يقول رئيس سابق للحكومة إن الطرف الذي يصر على عرقلة انتخاب رئيس للجمهورية يرمي الى ابقاء الباب مفتوحاً لتنفيذ خطة احداث الفراغ الشامل، وهو فراغ لا خروج منه إلا بعقد مؤتمر وطني داخل لبنان أو خارجه لوضع دستور جديد يكون أكثر عدالة وانصافاً في توزيع الصلاحيات على الطوائف الكبرى. فبعدما تحقق الشغور في الرئاسة الاولى، فإن في استطاعة هذا الطرف تحقيق فراغ حكومي ساعة يرى ذلك ضرورياً بالانسحاب من الحكومة، وفي استطاعته أيضاً تحقيق فراغ مجلسي برفضه اجراء انتخابات نيابية على أساس قانون الستين إذا تعذر الاتفاق على قانون جديد ورفضه التمديد لمجلس النواب.
هذه هي الخطة التي يعمل معطلو اجراء الانتخابات الرئاسية على تنفيذها خطوة خطوة وإلا لكانوا رشحوا من ينافس مرشح 14 آذار على الرئاسة أو كانوا طرحوا اسم مرشح مستقل تنطبق عليه صفة التوافقي أو أكثر من اسم وتركوا لمجلس النواب الاقتراع لمن يشاء منهم. أما أن يرفض الطرف المعرقل تسمية مرشح ينافس مرشح 14 آذار ويرفض حتى تسمية مرشح يريده أن يكون توافقياً، فمعنى ذلك انه يريد اعطاء الوقت الكافي لايران واللحظة المناسبة كي تختار هي رئيساً للبنان، حتى اذا ما رفضه الطرف الآخر خيِّر بين القبول به أو مواجهة الفراغ الشامل وشل عمل كل المؤسسات باستقالة الحكومة وتعذّر اجراء انتخابات نيابية والتمديد للمجلس.
هذا هو المخطط الجهنمي الذي يعمل على تنفيذه معرقلو انتخاب رئيس للجمهورية، ما يدعو رداً عليه الى اعتماد كل وسائل الضغط الداخلية والخارجية من أجل انتخاب رئيس قبل أن تبدأ مهلة الدعوة الى اجراء انتخابات نيابية، لأن لا خروج من الوضع الشاذ الذي وضع فيه لبنان الا بانتخاب الرئيس لأن انتخابه هو بداية الحل، إذ لا جسم يستطيع أن يتحرك اذا كان رأسه مقطوعاً، وعندما يتم انتخاب رئيس للجمهورية، يتم على الفور تشكيل حكومة جديدة تشرف على اجراء انتخابات نيابية أو يكلف الحكومة الحالية الاشراف عليها اختصاراً للوقت على ان يتم تشكيل حكومة جديدة في ضوء نتائج الانتخابات وانبثاق مجلس نيابي جديد يمثل تمثيلاً صحيحاً شتى فئات الشعب واجياله. ولكي يتم اجراء انتخابات نيابية في الموعد الجديد المحدد لها، يطلب رئيس الجمهورية من مجلس النواب مناقشة كل ما لديه من مشاريع انتخاب لاقرار واحد منها.
الى ذلك، يرى رئيس سابق للحكومة أن لا شيء يقطع الطريق على تنفيذ خطة احداث فراغ شامل في لبنان وشل عمل كل السلطات والمؤسسات سوى انتخاب رئيس للجمهورية. اما كيف يتم ذلك اذا ظل تأمين نصاب الثلثين متعذراً فباعتماد احد السبل الآتية:
اولاً: ممارسة ضغوط دولية على ايران لكي ترفع الحظر المفروض على انتخاب رئيس للجمهورية وذلك بالتفاهم معها على اختيار رئيس توافقي كما صار اختيار العماد ميشال سليمان من قبل.
ثانيا: محاولة خرق صفوف مقاطعي انتخاب الرئيس بممارسة ضغوط عربية ودولية وفاتيكانية على بعضهم ولا سيما على نواب “تكتل التغيير والاصلاح” وعلى “حزب الله” كي يترك حرية التصرف لحلفائه في الانتخابات الرئاسية اذا ظل هو مصراً على المقاطعة، ومن دون أن يؤثر ذلك في تحالفه مع العماد عون، لأنه سبق لـ”حزب الله” أن كان له موقف مخالف لموقف نواب “التيار الوطني الحر” ولم يفسد ذلك في الود قضية.
ثالثاً: ان يجري الرئيس نبيه بري اتصالات ولقاءات مع أقطاب قوى 8 و14 آذار في محاولة للاتفاق على مرشح رئاسي توافقي من خارج هذه القوى، واذا تعذّر الاتفاق على لائحة باسماء مرشحين مستقلين مهما بلغ عددهم، يتولى مجلس النواب بالاقتراع السري غربلة هذه الاسماء الى ان يفوز المرشح الذي ينال اكثرية الاصوات المطلوبة.
الواقع ان لبنان يواجه الآن احد خيارين: إما الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية ومن هذا الانتخاب ينطلق الحل الشامل لكل الازمات، واما ان يظل هذا الانتخاب معطلا ويهدد بتعطيل عمل كل المؤسسات.