طبقاً لما أوردته “النهار” امس عن الاختبار الصعب الذي واجهه مجلس الوزراء في جلسته التي طغى على مناقشاتها ملف الجامعة اللبنانية بشقيه المتعلقين بتعيين مجلس العمداء وتثبيت الاساتذة المتفرغين، لم تفلح الحكومة في بت هذا الملف امس في ظل “اشتباك” سياسي لم يخل من حدة بدا محوره النصف العائد الى المسيحيين في مجلس العمداء والربط بين هذا الشق وموضوع تثبيت 1100 استاذ متعاقد في الجامعة.
وفي محضر لوقائع الجلسة التي استمرت أكثر من ست ساعات توافر لـ”النهار”، استهل رئيس مجلس الوزراء تمام سلام الجلسة بتأكيد أهمية انتخاب رئيس جديد للجمهورية لأن التأخير على هذا الصعيد ينعكس على مختلف المستويات. ولفت الى محاولات لخرق الخطط الامنية، طالبا التنبه لذلك وأخذ الاحتياطات ومنع حصول ثغرات بما يعيد البلاد الى الوضع السابق لهذه الخطط. ودعا الى التضامن مع الشعب الفلسطيني في غزة في مواجهة العدوان الاسرائيلي. وطالب الوزراء بالتزام جدول الاعمال وعدم طرح أمور من خارجه إلا اذا كانت ثمة مبررات أستثنائية لذلك.
بعد ذلك، بدأت المداخلات السياسية للوزراء التي شملت اللاجئين السوريين والتسلح الفلسطيني الجديد في المخيمات والخطط الامنية بين طرابلس وعرسال والمخيمات الفلسطينية وشح المياه وإمكان شراء المياه او تحليتها وجرّها الى محطة ضبية. وتوالى على الكلام في هذه المواضيع الوزراء بطرس حرب ورشيد درباس وسجعان قزي ونهاد المشنوق وحسين الحاج حسن. وكانت النقاط المشتركة في هذه المداخلات هي: معالجة ملف اللاجئين السوريين تنفيذيا وليس بقرارات بما يمنع تحول الموضوع من انساني الى امني ودعوة منظمات الاغاثة الى العمل وفق توجهات الدولة ما دامت تعمل في لبنان، التنسيق أكثر بين الاجهزة الامنية والقضاء وخصوصا في ضوء اطلاق المخابرات أثنين من موقوفي جبل محسن مما أثار اعتراضاً واسعاً في باب التبانة ووصفه وزراء طرابلس بأنه تحول الى وضع دراماتيكي بالغ السوء، التحذير من عودة المخيمات الفلسطينية كما قال الوزير قزي الى زمن اتفاق القاهرة وضرورة احترام الاتفاقات بين الدولة ومنظمة التحرير الفلسطينية ومن ثم مع السلطة الفلسطينية والتي تسمح للفلسطينيين بمكتب للاعلام فقط، الوضع الامني في ضوء المعلومات الدقيقة لوزير الداخلية عن الارهابيين الذين ليست لهم بيئة حاضنة وهم يحاولون التسلل ولكن يجري إحباط هذه المحاولات وخصوصاً محاولات تنظيم “داعش” و”كتائب عبدالله عزام”. وأعطى المشنوق أرقاما عن الجرائم التي يرتكبها لاجئون سوريون وشدد على ضرورة تنفيذ قرار مجلس الوزراء الذي ينزع صفة اللاجئ عن كل سوري يغادر الاراضي اللبنانية.
بعد ذلك، انصرف مجلس الوزراء الى توقيع المراسيم التي صدرت سابقا عنه، ثم انتقل الى جدول الاعمال والبند الاول المتعلق بالجامعة اللبنانية المؤجل من الجلسة السابقة.وفيما كان الاتفاق أن يأتي وزير التربية الياس بو صعب بتقرير يشرح فيه الآلية التي اعتمدت في تعيين العمداء ومعايير تفريغ 1100 أستاذ، بادر الاخير الى القول انه يشعر بان هناك من يريد ألا يمرّ الملف وتالياً فلا داعي لكي يقدم تقريره. فرد عليه قزي قائلا ان الكتائب اعترضت سابقا على الملف لعدم علمها بمضمونه ولكن تسنى لها الاطلاع على مضمونه فظهرت هناك ثغرات ضئيلة إلا انها لا تستحق ان تعطّل تفريغ الاساتذة، وأعلن باسم الكتائب الموافقة على تفريغ هؤلاء في الجلسة. ثم تحدث الوزير بو صعب فقال انه لا يمكن اقرار التفرغ من دون تعيين العمداء، مشيرا الى تفاهم بينه وبين الرئيس فؤاد السنيورة على ذلك. فتدخل الوزير وائل ابو فاعور مبديا الاحترام للاساتذة والعمداء، لكنه تساءل عن مبرر إقصاء عميد كلية الطب بيار يارد المشهود له بكفايته. فاقترح بو صعب السير بملف التفريغ وتعيين العمداء مع تعليق موضوع عميد كلية الطب، لكن وزراء يمثلون اتجاهات عدة رفضوا الاقتراح. عندئذ طلب الرئيس سلام تأجيل مناقشة بند الجامعة الى وقت لاحق من الجلسة تمهيدا لاجراء اتصالات، على ان يستمر المجلس في مناقشة باقي بنود جدول الاعمال.
