IMLebanon

المواقف «الحريريّة التجميليّة» هل تكفي لتقوية الاعتدال ومُواجهة الأصوليّات ؟

لا جديد في الأزمة الرئاسية المرشحة بالغرق أكثر في نفق الفراغ المظلم بعد أن تبخرت بليلة وضحاها كافة المناخات الإيجابية التي أشاعات أجواء امكانية التوصل إلى تسوية سريعة في الملف الرئاسي. إلا أنه وبحسب أوساط وسطية فإن الأمور في الإستحقاق الرئاسي قد عادت إلى نقطة الصفر بعد أن اصطدمت المباحثات الجارية بجدار العماد ميشال عون الذي رفض كل المقترحات المقدمة تحت شعار تمسكه بمعادلة «أنا أو لا أحد» في قصر بعبدا وكأن أوضاع لبنان ومحيطه وجواره الخطيرة التي تشهد تهجيرا وتنكيلا غير مسبوق بالمسيحيين على أيدى التكفيريين الإرهابيين تحتمل المزيد من التعنت ورفض المبادرات التي تنقذ الموقع المسيحي الأول في لبنان والشرق من دائرة الفراغ التي تهدد جديا بزوال واندثار هذا الموقع المسيحي فيما لو طال أمد هذا الفراغ إلى أجال مفتوحة.

الأوساط عينها أشارت بأن الحراك السياسي الجاري في كواليس الأروقة السياسية يهدف إلى وضع التمديد لمجلس النواب على سكة التنفيذ على ارض الواقع بعد ان أصبح الجميع على قناعة بأن امكانية التوصل إلى تسوية في الملف الرئاسي أمر شبه مستحيل ما لم يحصل أمر غير متوقع كأن تتدخل مرجعيات وهيئات محلية وخارجية عالية المستوى والحضور والقوة والتأثير لدى العماد عون وتقنعه بالتخلي عن التمسك بترشيحه. واشارت الى ان حصول الإنتخابات النيابية في ظل الفراغ الرئاسي وفي ظل التحديات الأمنية الداهمية بفعل حراك البؤر الإرهابية على الأراضي والحدود اللبنانية هو أمر مستحيل ومحفوف بالمخاطر وهذا الأمر تدركه القوى الدولية والإقليمية المهتمة بحماية أمن واستقرار لبنان والنأي بساحته الرخوة عن حمم بركان الإرهاب التكفيري المتفجر في المنطقة. وبالتالي فان بالمجتمع الدولي لا سيما الدول الغربية بالإضافة إلى قوى إقليمية مؤثرة وفاعلة في الوضع اللبناني هي متفهمة لحصول التمديد الذي يبقى أهون الشرور لإنقاذ لبنان من وقوع الأسوا سيما أن المخاطر الداهمة التي تتهدد الوضع الأمني والسياسي في لبنان لا تحتمل رفاهية المزايدة في التمسك بالعملية الإنتخابية والممارسة الديقراطية ضمن أطار احترام الدستور والقوانين والأنظمة المرعية، بحيث أنه ما نفع التمسك بهذه الممارسات إذا ما انزلق لبنان نحو مستنقع الفتنة والفوضى.

إلى ذلك، أعربت مصادر في 8 اذار عن تشاؤمها من الحراك السياسي الذي يقوده زعيم تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري بعد عودته من الخارج خصوصا أن هذا الحراك في مكان ما يكتفي بالترقيع ولا ينطلق على أساس أجراء عملية نقدية وإصلاحية شاملة للمارسات السابقة التي أدت فيما أدت إليه إلى نمو وتوسع وتجذر حالة الإحتقان والتشدد والتعصب في الشارع السني والذي يساهم في ابقاء الوضع اللبناني الداخلي في أي لحظة مهدد بخطر الإنجرار نحو الفتنة السنية – الشيعية التي هناك من يعمل في الليل والنهار على استدراجها إلى ربوع لبنان وما المخطط الإجرامي الذي أحبطه الجيش اللبناني في عرسال والذي كان يهدف إلى توسيع عمليات المسلحين التكفيريين نحو قرى وبلدات غير سنية في البقاع لخلق تلك الفتنة إلا دليلا واضحا على ذلك.

