IMLebanon

المشاورات بين الوطني الحرّ والمستقبل مُستمرّة

المشاورات بين الوطني الحرّ والمستقبل مُستمرّة

وقطعت أشواطاً مُتقدّمة قلق «وسطي» من أيّ تسوية حريريّة ــ عونيّة حول الرئاسة وقانون الانتخاب

هو الفراغ المتمدد من الرئاسة الأولى نحو الرئاسية الثانية والثالثة، بحيث أن المعادلة باتت واضحة بين فريقي الإنقسام 14 و8 آذار. فمقابل تعطيل المجلس النيابي من قبل فريق 14 آذار في ظل حالة الشغور فإن فريق 8 آذار سيعطل عمل الحكومة حتى اشعار آخر وذلك من دون أي مبالاة بأوضاع البلاد والعباد ما سيترتب على هذا الفراغ من تعطيل لعمل مؤسسات الدولة ودورها في تسيير وإدارة شؤن الناس. هذا ما قالته مصادر وسطية لـ «الديار»، مضيفة أن هناك هواجس تصيب بعض الأفرقاء لناحية مخاوفها بأن يكون التعطيل المتبادل على صعيد عدم تأمين نصاب جلسات انتخاب رئيس الجمهورية المتتالية ليست سوى عملية ربط نزاع لجر التعطيل إلى عمل المجلس النيابي وكذلك لجر التعطيل ضمنا إلى العمل الحكومي، ليكون ذلك مقدمة لإعلان ترشح العماد عون كخيار ضروري لتجنيب البلاد المزيد من التعطيل، بحيث أن هذا التعطيل المبرم والمطبق قد يشكل مبررا كافيا للرئيس سعد الحريري أمام جمهوره وحلفائه لإعلان دعمه لترشح العماد عون لإنقاذ البلاد من متاهة التعطيل ومخاطر القفز في المجهول في ظل مرحلة صعبة ودقيقة وخطيرة يمر بها لبنان.

المصادر الوسطية أشارت الى أن هذا الواقع المرير الذي وصل إليه البلد بعد مرحلة الشغور المفتوحة يدفع بالنائب وليد جنبلاط إلى التمسك أكثر بخيار دعم ترشيحه للنائب هنري حلو على قاعدة أن البلد أكثر ما يحتاج إليه في هذه المرحلة هو صوت العقل والحوار والإعتدال، لاعتباره ان الخيارات الحادة والجامدة والمواقف المتصلبة والمتطرفة لا تقود البلاد سوى إلى الفراغ والتعطيل والشلل ونحو المزيد من الانكشاف الأمني والسياسي للساحة اللبنانية التي ستبقى مهددة بالانزلاق نحو براثن الفوضى والفتنة ما يدفع فريقي الانقسام الى ضرورة العودة إلى الواقعية السياسية التي تحتم الخروج من بازار التعطيل وسياسة المزايدات والنكايات في مقاربة الاستحقاق الرئاسي، وهذا الأمر يتطلب من الجميع الانطلاق بأسرع ما يمكن في المباحثات والمشاورات الجدية التي توصل رئيسا جديدا للجمهورية يتحلى بمواصفات التوافقية والقدرة على التعاون والتواصل مع جميع الأفرقاء في الداخل والخارج لما فيه خير لبنان والحفاظ على وحدته الوطنية وعيشه الوطني المشترك وحماية وتحصين السلم الأهلي الذي سيبقى مهددا طالما أن الخطاب الطائفي والمذهبي التحريضي لا يزال يشكل العصب الاساس لمواقف كل من فريقي الإنقسام في البلاد.

