IMLebanon

الموارنة يطالبون برئيس قوي وخلافاتهم تمنع وصوله

قبل الاجابة عن السؤال كيف يجب أن يتعامل الرئيس العتيد مع الطائف، أو الدستور، يناقش الدكتور الرفاعي بداية «صلاحيات رئيس الجمهورية وكيف كانت»، موضحاً ان دستورنا اعتمد بالاستناد إلى «ثلاثة قوانين دستورية للجمهورية الفرنسية الثالثة، حيث وضع بداية بصيغة ملكية، وجاء هنري مكماهون القائد العظيم الذي سايروه بعدما مارس مهماته على مدى سنتين منذ العام 1875 حتى 1877 لكنهم عادوا وقاوموه بحجّة أنهم قادوا ثورة لكي لا يظل الدستور ملكياً فحلّ مجلس النواب، لكن اعيد انتخاب المجلس فأطلقوا العبارة الشهيرة «إما يرضخ أو يستقيل«، فرضخ واستقال. وضع الدستور من أجل مكماهون بروحية ملكية، فجعلوا له حدّاً وجعلوا الأعراف غير النص. النص كان يقول ان الرئيس يعيّن الوزراء ويقيلهم بينما كان يأخذ دائماً برأي النواب والأحزاب، فجعلوه غير مسؤول وغير المسؤول لا يعطى صلاحيات، وربطوه بمادة نقلناها نحن إلى المادة 54 في دستورنا التي تقول ان جميع قرارات الرئيس يوقّعها رئيس الوزراء والوزير المختص. في لبنان اقتبسنا هذا الدستور حرفياً عن الجمهورية الفرنسية، لكن أيام الانتداب حتى الفرنسيون لم يطبقوا النص الحرفي للدستور. في العام 1943 اعتمدنا الأعراف المتبعة في فرنسا، اي لا قيمة اطلاقاً لما نص عليه الدستور، مثل «رئيس الجمهورية يعيّن رئيس الوزراء ويقيل الوزراء». كانت القوة الكبرى لرئيس الجمهورية قبل الطائف تكمن في أنه يعيّن رئيس الوزراء بنفسه. كانوا يسترضون رئيس الوزراء دائماً فصار يستخدم صلاحيات فوق صلاحياته ويتمدد فيها في عهدَي الرئيس فؤاد شهاب والرئيس كميل شمعون. في مطلع عهد الرئيس بشارة الخوري لم يضعوا عرفاً ثابتاً فراحت الأيام تحبل. الطائف وضع كما قيل بسبب الخلاف على صيغة الدستور والنظام. الكل يقول ذلك لكن الكل مخطئ. السبب الحقيقي هو القضية الفلسطينية حيث حمت فئة من المسلمين والدروز في 1975 الفلسطينيين من جهة، ومن جهة اخرى كان المسيحيون وفي مقدمهم بشير الجميل ضدّ تمادي الفلسطينيين. كانت هناك فئة Neutre مثل صائب سلام، ريمون اده، ألبير منصور، حسن الرفاعي وحسين الحسيني وعلي الخليل، رغم ان علي الخليل كان يميل إلى الفلسطينيين أكثر. تلقّينا تهديدات، صائب سلام وأنا، وجاء «أبو اياد» الى منزلي، ما يعني أنّ القضية الفلسطينية لم تكن تحظى بموقف واحد من كل المسلمين. فليس رشيد كرامي الذي وضع «اتفاق القاهرة«. فؤاد شهاب هو السبب و»المكتب الثاني» لإرضاء عبدالناصر. سلّموا المنطقة الإسلامية إلى الفلسطينيين وخاصة الجنوب. كنت وزيراً للتصميم آنذاك، أي رئيساً لمجلس الجنوب، وجاءني أحدهم يشكو لي «أخذوا دكاني وزوجتي»، أنا كوزير اتصلت بالمحافظ في صيدا كان من آل لحود، فقال لي ان الجنوب منطقة عسكرية ويجب التكلم مع الضابط الفلاني. اتصلت بالضابط فقال لي يجب أن أراجع «أبو أياد« أو أبو فلان. الوضع كان فالتاً في الجنوب. وفي الوضع الداخلي السياسي كان عبدالحميد غالب (سفير مصر في لبنان آنذاك) يمسك بكل شيء. أذكر حادثة مع ابن شقيقة البطريرك بولس المعوشي، كان نائباً عن جزين (جان عزيز) قال لي يا حسن نبرتك اسلامية، وما فهمته ان عبدالحميد غالب هو الذي يصنع رؤساء الجمهورية في لبنان. كان امبراطوراً. دعنا نزوره. سايرت جان وذهبنا إلى السفير، ثم ذهبنا إلى البطريرك المعوشي وأبلغناه بما جرى، فقال لي «الموارنة هم السبب، كفّروني وعملوني محمد وأنا متعصّب جداً للموارنة».

يضيف الرفاعي: «إذاً في الجمهورية الفرنسية منذ العام 1877 حتى العام 1940 الأمور كانت تسير بصورة طبيعية جداً وفقاً للأعراف. اقتبسنا دستورنا من الفرنسيين بأعرافهم. كيف طبّق الدستور منذ العام 1943؟ عندما كان رئيس الجمهورية يريد تعيين رئيس للوزراء يسأل الفئات المختلفة ثم يعود إلى رأيه. الوزراء كان يختارهم رئيس الوزراء ولم يكن لرئيس الجمهورية صلاحية في اختيارهم، كانت له صلاحية «الفيتو«. لكن كان رئيس الجمهورية قوياً في تشكيل الحكومة عندما يكون رئيس الوزراء ضعيفاً، حيث إن أحد رؤساء الحكومات اشترط على الرئيس سليمان فرنجية توزير نجل الأخير في الحكومة. في الأعراف لم يكن لرئيس الجمهورية صلاحية في الممارسة منذ العام 1943 حتى 1989 1990 إلى أن أقرّ الطائف».

[ إذاً يجب أن يواصل رئيس الجمهورية تطبيق الأعراف؟

– «لقد طبّقت الأعراف وأصبحت في الدستور لأنّ النص كان يقول انه يعيّن الوزراء ويقيلهم لكنه لم يكن يقيل الوزير لوحده. أذكر حادثة ان الرئيس سليمان فرنجية أراد إقالة الوزير هنري إده فوقّع المرسوم معه الرئيس صائب سلام، فعاتبه ريمون إده أمامي قائلاً: «ولو يا صائب بك، أنت توقّع على مرسوم إقالة هنري إده»، فأجابه: «لو لم أوقّع معه لكان وقّع المرسوم بمفرده، توقيعي معه يعني أنه لا يستطيع التوقيع بمفرده».

يتابع الرفاعي: «يجب على رئيس الجمهورية أن يلتزم بالدستور والأعراف، إذا أردنا أن يلتزم الرئيس بحرفية الدستور يحلّ بنا ما حلّ بالفرنسيين عام 1877. لا، لقد اقتبسنا دستورنا حرفياً عن الفرنسيين لكن اقتبسنا معه الأعراف التي طبقها الفرنسيون».

[ الأعراف تعني الميثاق؟

– «كلا، الميثاق أولاً كلمة دخيلة. لا يوجد ميثاق. المواثيق توقّع بين الدول أو بين العشائر. الدستور لا يعلو عليه شيء، لا ميثاق ولا أي شيء آخر اطلاقاً، هناك أعراف أصبح لها بسبب الاستمرار قوة الدستور. رئيس الجمهورية لم يُقِلْ حكومة واحدة قبل الطائف، علماً ان النص يمنحه هذه الصلاحية. لم يحلّ مجلس النواب والحل كان من صلاحياته أيضاً، باستثناء العماد ميشال عون الذي فكّر بحلّ المجلس، مع العلم ان حكومته لم تتشكل. لا صحة للقول بأنّ صلاحيات رئيس الجمهورية ضعفت، الرئيس هو حامي الدستور، وحامي الدستور يفترض ان يمارس صلاحياته عبر الوزراء. كان الفرنسيون يقولون ان رئيس الجمهورية حَكَم (Juge)، لماذا؟ لأنه جاء في نص الدستور انه يعيّن الوزراء ويقيلهم ويحلّ مجلس النواب. لكن في فرنسا لم يحلّ رئيس الجمهورية مجلس النواب اطلاقاً منذ العام 1877 حتى العام 1940».

