامه الأخير تخطى كل المبادرات والحوارات التي كانت مفتوحة، ليس بيننا وبينه وحسب، بل مع مختلف الأطراف التي لا يُمكن أن تقبل بما يقوله لأنه أقرب إلى الجنون».
نواب المستقبل:
المبادرة تقطع
خطوط التواصل
وترى مصادر تيار المستقبل أن ما طرحه عون «يدل على يأسه من إمكان القبول بانتخابه رئيساً توافقياً»، وهو في خطوته هذه «أراد قلب الطاولة في وجه الجميع مهاجماً إياهم باستراتيجيته القديمة الجديدة، وعنوانها حقوق المسيحيين، مطالباً بالعودة إلى القانون الأرثوذكسي، وبانتخاب كل طائفة نوابها». وحمّلت المصادر عون مسؤولية «قطع خطوط التواصل مع تيار المستقبل، لأنه لم يستطِع أن يثبت نفسه توافقياً».
خلال اجتماع كتلة المستقبل أمس، لم تكُن هناك وجهتا نظر حول مبادرة عون. الجميع كان رافضاً لها لأنها «تنسف النظام اللبناني وروح الطائف». وأكّد أحد نواب الكتلة أن «النقاش في مبادرة الجنرال لم يأخذ حيزاً واسعاً، حتّى أن أحداً لم يخرج ليقول إن علينا التروّي في اتخاذ موقف منها». وأشار إلى «أن هناك اتجاهاً تحدّث عن ضرورة أن يتحمّّل الحلفاء المسيحيون المسؤولية وأن يتخذوا موقفاً منها، لا سيما أنهم المعنيون مباشرة بالانتخابات الرئاسية». وجزم النواب خلال اجتماعهم بأن «طروحات عون غير قابلة للتنفيذ في أي شكل من الأشكال»، إذ «كيف يمكن، في ظل واقع المنطقة الحالي حيث يُعاد رسم حدود وتنشأ كيانات جديدة ويسعى فيها كل مذهب إلى رسم حدود خاصة به، أن نتبنّى طروحات تنفع لأن تنفّذ في دولة خلافة لا في دولة مثل لبنان؟». وتساءل نائب مستقبلي بارز عمّا إذا كان عون قد عرض مبادرته على حلفائه، «وتحديداً حزب الله الذي يرفض النقاش بها أو الرد على أسئلتنا في شأنها».
وكانت كتلة المستقبل قد أعلنت في بيانها أمس أنها «اطلعت على اقتراحات عون»، وأن الكتلة «يهمها التشديد على أن أي جهد أو اقتراح لتعديل المواثيق الوطنية أو الميثاق الوطني يحتاج إلى نقاش وطني مستفيض وفي ظروف ملائمة له».