تكتسب العراضة التي نظمها الناخبون السوريون أكانوا توجهوا طوعا او قسرا تحت وطأة التهديد المعنوي الى مراكز الانتخاب في السفارة السورية في اليرزة اهميتها من زاوية ان النظام السوري نجح في توجيه رسالة سياسية عبر لبنان الى العالم ان السوريين لا يزالون يؤيدونه بمن فيهم الذين تسبب بتهجيرهم. وقعت وسائل الاعلام اللبنانية في الفخ الذي نصب لها وفق ما يرى مراقبون ديبلوماسيون نتيجة زحمة السير الخانقة التي تسبب بها المقترعون السوريون سواء اقفلوا الشوارع قسرا ام كانت زحمة عفوية نتيجة التزاحم فعرقلوا الحركة في العاصمة وضواحيها ما اعطى انطباعا ان هناك اعدادا كبيرة من السوريين المتهافتين على التصويت والاقتراع للرئيس بشار الاسد. في حين ان المشهد السوري لا يختصره الالوف او حتى عشرات الالوف بل ما يتعدى المليون ونصف المليون من السوريين اللاجئين في لبنان والذين يشكلون الثقل في الاقتراع للنظام او عدم الاقتراع له ولم يشر احد الى نسبة عدم المقترعين من عدد اللاجئين لكي يمكن الحكم على حجم دعم اللاجئين للاسد او نسبة محدودة منهم قد تكون 1 او 2 او حتى 5 في المئة من عدد هؤلاء. فما يمكن ان يكون فشلا في الحصول على دعم غالبية اللاجئين السوريين تحول بفعل الانسداد في الشوارع وتعاظم صراخ المواطنين اللبنانيين الى نجاح بالنسبة الى النظام السوري. هل من حاجة الى ان يجري النظام انتخاباته في مناطق سيطرته في الثالث من حزيران المقبل بعد العراضة في لبنان؟
ثمة من يعتقد ان الرسالة من لبنان الذي كان دوما الساحة المفضلة لدى النظام من اجل توجيه الرسائل عبره الى الغرب قد ادت هدفها لجهة الاقتراع له بكثافة ظاهرية مدروسة ومبرمجة بدليل تعطيل الحركة في العاصمة اللبنانية، على نحو يجب ان يختصر الانتخابات في مناطق سيطرته. وهذه الرسالة هي الاهم باعتبار ان النظام السوري يستفيد من وجود وسائل الاعلام ومن التواصل الذي لن يسمح بحصوله في مناطق سيطرته بل سيكون تحت اشرافه المتشدد. فمن خلال هذه الرسالة لا حاجة لا الى رقابة اممية لم تطلبها الامم المتحدة او اوروبية لم يطلبها الاتحاد الاوروبي كما لا حاجة الى رقابة من ايران او من روسيا اللتين اقترحتا المساهمة في مراقبة الانتخابات واعطاء شهادات على نزاهتها باعتبار ان وسائل الاعلام اللبنانية التي نقلت مأساة المواطنين اللبنانين الذين انتظروا ساعات على الطرق هي الشاهد على كثافة التصويت لمصلحة الاسد مع مؤيدين من تنظيم جهات لبنانية مؤيدة للنظام توحي بان لا اقتراع سوى لمصلحة الرئيس السوري. ذلك انه ايا تكن الشهادات التي ستعطيها ايران او روسيا او من دول صديقة او داعمة للنظام على ضآلة هذه المجموعة من الدول، فانها ستبقى شهادات من دول تشكل عصب استمرار النظام حتى الان وهي التي حالت دون انهياره او سقوطه وتاليا لا تعتبر حيادية بل متحيزة بامتياز. يضاف الى ذلك ان لوسائل الاعلام الاجنبية المؤثرة مراسلين متابعين متمركزين في لبنان من اجل متابعة الحرب الاهلية السورية ويمكن ان تشهد بدورها على هذا المشهد الانتخابي الذي شل العاصمة اللبنانية وضواحيها. ولعل هذا المشهد ومصادفته مع الانتخابات المصرية حيث تم تمديد الانتخابات يوما اضافيا من اجل افساح المجال امام اقتراع المزيد في ظل نسبة متدنية من المقترعين تساهم في اعلاء شأن ما حصل بالمقارنة. ومن هنا اهمية الرسالة السياسية عبر العراضة الانتخابية في لبنان ومغزى ذلك التنظيم الذي تردد صداه لبنانيا وفق ما يرى مراقبون سياسيون على مستويات عدة ولو بطريقة غير مباشرة ومن بينها:
– المخاوف التي اثارها تنظيم اللاجئين السوريين ايا تكن الاسباب او المبررات لذلك بالاقناع او الترهيب المعنوي او المادي لدى الغالبية العظمى من اللبنانيين من مشهد تنظيمي يوحي بان هناك نواة قد يكون زرعها النظام او ربما يزرعها ويمكن ان يستفيد منها ضد لبنان واللبنانيين وفق ما سعى السفير السوري في لبنان الى توظيف ذلك باعطاء دروس الى معارضي النظام من الافرقاء السياسيين اللبنانيين. هذه المخاوف استفزت اللبنانيين مع المواكب السيارة الاستفزازية لحلفاء النظام من الاحزاب اللبنانية دعما له ما أثار خشية كبيرة من ردود فعل فورية او متأخرة على وجود اللاجئين لا سيما منهم الذين يؤيدون النظام ويثقلون على لبنان فيما يمكنهم بسهولة ونتيجة دعمهم للنظام العودة الى سوريا والاقامة في مناطق سيطرته. ومن هذه الزاوية اضاف هذا المشهد تعقيدات اضافية على وجود اللاجئين السوريين في لبنان واشعل مشاعر متناقضة لجهة التساؤل هل يجب التعامل مع اللاجئين بتعاطف نتيجة لجوئهم الى لبنان هربا من الحرب ام لا؟ وهل يجب الخشية من توظيفهم في اتجاهات سياسية معينة ام لا؟ وامكان استغلال جهات لبنانية هذا التوظيف من خلال القول انها اعادت وهج النظام ونفوذه الى لبنان عبرها ولم تكتف بدعم استمراره في السلطة في سوريا فحسب.
– ثمة من سعى الى قراءة المشهد وتداعياته السياسية على لبنان من باب احتمال ان يوجه رسائل داخلية ان في باب التوزان السياسي او في باب الفراغ في موقع الرئاسة الاولى والالية التي يمكن ان تؤدي الى سد هذا الفراغ وتسليط هذه العراضة الضوء على احتمالات موجودة عززها تنظيم هذه العراضة ومراقبتها على الصعيد الامني.
فأي رسائل سيتلقفها الخارج المتابع الشأن السوري؟