[ وهل لوجوب تمسك رئيس الجمهورية بالأعراف علاقة بالتوازنات الوطنية؟

– «كلا، عندما تتحدث في الدستور لا يمكن الحديث عن توازنات وطنية. في بعض الأحيان يطيح رئيس الجمهورية بالدستور ليحمي التوازنات. بعضهم يقول إنّ لبنان نظام جمهوري ديموقراطي وبرلماني. لكن مع الطائف لم يعد نظامنا جمهورياً لأنّ مجلس الوزراء يجتمع من دون رئيس الجمهورية. في النظام الجمهوري يجب ان يكون رئيس الجمهورية حاضراً. أنا رفضت أن لا يكون لبنان نظاماً جمهورياً لأنني متمسك بالأعراف التي طبّقتها فرنسا. قامت القيامة عندما تم تعيين أمين الحافظ رئيساً للحكومة، وجاءني صائب سلام ورشيد كرامي وقالا لي ان رئيس الجمهورية يعيّن رئيس الوزراء الذي يريده فلينتخب مجلس النواب رئيس الوزراء. فقلت له يا صائب بك (بحضور كرامي)، غداً ستضطرون إلى دفع المال للنواب من اجل انتخابكم كما يحصل مع رئيس المجلس النيابي الذي يدفع المال كما قال لي صبري حمادة. لقد أقسم لي صبري أن أحد النواب الوجهاء (وهو شاعر وأديب) قبض مني سبعة آلاف ليرة لكي يعطيني صوته، فكان اقتراحي أن نجعل الاستشارات النيابية ملزمة فيكون النائب ملزماً علناً بتسمية رئيس الوزراء. ثم جرى تبني هذا الاقتراح في بيت الدين ومن ثم اعتمد في الطائف بعد ان قدمت الاقتراح مكتوباً الى اللجنة السداسية العربية والى الوزير سعود الفيصل في الطائف».

ويرى الرفاعي ان الرئيس القوي هو «القوي بشخصيته ومَن لديه مستوى ثقافي، فعندما تكون لدينا ثقافة ديموقراطية غنية ولدى الرئيس إقدام وكفّه نظيف، أي لا يحتمي بالسرّية المصرفية التي لا تطال العاملين في الحقل العام في أي بلد في العالم حتى سويسرا، يكون قوياً. عندما أراد ريمون اده تطبيق قانون السرّية المصرفية كان الهدف حماية الأموال والمصارف وتشجيع رؤوس الأموال على المجيء إلى لبنان. لكنها شملت لاحقاً الوزراء والنواب وإذا أردنا اليوم إلغاءها فمَن سيعارض؟؟ النواب.

يفترض أن يكون رئيس الجمهورية قوياً لكي يحمي الدستور، لكي يطبق الدستور. قوته في حزمه وقوة شخصيته، يريد تطبيق الدستور يعني يريد تطبيق الدستور ولا يخشى الاضرابات سواء نفذها «حزب الله» أو حركة «أمل»، أو «تيّار المستقبل» الخ… كان فؤاد شهاب يتحجّج بالكتاب علماً انه كان أبعد الناس عن الكتاب، أي الدستور، لأن «المكتب الثاني« عندما أدار الانتخابات النيابية شهدت أكبر عملية تزوير. وعندما يتم تزوير الانتخابات فهذا يسقط عنه صفة «القوي» ويصبح رئيساً مستبدّاً.

هذا في المواصفات، أما في التجربة فيرى الرفاعي ان الموارنة بالدرجة الأولى «يخشون الرئيس القوي. هم يطالبون به شفوياً، لكنهم يمنعون وصوله. أكبر دليل على ذلك ريمون اده ترشّح أكثر من مرّة، كان السنّة والشيعة يريدونه رئيساً لكن الموارنة حاربوه. المسؤولية تتحمّلها القيادات المارونية فهي لا تريد رئيساً قوياً. البرهان اليوم سمير جعجع فهو قوي وميشال عون قوي لكن كل منهما يحارب الآخر. هما فعلاً رئيسان قويان وإذا انتخب أحدهما يحكم فعلاً. لكن مَن الذي يمنعهما؟ فليتفق المسيحيون على عون مثلاً أضمن لك أنّ «تيار المستقبل» يؤيّده أوّلاً لأنّ المسيحيين اتفقوا عليه».

إذاً، عدم اتفاق الموارنة «يضعفهم« و«يمنع« وصول رئيس قوي، يضيف الرفاعي: «فلو كان هناك خلاف بين «حزب الله» و»أمل» لما أتى رئيس مجلس نواب قوي. وعندما كان السنّة يختلفون في ما بينهم كان يعيّن رئيس وزراء ضعيف«.

أما «الفراغ»، المصطلح المتداول حالياً، فلا مكان له في قاموس الرفاعي: ««كلمة فراغ خطأ، طالما أنّ هناك حكومة حائزة على الثقة فهي تحل مكان رئيس الجمهورية. الفراغ هنا معنوي بمعنى ان الشغور في كرسي الرئاسة سيفقد لبنان الهالة الكبرى التي لديه بشغور موقع الرئيس المسيحي الماروني».