وشرع الوزراء في اقرار بنود بالاجماع، منها التعاقد مع اساتذة في الجامعة اللبنانية بلغوا سن التقاعد من اجل الاستفادة من خبراتهم وتوظيف اساتذة رياضة وتعيين 10 أجراء في وزارة الصناعة و7 عاملات تنظيف في وزارة العمل. وفي هذه الاثناء كان الوزير بو صعب قد عاد من غرفة جانبية حيث اجرى اتصالات هاتفية. ولما علم بما أقرّه زملاؤه اعترض رابطا أي تعيين بملف الجامعة. عندئذ سأل الوزير الحاج حسن زميله بو صعب: هل ان تعيين الاجير يخضع لمعايير كتلك التي يخضع لها من يحمل شهادة الدكتوراه؟ كذلك سأل الوزير قزي: هل بات أمر 7 عاملات تنظيف مساويا لـ1100 أستاذ جامعي؟ وحاول الرئيس سلام ثني بو صعب عن موقفه لكن الاخير تمسك برأيه مما أثار توترا بينه وبين عدد من الوزراء الذين لمحوا الى ان الوزير بو صعب في موضوع العمداء خصص لـ”التيار الوطني الحر” وأحد حلفائه ستة عمداء من اصل تسعة عمداء مسيحيين، مما أستدعى سؤاله عن حصة الكتائب و”القوات اللبنانية” وتيار “المردة”؟ فأجاب بو صعب ان هذا من حصة بكركي. لكن جوابه لم يقنع زملاءه، مما استدعى من الرئيس سلام تأجيل البحث في الملف ريثما تتضح الامور أكثر.
ومن المواضيع التي طرحت في الجلسة ما يتعلق بصرف الرواتب للقطاع العام، فأصر وزير المال علي حسن خليل على اعتماد تشريع من مجلس النواب. وقرر المجلس تبني ما طرحه وزير الداخلية من حيث تطويع 10 آلاف رجل في الجيش وقوى الامن بين منتصف السنة الجارية ونهاية سنة 2016 وذلك لتعزيز القدرات الامنية للدولة.
وصرّح الوزير قزي لـ”النهار” تعليقا على ما دار في شأن ملف الجامعة اللبنانية: “أنا أحمّل الوزير بو صعب مسؤولية الفشل، فهو فشل في موضوع الامتحانات عندما ربطها بموضوع سلسلة الرتب والرواتب، وهو اليوم يفشل في ملف الجامعة اللبنانية التي يربطها بالسياسة. إنه يسيء أيضا الى مبدأ التوافق في مجلس الوزراء الذي يقضي بالاتفاق وليس بالتعطيل”.
واعرب رئيس مجلس النواب نبيه بري امام زواره عن استيائه مما وصلت اليه الامور في الحكومة والتخبط الذي تمر به. وجاء كلامه هذا بعد عدم تمكن الحكومة من الانتهاء من ملف اساتذة الجامعة اللبنانية.
وحيا الرئيس سلام على “صبره وقدرته وتحمله هذه الاعباء”. وقال بري: “لو كان احد غيره في هذا الموقع لما تمكن من الاستمرار في رئاسة الحكومة. انا اعمل على دفع الحكومة رغم تعطيل مجلس النواب وأصر على دعمي لها من اجل ان تبقى وتستمر، انطلاقا مما قلته سابقا الوطن مثل جسم الانسان اذا اعطب عضو فيه يجب اصلاحه وليس تعطيل الاعضاء الاخرى واعطابها”.
عقوبات اميركية
على صعيد آخر، اعلنت وزارة الخزانة الاميركية امس وضع مجموعة من الشركات المتهمة بتقديم دعم مادي ولوجستي لـ”حزب الله” على لائحتها للمنظمات الارهابية. وادرجت مجموعة “ستارز غروب هولدينغ” ضمنها لتقديمها معدات الكترونية متطورة من اماكن عدة من العالم لتمكين الحزب من استخدام طائرات من دون طيار في مهمات عسكرية.
غير ان ناطقاً باسم المجموعة نفى في بيروت ان تكون هذه تبلغت قرار العقوبات كما نفى الاتهامات الموجهة اليها.