لم يكن أحد ينتظر تحول قضية الموقوفين الاسلاميين الى حال سياسية استثنائية فرضت نفسها في مجال البحث عن حلول للمخطوفين العسكريين لدى تنظيم «داعش» وجماعة «النصرة»، بدليل اصرار الخاطفين على مبادلتهم بطريقة المقايضة مع الذين لم يعرف لبنان الرسمي والسياسي كيف يتعاطى معهم منذ سنين طويلة، ظناً من بعض الجهلة ان الوقت كفيل بإنجاز ملفاتهم العالقة أمام القضاء، بحجة ان لا مكان لمحاكمتهم الى ان جاء انجاز قاعة ضخمة لذلك في سجن رومية، من غير ان تتحقق الغاية المرجوة من وراء ذلك؟!
وهذه قضية المخطوفين من العسكريين ومن قوى الأمن الداخلي عالقة الى حين معرفة مصير الاسلاميين، طالما ان تنظيم داعش وجماعة النصرة لا مجال للمزاح معهما، بدليل ما أقدما عليه يوم قطعا رأس عسكريين دليلاً على جدية تصرفهما، بل دليلاً على ما هم بصدد من يطالبان به من السلطة اللبنانية التي لا تعرف الى الآن ماهية الاجراء الذي ستتخذه قبل ان يفلت الحبل من بين يديها، ويدي من يزعم أنه قادر على معالجة قضية المخطوفين من خلال هذه الدولة او تلك، خصوصاً ان العصبية المذهبية مرشحة لأن تفعل فعلها، في هذا المجال الحساس!
لقد جاء خبر قطع رأس أحد البريطانيين ليزيد الطين اللبناني بلة، وهذا بدوره من ضمن المخاوف اللبنانية، حيث لا بد من حصول المقايضة من غير حاجة الى ان يزعم هذا او ذاك أنه أذكى من الخاطفين، بدليل تمسك هؤلاء بما يطالبون به. وحسناً يفعل اللبنانيون عندما يقايضون المخطوفين من العسكريين وقوى الأمن بعدد من الموقوفين الاسلاميين الذين تعتبر قضيتهم محقة وعادلة من المنظار القانوني حيث لا يعقل ان يستمر التوقيف من غير محاكمة!
الذين يفهمون بالأصول يؤكدون ان الأوراق التي في حوزة الخاطفين أهم من الأوراق التي في حوزة السلطة اللبنانية، والا ما معنى استمرار اعتقال هؤلاء الاسلاميين من غير محاكمة طوال هذه المدة، مع العلم ان ما جاء ليطالب بهم يعرف أنه سيحصل على أكبر عدد من هؤلاء، من غير حاجة الى اعتبار القضية قضية مقايضة، والا ما معنى رهن موقف السلطة بما سيصدر عن الحكومتين القطرية والتركية، حيث تنصب المراجعة اللبنانية على أمل حلحلة القضية؟؟
وثمة من يرى حلاً ايجابياً لموضوع الموقوفين الاسلاميين، «لأن المقايضة تكفل للبنان حلاً منطقياً، ازاء مبادلتهم بالمخطوفين»، إضافة الى ان المقايضة تؤمن للبنان حلاً لقضية عالقة منذ أكثر من عشر سنين، لاسيما ان حصول المقايضة لا ينقص من سمعة لبنان الرسمي ومن قدرة الدولة على مواجهة الموضوع بدليل ما حصل مع الاميركيين أخيراً حيث قايضوا بين معتقليهم من العسكريين في افغانستان مع عدد من معتقلي طالبان. والمؤكد في هذا المجال ان لبنان ليس أقوى من أميركا ليشعر بالخجل ازاء ما هو مرجو منه لاستعادة عسكرييه؟!
ان الدوران في هذه القضية يزيد من تعقيدها بحسب ما دلت عليه المعطيات السياسية، ما يعني ان المقايضة تبقى أفضل الف مرة من ان يقدم الخاطفون على قطع رأس جندي مهما كان والى أي مذهب انتمى، والأدلة على ذلك توحي بأن الأهالي الذي يتحركون على موجة التنديد بتخلي الدولة عن العسكريين، وهذا بدوره لا يصب في مصلحة السلطة التي لا بد وان تدرك خطأها ولو متأخرة؟؟