إلى ذلك، رأت أوساط سياسية واسعة الإطلاع أن الكلام المسرب والمتداول في بعض أوساط تيار المستقبل والذي يحاول التقليل من المستوى والمدى الذي بلغته المباحثات والمشاورات بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل من خلال القول أنه لا توافق على رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون من دون موافقة الحلفاء المسيحيين في 14 آذار، لا سيما رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس حزب «الكتائب» امين الجميل، وإن كان «التيار» لا يضع «فيتو» على عون، هو كلام يقع بين منزلتين، المنزلة الأولى بأنه غير دقيق ويصدر عن مسؤولين يريدون تطمين الحلفاء المسيحيين في 14 آذار ولا يريدون أو يعترضون على اجراء مثل هذه المحادثات والمشاورات مع التيار العوني من الأساس، وهم في هذا السبيل يتوجسون من أي تسوية يمكن أن تنتج عن هذه المحادثات والمشاورات ولا يوفرون مسعى على هذا الصعيد لعرقلة ومنع حصول مثل هذه التسوية، والمنزلة الثانية هو كلام يصدر عن قياديين في تيار المستقبل هم بعيدون جدا عن تفاصيل الحوار الجاري بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل وبالتالي فأنهم ليسوا مطلعين على حقيقة ما يدور في كواليس المباحثات الجارية بين التيارين في الأروقة المغلقة بحيث أن مهمة التواصل والمتابعة مع الفريق العوني من قبل تيار المستقبل هي حصرا بين كل من نادر الحريري والنائب السابق غطاس خوري وهناك قيادات أساسية داخل تيار المستقبل تعترض على ما يجري لشعورها بأن هناك تعتيماً على صعيد اطلاعها على حيثيات وتفاصيل العلاقة بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر.

الأوساط لفتت الى أن هناك قلقا ينتاب قوى سياسية عديدة لا سيما القوى الوسطية في البلد من التفرد والثنائية التي تستثني وتتجاوز بقية مكونات الوطن بشأن الاتفاق حول الاستحقاق الرئاسي والقانون الانتخابي الذي على أساسه ستجري الانتخابات النيابية المقبلة في لبنان. ولا تخفي هذه الأوساط بأن هذا القلق من الثنائية المقصود به هذه العلاقة المستجدة بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل وما يتخللها من مباحثات ومشاورات يشوبها الغموض وعدم الوضوح، خصوصا أن التسريبات المتواترة تشير الى أن التيار الوطني الحر وتيار المستقبل قطعا أشواطا متقدمة على صعيد ترتيب العلاقة بينهما وذلك على أساس التفاهم الضمني وغير المعلن على كل من الانتخابات الرئاسية والانتخابات النيابية.

وتتابع الأوساط عينها، بأن المعلومات المتداولة في كواليس الأروقة السياسية تشير الى ان لقاءات وزير الخارجية جبران باسيل ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري مستمرة على صعيد استكمال المباحثات المعلقة في ترتيب العلاقة والتفاهم الكامل بين التيارين حول كافة القضايا المطروحة، وهذا الأمر يثير قلقا ونقزة عند بقية الفرقاء لا سيما مسيحيي 14 آذار الذين يشعرون وعن حق بأن هناك صفقة كاملة يتم الإعداد لها بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل وهم أي مسيحيو 14 آذار، على أقل تقدير، هم بعيدون جدا عن تفاصيل هذه الصفقة وأبعادها وخلفياتها ونتائجها المتوقعة على صعيد رسم وتحديد آفاق المرحلة السياسية المقبلة في لبنان، وعلى أبعد تقدير فإن هذه الصفقة يمكن أن تكون على حسابهم ومن أجل ذلك هم خارج دائرة مساراتها وبطبيعة الحال أن حصول مثل هذا السيناريو سيكون المسمار الأخير الذي يتم «دقه» في نعش ثورة الأرز وما تبقى من بقايا فريق 14 آذار الذي أضاع قياديوه الفرص مرارا وتكرارا والنتيجة كانت تقهقر هذا الفريق وتراجع قدراته على التغيير والتأثير في الأحداث الجارية في لبنان ومحيطه وجواره.