IMLebanon

النموذج اللبناني الذي لا يُحتذى به

طرح الرئيس فؤاد السنيورة قبل ايام «النموذج اللبناني» لاعتماده في العالم العربي والمنطقة، بديلا من الانظمة السائدة «على الرغم مما فيه من شوائب»، على حد قوله في اللقاء العاشر لدير سيدة الجبل بدعوة من «14آذار».

قال السنيورة كلاما كثيرا لم يخرج في معظمه عن الدروس اليومية التي تضج بها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، في اطار النكد السياسي والاعلامي الذي لم يسمن ولم يغن من جوع، خصوصا لجهة تكرار مقولة مسؤولية «حزب الله» عن الحروب المفتوحة على لبنان جنوبا وشرقا وشمالا، فضلا عن تأكيد السنيورة للحضور، أنه كلبناني مسلم عروبي، هو أقرب إليه (أي إلى اللقاء) من راية ولاية الفقيه وراية الخلافة في الموصل.

ليس المجال لمناقشة السنيورة في آرائه ومواقفه السياسية من شركائه في الوطن، وهو حر في اختيار حلفائه، لكن أن يكون النموذج اللبناني في رأيه مثالا وبديلا من أنظمة المنطقة، فهو أمر يستحق النقاش لما يتمتع به دولته من دراية وحنكة، وفي ظل ما يشهده لبنان حاليا من أزمات ليست الا نتيجة لهذا النموذج.

بالطبع، ليست أنظمة المنطقة نموذجا يُحتذى به خصوصا تلك الأنظمة التي يدعمها السنيورة وحلفاؤه، لكن هذا لا يعني أن النظام اللبناني نموذج يُحتذى به، وهو في المنظور السياسي من أسوأ نماذج الحكم في العالم. يكفي أن نطرح على أنفسنا كلبنانيين بعض الاسئلة لنستخلص العبر من هذا النموذج:

هل النظام الطائفي القائم على المحاصصة والزبائنية هو نموذج مشرف لحكم البلاد والعباد؟

هل تعطيل المؤسسات وترك الناس بلا سقوف اجتماعية نموذج يحتذى به؟

أليست الحروب المتعاقبة بين اللبنانيين منذ العام 1958، إلا نتيجة لهذا النموذج القاصر عن بناء وطن مستقر؟

هل الفراغ المتكرر في موقع الرئاسة اللبنانية كلما انتهت ولاية رئيس، يشكل نموذجا يشجع الآخرين على الاقتداء به؟

هل العجز عن إجراء الانتخابات النيابية والتمديد لمجالس النواب يدفعان الى التمثل بالواقع اللبناني السيئ؟

هل الفشل في تأمين الكهرباء والمياه والخدمات للناس طوال ربع قرن من الزمن يشجع أنظمة المنطقة على توخي الظلام بديلا من النور، والظمأ بديلا من الارتواء؟

هل القصور الفاضح في المراقبة والمحاسبة، وترك الامور على عواهنها، سوى حصيلة معيبة لهذا النموذج الممهور بالفلتان على غاربه؟

هل التبعية بحجة تأمين الحماية والضمانات من دول الغرب والشرق تخلق نموذجا صالحا للحكم؟ وهل أن السنيورة مقتنع حقا بأن لبنان حر وموحد وذو سيادة واستقلال ناجزين؟

هل وهل وهل… الى آخر الاسئلة التي لا تنضب في وطن الأرز؟

اذا كان السنيورة يقصد بالنموذج، هذا التعايش بين الطوائف اللبنانية، فلا فضل لهذا النظام في هذا الأمر، بل أكثر من ذلك، ليس من يضرب التعايش أكثر من هذا النظام الذي يفرق المواطنين، طوائف ومللا ومذاهب وشيعا متناحرة.

لطالما كانت الشعوب العربية منبهرة بالنموذج اللبناني المتهم بالكثير من الحرية والقليل من الديموقراطية، وهي حاولت تقليده فسقطت في موجة «الربيع العربي»، فلم تحقق حرية ولا ديموقراطية، ولا ضمنت أمناً كان يؤمّن لها نوعا من الاستقرار؛ والنماذج واضحة من أقصى المغرب الى أقصى المشرق.

إن النموذج اللبناني الحالي لا يُحتذى به، وليس فخرا لأهله الانتماءُ اليه، وحريٌّ بنا أن نفتش عن نموذج آخر.