لا يعني توقّف المفاوضات النوويّة بين إيران والمجموعة الدولية قبل موعدها المقرّر في 20 تموز، أنّها تُعاني خللاً ما أو أنّ العقبات غير قابلة للحلّ، بل على العكس تماماً.
تمديد المفاوضات أربعة أشهر إضافيّة يَعني أنّ الاطراف كافة جادون في التوصل الى اتفاق نهائي وشامل، وما المهلة الجديدة إلّا فرصة أمام التقدم الإيجابي الذي حدَث في فيينا خلال الأيام الأخيرة من هذه الجولة، خصوصاً بعد مجيء وزير الخارجية الاميركي جون كيري، لإفساح المجال أمام وضع اللمسات الاخيرة على البنود الخلافية التي شهدت تقدماً كبيراً من خلال تقديم تنازلات متبادَلة بين الطرفين الأميركي والإيراني.
لم تعد الولايات المتحدة الاميركية مصرّة على حصر عدد أجهزة الطرد المركزي بثلاثة آلاف جهاز، ورفعت اقتراحها في هذا الاطار الى ما بين خمسة وعشرة آلاف. ولم يعد يتمسّك الإيرانيون بالحصول على خمسين ألف جهاز وخفّضوا هذه الكمية الى ما بين ثلاثين وأربعين الفاً.
وأسقط الجانب الغربي شرطَ تدمير المنشآت الإيرانية المتطوّرة، وأعطت واشنطن الضوء الاخضر لطهران للاحتفاظ بهذه المنشآت ضمن الاقتراح الايراني الذي يقول بوضعها تحت المراقبة الشديدة لوكالة الطاقة الذرية الدولية.
وقد حصل الاتفاق على البند الاخير، على رغم الموقف الفرنسي الرافض تماماً الإبقاءَ على هذه المنشآت، والمطالب بتدميرها تماماً أو تحويلها اهتماماتٍ أخرى خارج إطار البرنامج النووي الايراني.
وتتقارب وجهات النظر بين الاميركيّين والايرانيّين حول نسبة تخصيب اليورانيوم بين 2 في المئة كما يقترح الاميركيون، و5 في المئة التي يطالب بها الايرانيون.
وستكون مهلة الأشهر الاربعة الجديدة التي حظيَت بها المفاوضات كافية لمزيد من التقارب نحو الحلول الوسط في النقاط الخلافية. ويبدو التأخير في التوصّل الى خاتمة هذه المفاوضات على رغم اقتناع الجميع بأنّ النهاية ستكون عبر اتفاق شامل مرتبط بحسابات داخلية ناتجة عن ضغوط الرافضين من كلا الطرفين لمبدأ التفاوض من الاساس ولتقديم التنازلات.
وعليه، ترى أوساط المراقبين لمفاوضات فيينا أنّ الأميركيّين والإيرانيّين يعتمدون سياسية الخطوة خطوة في تقديم التنازلات منعاً لدفع المتشدّدين الى تصعيد اعتراضهم، ما قد يؤثر في المفاوضات برمتها.
وفي تصعيد خطابي متوقّع يهدف لامتصاص أيّ اعتراض داخلي على المفاوضات من الطرفين المفاوِضين، أشار رئيس لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى علاء الدين بروجردي إلى أنّ إيران «ستعود للتخصيب بنسبة 20 في المئة في حال عدم التوصل الى الاتفاق النووي الشامل مع مجموعة (5+1) وتدشين أجهِزة طرد مركزي جديدة وكذلك تدشين مفاعل آراك».
وفي حين ستعقد الجولة السابعة من المفاوضات في 23 تشرين الثاني المقبل، توقعت مصادر ديبلوماسية أوروبية لـ»الجمهورية» أن يتوصَّل المتفاوضون الى اتّفاق نهائي قبل المهلة النهائية المحددة، «نظراً لضيق الخلافات واستعداد الاطراف لتقديم تنازلات بهدف التوصل الى حلول وسطية تُرضي كلّ الاطراف حول العقدتين المتبقيتين امام المتفاوضين»، اي نسبة التخصيب النهائية وعدد أجهزة الطرد المركزي.
وتبقى عقدة رفع العقوبات الاقتصادية عن ايران بعيدة من الطرح حالياً، إذ يرفض الجانب الأميركي مزامنة رفع الحظر مع التوقيع النهائي للاتفاق حسب الطلب الايراني، وذلك بسبب خوف إدارة الرئيس الاميركي باراك أوباما من معارضة الكونغرس قرار رفع الحظر في حال عرضه على التصويت.
وفي هذا الاطار، أكَّد عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الاميركي بوب كوركر وجوب استمرار الجهود الديبلوماسية «لمنع ایران من التسلح بقنبلة نوویة». ودعا الحكومة الى عدم السماح بالتمديد للمفاوضات مجدّداً لأنّ هذا إضعاف لنفوذ واشنطن، مضيفاً: «على الرئيس أوباما تكرار ما فعله العام الماضي بالنسبة الى سوريا، أي أن يحضر الى الكونغرس لمناقشة الموضوع وإجبار إيران على التزام الاتفاقیة النهائیة».