ولفتت المصادر عينها الى ان الإكتفاء بمعالجة الخطر التكفيري الذي يتهدد شعب لبنان وجيشه ومقاومته بأهلك المخاطر ببعض التصريحات والمواقف «الحريرية»العرضية والتجميلية التي تفرضها تطورات الأحداث بين الحين والآخر من شأنه أن ينهي بسرعة المفاعيل الإيجابية التي أرختها عودة الحريري إلى بيروت تحت عنوان تقوية الإعتدال السني في مواجهة الأصوليات المتطرفة التي تشكل الأرض الخصبة التي تنتج التنظيمات التكفيرية على اطلاقها. مضيفة بأن الإستقبال الذي حظي به البعض في بيت الوسط من الذين تحوم حولهم أكثر من علامات استفهام حول علاقاتهم وصلاتهم بالمسلحين الإرهابيين والصادرة بحقهم مذكرات قضائية قائمة على الإشتباه بأن هؤلاء متورطون بأعمال عدائية ضد المؤسسة العسكرية وضباطها وجنودها لا تبعث على الإطمئنان أبدا، ويمكن أن يترتب عليها عودة السجال التصعيدي في البلاد بين الفريق الذي يمسك العصى من وسطها في محاربة الإرهاب وذلك لحسابات الزواريب الطائفية والمذهبية الشعبوية الضيقة سيما أن شارع هذا الفريق قد وصل بفعل ممارسة قيادته التحريضية خلال الـ 3 سنوات الماضية إلى قناعة راسخة بأن الإعتدال وصفة قد انتهى مفعولها في لبنان والمنطقة، وبين الفريق المتشدد في محاربة الإرهاب التكفيري وتوفير كل الدعم والإحتضان الكامل للجيش اللبناني والقوى الأمنية الشرعية في الحرب على الإرهاب الذي لم تعد مخاطره مجرد تكهنات ونظريات بل أن تداعيات هذا الخطر قد بدأت تصيب لبنان وجيشه الذي قدم خيرة الشهداء الأبرار من ضباط وجنود على قربان حماية الوطن من براثن هذا الإرهاب.

المصادر أشارت بأن الاستنفاد السريع لإيجابيات عودة الحريري من شأنه أن يأخذ لبنان مجددا نحو أفق سياسي مقفل، وهذا الوضع سوف يؤدي وبشكل لا لبس فيه إلى ربط الأزمة الداخلية المتمثلة في الفراغ الرئاسي المتمادي وعجز القوى السياسية عن إيجاد التسوية المحلية المناسبة لإنهاء حالة الشغور الرئاسي، بأزمات المنطقة الإقليمية – الدولية، لا سيما حرب الإرهاب التكفيري المشتعلة رحاها في سوريا والعراق والتي ينخرط فيها قوى دولية وإقليمية ، ولا سيما أيضاً في الصراع السياسي المتجدد بين الرياض وطهران، على خلفية التقارب الأميركي – الإيراني في العراق الذي أنتج ابعاد المالكي وتكليف العبادي لتولي رئاسة مجلس الوزراء.خصوصا أن المواقف المعلنة للحريري بمحاربة الإرهاب لا تزال مرتبطة بتوجهات حلفائه الإقليميين الذين لا تزال مواقفهم المتشددة على حالها تجاه أزمات المنطقة المهددة بمزيد من المأساة والفظاعات الإجرامية بحق الأبرياء من أهلها وأبنائها نتيجة هذه النبرة العالية والمواقف المتشددة التي لا تزال ترفض التسويات الإقليمية – الدولية التي تتيح عودة الأمن والإستقرار إلى المنطقة على قاعدة اعتراف الدول العربية والخليجية بالدور المهم المطلوب لإيران على صعيد حلحلة الملفات والقضايا العالقة في سوريا ولبنان والعراق واليمن والبحرين وغيرها من بلدان المنطقة، وعلى صعيد مواجهة الإرهاب التكفيري ومواجهة الإجرام الصهيوني الإسرائيلي الذي يمارس من قبل قوات الإحتلال يوميا على الفلسطينيين في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة.