يقال ان نائب زحلة نقولا فتوش «لا يقطع خيط قطن من دون موافقة رئيس المجلس النيابي نبيه بري»، والرئيس بري على ما اعلم اعرب في اكثر من مناسبة انه ضد التمديد لمجلس النواب، وان لا احد من النواب، يجرؤ على مفاتحته بهذا الامر، خصوصا ان النواب عاطلون عن العمل منذ مدة طويلة ولا يستحقون تمديد ولايتهم لمرة ثانية، فكيف اذن يمكن فهم اقدام النائب فتوش على تقديم مشروع قانون لتمديد ثان لمجلس النواب يقال انه لمدة سنتين اضافيتين، بما يعني، اذا قضي الامر ووافق النواب على التمديد الاضافي، ان النواب زوروا الوكالة التي اعطيت لهم من الناس لمدة اربع سنوات غير قابلة للتجديد، وجعلوها لمدة ثماني سنوات تقريبا، رغما عن ارادة الناخبين وموافقتهم. ويمكن ان يحاسبوا قضائيا ودستوريا على تصرفهم هذا، اذا كان هناك حقا قضاء ومجلس دستوري يحترم ذاته ويحترم المواطنين ويحترم الدستور.
باي عين يقدم هذا المجلس على تمديد ولاية، كان يجب بداية تقصيرها لا تمديدها، وهو الذي تخلّف عاجزا عن محاسبة اي حكومة، وعن حماية لبنان وجيشه، وعن اعطاء الحقوق لاصحابها، وعن عدم تنفيذ القوانين والدستور، وعن تشريع قانون عصري وعادل وقابل للحياة للانتخابات النيابية، وعن استمرار الفراغ لاشهر في تشكيل الحكومات، والاسوأ من كل ما ورد، عن تعمد تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية، ولكي اكون عادلا وصادقا وصريحا، لا اشمل جميع النواب بهذا الاتهام، لان هناك نوابا اجتهدوا وعملوا وطالبوا وقدموا مشاريع قوانين، وواظبوا على الحضور الى مجلس النواب للتشريع وتنفيذ بنود الدستور في ما يتعلق بقانون الانتخـابات وانتخاب رئيس للجمهورية، ومعظم هؤلاء النواب ينتمون الى تكتل 14 آذار، وليس تكـتل 8 آذار الذي ما زال نوابه يعطلون انتخاب الرئيس بمثل ما يعطلونه درس قانون للانتخاب والتصويت عليه.
***
لماذا كتب على لبنان، ان تنجز الامور حتى البسيط منها، بعملية قيصرية مؤلمة، يدفع ثمنها دائما الشعب من امنه واستقراره واقتصاده ووحدته لا القوانين تأخذ مجراها الطبيعي القانوني السهل، وقضايا الكهرباء والنفط والعمال والاجراء والمعلمين والموظفين ومكافحة الحرائق، وتأمين الذخيرة والعتاد للجيش وقوى الامن، والاصلاح الاداري، ومكافحة الرشوة، خير دليل على ذلك، لانها وغيرها من القضايا تصـطدم دائما بالمصالح الشخصية او الطائفية او المذهبية، ناهيك عن القضايا ذات الاهمية، التي تصطدم بالقوة والسلاح غير الشرعي، وتدخل عليها محاور اقليمية وعربية ودولية، وتتوتر البلد وينتـصب الميزان، مثل سياسة النأى بالنفس، والتفتيش عن استراتيجية دفاعية، ونزع السـلاح غـير الشرعي، واختيار رئيس للحكومة، او انتخاب رئيس للجمهورية، ووضع قانون عصري للانتخـابات.
كل هذه القضايا، البسيط منها والهام، كانت تمر بسهولة وهدوء وسلاسة في المؤسسات المعنية، وفي شكل خاص في مجلس النواب، الذي كان في قديم الزمان، سيد نفسه، على اقله بنسبة 70 بالمائة، فهل سأل احد من المسؤولين او من القيادات السياسية نفسه، لماذا فرضت على لبنان الولادات المعسّرة، منذ العام 1990 حتى اليوم، لماذا نرمي بجيشنا وقوانا الامنية في آتون الحروب القريبة منا، ولا ناقة لنا فيها ولا جمل، بدلا من السخاء على القوى الشرعية وتزويدها بما تطلبه، لتحافظ على لبنان ارضا وشعبا وحدودا، وننتظر ان يأتينا العون والمساعدة من الخارج؟
لماذا لا يستيقظ الشعب ليرى انه اصبح على حافة الهاوية.