ويضيف: «السلطة التنفيذية كانت ولا تزال بيد مجلس الوزراء. رئيس الجمهورية كان ولا يزال رئيساً للسلطة التنفيذية. الخطأ الكبير هو أن يعقد مجلس الوزراء من دون حضور رئيس الجمهورية. والخطأ الأكبر كان إعطاء رئيس الجمهورية الصلاحية بردّ قرارات مجلس الوزراء، اي انه منحه حق محاسبة الحكومة قبل مجلس النواب. لكن في هذه الحال يجب أن يكون هناك رئيس قوي يرد قرارات مجلس الوزراء. ريمون اده كان ليفعل ذلك يمكن أن يعيّن مجموعة خبراء مستشارين له يدرسون القرارات ويحضّرونها له كما كان يقول الرئيس سليمان فرنجية عندما يذكّرنا بأنّه نال الشهادة المتوسطة فقط لكن كان يجمع حوله مستشارين أكفاء من كل الاختصاصات «يلقنونني درسي لأكون جاهزاً عندما أحضر إليكم». قلت للرئيس ميشال سليمان «يا فخامة الرئيس شكّل الحكومة (قبل تشكيلها)، يمكن ان يكون لك فيها 51% ولرئيس الحكومة 49%. المشكلة كانت في عدم إقدامه مع محبّتي له. كان في امكانه تشكيل الحكومة وعدم الانتظار 10 أشهر. لديه صلاحية التوقيع، وإذا لم تنل الحكومة التي شكّلها الثقة فلتتحوّل الى حكومة تصريف أعمال».

ويعود الرفاعي الى اهمية صلاحية توقيع رئيس الجمهورية على تشكيل الحكومة التي تحول دون تشكيل الحكومة بمعزل عن موافقته: «في السابق كان صائب سلام (في عهد فؤاد شهاب) هو مَن يشكّل الحكومة، لأنه كان رئيس حكومة قوياً. لكن كان لرئيس الجمهورية بموجب العرف الحق بالفيتو على اسم أو اثنين في فرنسا وفي لبنان. لكن بعد الطائف أصبح رئيس الجمهورية يشكل الحكومة بالاتفاق مع رئيس الحكومة، أي في هذا الموضوع أصبح رئيس الجمهورية أقوى من رئيس الحكومة. وفي مسألة رد القرارات أيضاً أصبح أقوى إذ أنّ الحكومة إذا اجتمعت من دون رئيس الجمهورية لا تستطيع نشر أي مرسوم إلا إذا كان موقّعاً منه وبالتالي له حق ردّ قرارات مجلس الوزراء».

وعمّا إذا كان ليس ضرورياً أن يوقّع كل الوزراء على القرارات في حال شغور مراكز الرئاسة، يقول: «الشغور يكون في حال مرض رئيس الجمهورية أو وفاته أو استقالته، لكن الحالة الراهنة ليست شغوراً بل نهاية ولاية. وفي حال عدم انتخاب رئيس جمهورية تصبح السلطة التنفيذية بيد مجلس الوزراء ولم ترد في الدستور كلمة مجتمعاً. والعرف هو ان تتّخذ القرارات في مجلس الوزراء بالنصف زائداً واحداً ومَن لا يعجبه يستقيل، أو يرضخ لرأي الأكثرية. مسألة الثلثين جاءت بناء على تدخّل سوري، ومسألة الثلث المعطّل لم تذكر إلا في «الاتفاق الثلاثي» بين نبيه بري ووليد جنبلاط وايلي حبيقة وكريم بقرادوني. لذلك يجب تطبيق المادة 49 من الدستور الذي لم ينص على نصاب بل قال ينتخب في الدورة الاولى بغالبية الثلثين وفي باقي الدورات بالنصف زائداً واحداً. اخترع الرئيس بري مسألة نصاب الثلثين في الجلسة الثانية وهذا خطأ. لم يلحظ الدستور في المادة 49 مسألة النصاب لأنّ الواجب هو حضور كل النواب. والمادة 73 من الدستور اقتبست من دستور الجمهورية الفرنسية التي تقول Les Deux chembers doivent se reunir والتي عرّبت في لبنان بكلمة «يلتئم» مجلس النواب. الالتئام إجباري. أن يلتئم مجلس النواب يعني أنه يجب أن ننتخب حكماً. في فرنسا كان يتم الانتخاب في الجمهورية الثالثة في جلسة أو جلستين لأن حضور النواب إلزامي أما عندنا فيقول الدستور عندما لا يدعو رئيس المجلس إلى جلسة انتخابات ففي اليوم العاشر يجب أن يلتئم، أي في يوم واحد فقط يجب ان تتم الانتخابات حكماً والنواب ملزمون بالحضور في ذلك اليوم. حضور النواب واجب وطني لانتخاب رئيس الجمهورية. في فرنسا لم يفقد النصاب يوماً بين العام 1877 والعام 1940 في جلسات انتخاب رئيس للجمهورية. كل النواب كانوا يحضرون. في لبنان كانوا يحضرون أيضاً لكن اليوم «حزب الله» لا يحضر لكنه لن يستطيع تأمين انتخاب ميشال عون و»المستقبل» لن يستطيع انتخاب سمير جعجع.

