قبل يومين صرح وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعالون خلال جولة تفقدية له في هضبة الجولان بان إسرائيل لن تتدخل في الحرب السورية ما لم تخرق سياسة الخطوط الحمر التي وضعتها منذ بدء الاحداث في سوريا، قاصداً تهريب السلاح الصاروخي المتقدم من سوريا الى “حزب الله” في لبنان، وعدم تعرض حدودها لأي هجوم. وكانت إسرائيل قد عمدت الى تطبيق سياسة الخطوط الحمر بغارات جوية شنتها من غير ان تتبناها رسمياً داخل الاراضي السورية على ما وصفته بشحنات صواريخ متطورة كانت في طريقها الى “حزب الله”، وكانت آخرها الغارة التي شنتها الطائرات الإسرائيلية على موقع للحزب في البقاع في شباط الماضي.
اعتقدت إسرائيل انها تستطيع استغلال تورط “حزب الله” في القتال داخل سوريا والفوضى القائمة هناك كي توجه ضربات موجعة اليه من دون التسبب بمواجهة عسكرية واسعة وعلنية معه يمكن ان تؤدي الى انهيار الهدوء الكامل الذي يسود الحدود مع لبنان منذ حرب تموز 2006. ولكن سرعان ما ادركت ان الحزب ليس في وارد السكوت على الضربات التي استهدفته داخل الاراضي اللبنانية، وانه هو ايضاً قادر على شن هجمات على الجنود الإسرائيليين من غير ان يتبناها رسمياً. فشهدت الاشهر الأخيرة حوادث تفجير عبوات بالقرب من السياج الحدودي في الجولان، مما دفع الإسرائيليين الى اعادة التفكير في تدخلهم العسكري السري في الحرب السورية واثار مخاوفهم من مغبة تسخين لا ضرروة له للحدود مع لبنان وسوريا. وظهر بوضوح انه على رغم المصلحة الإسرائيلية الكبيرة في استغلال الوضع في سوريا لضرب القوة العسكرية للحزب، فإن مصلحتها في المحافظة على الهدوء على الحدود الشمالية اكبر.
ليست معادلة “توازن الردع” القائمة بين الحزب وإسرائيل منذ حرب تموز 2006 هي التي تردع إسرائيل اليوم، بل الرغبة الإسرائيلية في استمرار استنزاف القوة العسكرية للحزب في القتال في سوريا. وعلى رغم كون إسرائيل لا تزال العدو المشترك لمختلف الافرقاء المتقاتلين في سوريا، فانها اليوم ليست مركزاً للصراع.
لقد ساهم تورط “حزب الله” في صراع طويل ومعقد في سوريا في تراجع المخاوف الإسرائيلية من الترسانة الصاروخية التي يملكها الحزب. وبرز ذلك في توقف التحذيرات والتهديدات في هذا الشأن، والاكتفاء من وقت الى آخر بتحذيرات قادة الجيش الإسرائيلي من مغبة المغامرة بالقيام بعمل عسكري ضد إسرائيل. وهكذا يبدو ان استمرار الصراع في سوريا وتعقده يشكلان عاملاً اضافياً في تعزيز الهدوء على الحدود مع لبنان.