العقود التي تمت بين الشركة النفطية الأميركية العملاقة «أكسون موبيل» وشركة تركيا للطاقة حيث حصلت الشركة التركية على ٢٠ في المئة من حصص «أكسون» في ستة حقول نفط في إقليم كردستان هي حديث الساعة في الأوساط النفطية العالمية المتواجدة في فيينا لمناسبة عقد مؤتمر «أوبيك» اليوم. إن هذه العقود بين الشركة الأميركية والشركة التركية تشير إلى أن الشركة الأميركية تريد تأمين تصدير النفط من الإقليم الكردي عبر الأنبوب التركي. وتشير أيضاً إلى إرادة الإقليم الكردي بالاستمرار في تصدير نفطه خارج شركة التسويق الحكومية «سومو» رغم تحذيرات الحكومة العراقية التي يرأسها نوري المالكي. وزير النفط العراقي عبد الكريم اللعيبي حذر تركيا من خرق الاتفاق بين الحكومة العراقية وتركيا الذي يمنع استخدام الخط العراقي التركي لصادرات عراقية لا توافق عليها الحكومة العراقية. وكان تم تصدير شحنتين من النفط الكردي مؤخراً بلغتا مليون برميل في اليوم من إقليم كردستان عبر الأنبوب العراقي التركي إلى ميناء جيهان التركي. فما يجري حالياً على صعيد النفط بين العراق وكردستان وتركيا والشركة الأميركية يوحي بأن إقليم كردستان يتجه إلى الاستقلال. وإن هذا التوجه يظهر كأنه بموافقة أميركية غير معلنة. فلا يمكن أن تكون «أكسون» الأميركية تعد لتأمين صادرات نفط كردي عبر تركيا لو كانت حكومتها تمنعها من ذلك. وقد صعّد وزير النفط العراقي لهجته يوم الإثنين في فيينا تجاه إقليم كردستان قائلا إن الإقليم خسر حصته وهي ١٧ في المئة من موازنة الحكومة لأنه صدر النفط خارج الشركة العراقية «سومو».
إن حرب النفط بين حكومة نوري المالكي وحكومة مسعود بارزاني قد تؤدي إلى استقلال كردستان. إن القيادة الكردية كانت أجدر في التعاطي مع الشركات العالمية واستقطابها من ناحية العقود. فحقول نفط الشمال في العراق واعدة حسب ما يقوله خبراء الجيولوجيا في الشركات التي تعمل في التنقيب هناك. ولكن العمل في هذه الحقول أصعب وأكثر تعقيداً من حقول الجنوب. والقيادة الكردية فهمت ذلك وسهلت التعاقد مع الشركات الأجنبية في حين أن عقود الجنوب مع الحكومة العراقية لم تكن جذابة، ما جعل بعض الشركات ومنها «أكسون» و «توتال» يهتم بكردستان. والعلاقة بين حكومة المالكي وحكومة الإقليم لم تساعد على التقارب مع إقليم كردستان، فالمالكي يرفض الشراكة وهو مهيمن كانه ينتهج طريقة صدام حسين في الهيمنة بالاعتماد على الحليف الإيراني. إلا أن الحليف الإيراني يظهر في سياسته العراقية أنه يفعل كما كانت تفعل سورية في لبنان، أي يقسم بين الأطراف ليسود. وإيران تفعل الشيء نفسه مع مسعود برزاني ونوري المالكي وربما الإدارة الأميركية التي تغض النظر عما تفعله «أكسون» وتدعي أنها تهدئ الأمور. إن مما لا شك فيه أن المنطقة الكردية تشهد ظروفاً أفضل بكثير من المناطق الأخرى التي تقع تحت سيطرة الحكومة من الناحية الأمنية وناحية الاستقرار والاستثمارات الخارجية، نظراً للأوضاع الآمنة.
إن استقلال كردستان ليس لمصلحة وحدة الأراضي العربية. ولكن نوري المالكي مسؤول عن هذا التوجه. ففشل حكومته وإدارته والفساد والهيمنة والاعتماد على إيران والتحالف مع النظام المجرم في سورية عوامل سياسية سلبية للعراق والمنطقة. وحكومة إقليم كردستان تدرك سوء إدارة المالكي السياسية، فهي تنتهج الابتعاد من الحكومة العراقية ولو على حساب وحدة العراق وشعبه. والسؤال حول هذا الواقع هو ما تريده فعلاً الإدارة الأميركية التي خلصت العراق من صدام حسين؟ هل تريد فعلاً دويلات في العالم العربي؟ وهل تسير سورية بعد العراق في طريق الانقسام إلى دولة علوية وأخرى سنية؟ ما يجري حالياً في العالم العربي قد ينبئ بذلك، فهل يبقى أوباما في تاريخ الولايات المتحدة الرئيس الذي أخرج القوات الأميركية من العراق والذي اعترف باستقلال كردستان؟ إن هذا الاحتمال يزداد يوماً بعد يوم.