وفي مسألة تعطيل النصاب يقول الرفاعي: «النائب الذي يتغيّب عن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية من دون عذر مشروع على رئيس المجلس أن يعطّل نيابته. يقول العلامة Duguit أكبر علاّمة في الجمهورية الفرنسية الثالثة «ليس للدستور أي ضابط سوى حسن نيّة وأمانة الرجال الذين يطبّقونه«، وفي فرنسا كل النواب يعرفون واجباتهم ولم يكونوا بحاجة لمن يذكّرهم بها. لكن في لبنان نضع الدستور في ناحية والسياسة في ناحية اخرى مناقضة للدستور. منذ 1943 حتى اليوم لم يطبق الدستور وأعرافه اطلاقاً».

لكن ما رأيه في حال عدم انتخاب رئيس جديد أن يسعى «حزب الله» إلى «مؤتمر تأسيسي« بفعل الفراغ الذي سبق أن حلّ في العام 1988 بعد انتهاء ولاية الرئيس أمين الجميل (ما ادى إلى «الطائف»)، وبعد انتهاء ولاية الرئيس اميل لحود في العام 2007 (ما أدى الى اتفاق الدوحة)، يقول الرفاعي: «الأمر مختلف تماماً اليوم. لا السنّة ولا 14 آذار يمكن أن يوافقوا على تغيير الدستور، الأمر غير وارد وهو من باب التهويل ومحاولة تركيع الموارنة».

[ لكن الظروف في نهاية عهد الجميل قادت الى حوادث أمنية مثل «حرب الإلغاء» و»حرب التحرير» اللتين أضطرتا المسيحيين إلى الذهاب الى الطائف، أليس ممكناً أن تتكرّر الحالة اليوم؟

– «لا أعتقد، هذه المرّة لن يتوفّقوا. 7 أيار افتعلوها ضدّ السنّة ولم تكن ضدّ المسيحيين ولا يجرؤ «حزب الله» أو إيران القيام بحركة مسلّحة ضد المسيحيين، لن ينجحوا. ستكون آخرتهم، باستطاعتهم أن يحققوا بطولات ضدّ إسرائيل لكن ضدّ المسيحيين وضدّ الموارنة ستكون نهايتهم. في الماضي تحدّث الإمام محمد مهدي شمس الدين عن الديموقراطية العددية ثم تراجع عنها، واليوم مسألة المثالثة غير ممكنة مستحيلة، بالنسبة إلى لبنان إذا غاب العنصر الماروني ينتهي لبنان. السنّي ينحو إلى الوحدة العربية والشيعي إلى إيران الخ.. يتمزّق الوطن وينتهي مجد لبنان الذي أُعطي للموارنة ولا يمكن أن يكون إلاّ للموارنة. لا خوف على الصيغة الوطنية وخاصة في مسألة المناصفة. في الطائف أنا قلت لو كان الأمر لي لأعطيت المسيحيين 51% وكل باقي المسلمين 49%.

[ لماذا؟

– «لأني ولدت في بيت زعامة، كنا نأكل على الطبلية، كنت أذهب إلى بطرس السنكري أو جورج الحداد فأرى أمامهما طاولة وشوكة وسكينة وقَدَح من العرق ويتناولون الطعام، آل الرفاعي وحمادة الوجهاء في المنطقة كانوا يأكلون على الطبلية. المسيحيون تعلّموا. لولاهم لما كان هناك رقيّ. أنظر ماذا يحدث في العالم العربي حيث يكون هناك مسيحيون يكون الوضع أفضل قليلاً. أنا علّمني الموارنة كيف «أعقد» الكرافات وأتعلم لغة أجنبية».