لم تخالف المعطيات التي حملتها التحركات السياسية امس، على رغم عطلة الجمعة العظيمة الرسم التقريبي الاول لسيناريوات الجلسة الانتخابية التي دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري الاربعاء المقبل لانتخاب رئيس للجمهورية، بل زادت اجواء الغموض والتعقيدات ليس في ما يتصل ببلورة نهائية للمرشحين فحسب بل ايضا في ما يتعلق بتوافر نصاب الثلثين الدستوري الالزامي. ذلك انه طبقا لما اوردته “النهار” امس، بدا التلويح بورقة التحكم بالنصاب التي يبدو ان فريق 8 آذار يزمع استعمالها من الجلسة الاولى، على قاعدة “اما مرشحنا وإما لا نصاب” في ما بدا توظيفا لنقطة ضعف لا تزال تشوب الوضع التنافسي لفريق 14 آذار الذي لم يتوصل بعد الى التوافق على توحيد مرشحه او اعداد الخطة المتدرجة التي تفسح لمرشحيه في خوض المعركة بفرص متكافئة على قاعدة تبادل الدعم.
ولعل العامل السلبي الذي برز الى جانب التعقيدات التي تلقي ظلال الغموض والشكوك على جلسة الاربعاء ومصيرها تمثل في محاولات لتشويه صورة الاستحقاق الرئاسي كلا من خلال تسريبات متعمدة عن خفض مستوى الترشيحات الرئاسية وزج أسماء مرشحين غير جديين على سبيل تشتيت الاصوات او اثارة انطباعات سلبية مسبقة عما وصفته مصادر معنية بهبوط سياسي يراد منه الاساءة الى موقع الرئاسة وحتى الى المرشحين الجديين من زعماء سياسيين وسواهم. واذ أثارت هذه المحاولات والمناورات شكوكا واسعة في بعض الجهات المتضررة من اي اتجاه جدي الى لبننة الاستحقاق وترك التنافس الديموقراطي يأخذ مداه، بدا ان هذه المحاولات كانت تمهيدا لضرب النصاب الدستوري واثارة مزيد من البلبلة مع تصاعد الاستعدادات والتحركات السياسية لبت المواقف النهائية من جلسة الاربعاء.
وعلمت “النهار” من المواكبين للتحضيرات المتعلقة بجلسة الاربعاء ان هذه الجلسة ستعقد، لكنها لن تشهد فوز مرشح بغالبية ثلثي الاصوات. اما الدورة الثانية لهذه الجلسة، فمن المرجح ألا تنعقد ما لم يكن هناك مرشح متفق عليه للفوز. وعقدت “جبهة النضال الوطني” اجتماعا مساء امس برئاسة النائب وليد جنبلاط عرضت خلاله التحضيرات الجارية لجلسة الاربعاء وموقف الكتلة المبدئي من كل الاحتمالات التي تحيط بالجلسة.
الكتائب و”القوات“
وعلى صعيد الاجواء المرافقة للاتصالات ضمن فريق 14 آذار، تبين ان لا صحة للمعلومات عن الاتفاق الذي تردد التوصل اليه بين حزبي الكتائب و”القوات اللبنانية”، كما تبين ان لا صحة لما اشيع عن ان الرئيس سعد الحريري بات قاب قوسين او ادنى من تبني ترشيح رئيس حزب “القوات ” سمير جعجع. وتبين انه بعد مشاورات امس لم يتم التوصل بعد الى اتفاق بين مكونات 14 آذار على مقاربة استحقاق الانتخابات. وسيبقى الباب مفتوحا امام هذا الاتفاق حتى الساعات الاخيرة قبل جلسة الاربعاء.
وأبلغ وزير العمل سجعان قزي “النهار” ان رئيس حزب الكتائب الرئيس امين الجميّل تلقى امس اتصالا من النائبة ستريدا جعجع لتقوم بزيارته، فرحب بها على ان يستقبلها بعد عطلة الفصح. وقال: “ان ترشيح الرئيس الجميل صار وراءه، في حين ان الرئاسة باتت امامه”. واوضح “ان ما يهم الكتائب هو ان تبقى 14 آذار موحدة وان تصل الى اعتماد مرشح واحد ضمن معيار يضمن ان هذا المرشح يمكنه ان يحصل على اصوات خارج 14 آذار وضمن آلية تقرر الموقف من أربعة مرشحين حاليا لـ14 آذار هم، اضافة الى الرئيس الجميل والدكتور سمير جعجع، كل من الوزير بطرس حرب والنائب روبير غانم”. وأعلن ان الرئيس الجميل تلقى امس اتصالات عدة بعضها من خارج 14 آذار.
عون و”حزب الله“
على صعيد فريق 8 آذار، علمت “النهار” ان خيار طرح ترشيح النائب اميل رحمة في جلسة الاربعاء لا يزال يجري التلويح به، علما ان العمل الجديد الذي برز امس تمثل في معلومات مؤكدة عن ان رئيس “التيار الوطني الحر” العماد ميشال عون لن يحضر الجلسة ما لم يتم الاتفاق سلفاً على اعتماده مرشحا توافقيا. وقد اشار النائب في “تكتل التغيير والاصلاح” آلان عون الى ان التكتل يريد جلسة منتجة لا جلسة شكلية. واذ تحدثت المعلومات عن تأييد “حزب الله” وحلفائه في فريق 8 آذار أي موقف يتخذه العماد عون، أعلن رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد امس “ان المرشح الذي نريده هو الذي يكون حافظا لخيار المقاومة ومدافعا عنه وحريصا على وحدة اللبنانيين وما يتوافقون عليه لتسيير امورهم الداخلية”. وشدد على ان “البلد لا يتحمل مشكلة وتصادماً بين خيارين وطنيين والوقت لا يتسع لتسوية كبيرة بين هذين الخيارين لأنه لا يمكن الاتفاق على رئيس ما لم يحصل التوافق على تسوية”.
بري
في المقابل، شرع الرئيس بري في التحضير لجلسة الاربعاء ولكن علمت “النهار” انه لم يوجه دعوات الى السفراء واعضاء السلك الديبلوماسي لحضور الجلسة في ما عكس استبعاده انتخاب الرئيس في هذه الجلسة. بيد انه قال لـ”النهار”: “انا مصر على لبننة الاستحقاق اكثر من اي لبناني آخر وسأعقد الجلسة ضمن الاصول القانونية من دون زيادة او نقصان”. ولم يتخوّف من عدم توافر النصاب للجلسة والشروع في فتحها، لكنه لفت الى ان “هذا لا يعني انه سيؤدي الى انتاج رئيس وانتخابه”، مما يعني ان بري لا يتوقع حصول أي مرشح على ثلثي الاصوات في الدورة الاولى. وأضاف: “ان الشغل سيكون على الدورة الثانية للحصول على النصف زائد واحد اي 65 صوتاً وتحقيق هذا الامر ليس صعبا وليس مستحيلا”. وفي سياق نفيه وجود مداخلات خارجية اوضح ان اي سفير لم يفاتحه “حتى هذه الدقيقة باسم اي من المرشحين، والحمدلله هذا امر جيد وهم يعرفونني منيح”.
الى ذلك، علمت “النهار” ان المملكة العربية السعودية تتحاشى استقبال أي من المرشحين في هذه المرحلة تفاديا للالتزام او الإحراج.