IMLebanon

المسيحيّون بين “التغريدة” والحقيبة!

الشوشرة التي أحدثتها “تغريدة” مشبوهة ومفاجئة لا بدَّ من أن تكون لها غايات غير واضحة المعالم والأبعاد على الصعيد اللبناني، وإن يكن البعض لم يعرها الأهمية الكافية.

وإلا فلماذا تعمَّد “المغرِّد” المجهول توجيه هذه “البشرى السارة” الى المسيحيّين، ومن الزاوية التي يقيم فيها الهاجس الطائفي، وبكثير من الاستفزاز الذي يداعب الغرائز المذهبيَّة مباشرة؟

ليس في الامكان القول للبنانييّن إنها مجرَّد هلوسة، أو “قفشة” عابرة فلا تخافوا، وتالياً كيف نستطيع تحذيرهم من انها قد تكون من صنع الشيطان نفسه، ووراء الأكمة ما لا يطمئن؟

إنما، كلنا نعلم أن لا دخان بلا نار. وهذه “النيشنة” على كل كنائس المسيحيين وأجراسها بديهي أن تجعل الفأر يلعب في الأعباب، وأن تستفزَّ المشاعر الممزوجة بالقلق والتساؤلات.

إيّاً تكن الاحتمالات والاعتبارات والغايات، على المسؤولين والمرجعيات ذات الصدقيَّة والثقة أن تأخذ في الاعتبار “توجُّهات” هذه “التغريدة”، حتى لو كانت من انتاج بنات أفكار هواة، أو صبية، أو أفراد لا في العير ولا في النفير.

لا يُلام المسيحيّون إن هم نقزّوا وتوجَّسوا من هذه “الاشارة” المجبولة بالكراهية، فالمناخ التكفيري من حول لبنان لم يوفِّر المسيحييّن، سواء في العراق أو في سوريا. والمسيحيّون كانوا ولا يزالون هدفاً رئيسيّاً للمتطرّفين على اختلاف اسمائهم واحجامهم ومنظماتهم…

خصوصاً ان التنبيهات من “عرقنة” لبنان تكثَّفت في المرحلة الراهنة وتكاثرت. حتى إن أميركا بارك اوباما، التي تحوّلت ما يشبه امبراطورية من الذاكرة، أو من الماضي، أو من الخيال، سارعت الى التحذير من “عرقنة” هذا البلد المعتّر الذي طبَّق وصفة النأي بالنفس التي أشاروا عليه بها، ونصحوه بالابتعاد كليّاً عن اللعب بالنار. وسكت عن الفراغ الرئاسي والشلل والتعطيل.

ولكن، ما علاقة هذا بذاك، وما ذنب المسيحييّن اذا ما اشترك حزب ما في الحروب السورية الى جانب النظام؟

حتى وإن كانت هذه “المفاجعة” من باب التهويل والضغط على فئات محليّة أو جهات خارجيَّة ربما، فان وقعها كان ثقيلاً ونافلاً وغير مقبول… ولو قيل إن الفاعل مجهول، والقصة ليست حرزانة.

فهذا ينمُّ عن “شعور” منتشر في المنطقة. وإن كانت المظلة إياها لا تزال تحتضن الاستقرار اللبناني. ومَنْ يدري ما الذي تخبئه، ومَنْ يقف خلفها، وماذا يليها؟ فالتطورات في الشريط الذي يحيط بلبنان مفتوحة على كل الاحتمالات.

على الحكومة، ومجلس النواب، والقيادات، والمرجعيّات السياسيَّة والروحيَّة، أن تتولَّى هي الردَّ الواضح والشديد اللهجة على هذه “التهويلة”، كائناً مَنْ كان خلفها أو قدَّامها.

أما المسيحيّون وقياداتهم الهشة، الغارقة معهم في الشخصانيّة والمركنتيليّة، فمطلوب منهم في هذه المرحلة ألا يكتفوا بتفقَّد جوازاتهم وحقائبهم، على جاري عادتهم!