IMLebanon

الهلال الجحيم!

تنذر التطورات الخطيرة في العراق بحرب مذهبية اشتعلت شرارتها الأولى في سوريا. تهدد بالإمتداد الى لبنان وعبر حدود أخرى. ما كانت التنظيمات الإرهابية لتتغذى على مظالم أهل السنّة في الهلال الخصيب ولتحوله جحيماً بعدما سماه البعض شيعياً. أخشى ما يخشاه كثيرون أن تصير الحرب على الإرهاب غطاء لحرب شيعية – سنية يستحيل لجمها سنوات، وربما عقودا مقبلة.

نعم، التاريخ كله ملؤه عبر ودروس يمكن الإفادة منها. ولكن لا جدوى الآن خصوصاً من فتح دفاتر الماضي وكيف جرّ السيد الفرنسي جورج فرنسوا بيكو والسير البريطاني مارك سايكس قلميهما في ليلة ليلاء لتقاسم تركة السلطنة العثمانية التي عاشت ستة قرون. سنة ٢٠١٦، يكون اتفاق سايكس – بيكو عمّر قرناً كاملاً. طوي الأمر. لن ينفع كثيراً البحث عن الأمكنة والظروف التي صعد منها الإرهاب الإسلامي ليشكل تهديداً دولياً. تكاد أخطاء جورج بوش لا تعد ولا تحصى في دفع الجيوش الأميركية الى غزو أفغانستان والعراق وتغيير قواعد النظام الإقليمي الذي أنشئ بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية.

يلوذ البعض بأن “الحق على الأميركان”. ولكن مهلاً، لعل ايران كانت المستفيدة الأولى إذ أن الولايات المتحدة خلصت العالم وخلصتها من جارين لئيمين: البعث و”طالبان”. توافرت لها فرص مد النفوذ وعرض العضلات عبر المنطقة العربية، وخصوصاً حيث جماعات شيعية الهوية أو الهوى. لم تغفل قط عن بناء قدراتها الذاتية، بما في ذلك عبر برنامجها النووي المثير للجدل. غير أن نفوذ الجمهورية الإسلامية عبر “الهلال الشيعي” – وفقاً للتسمية التي أطلقها الملك عبد الله الثاني بن الحسين – لم يكن فرصة لتكريس مبدأ تقاسم السلطة وتداولها في العراق أو لمبدأ الإنتقال الديموقراطي في سوريا أو للمحافظة حتى على الصيغة التعددية التي قام عليها لبنان. تتعرض هذه الدول لاضطرابات متوالية. تعاني الآن كلها خطر الإرهاب. يجب على طهران أن تقدم مساهمة جوهرية في الحرب العالمية على الإرهاب من غير أن تجازف بتأجيج حرب طائفية لا تبقي ولا تذر.

يحق لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أن يشعر بالهلع من زحف مقاتلي “الدولة الإسلامية في العراق والشام”، (داعش) عبر المحافظات ذات الغالبية السنية وفي اتجاه بغداد. تحققت المخاوف من امتدادات الكارثة التي تشهدها سوريا، ليس فقط بسبب هذا التنظيم و”جبهة النصرة” وغيرهما من الجماعات الإرهابية، بل أيضاً وأولاً من النظام البطاش للرئيس بشار الأسد في دمشق. لم تظهر بعد خطورة ما يعنيه تورط “حزب الله” في سوريا، وأخطر ما في الخلايا النائمة لتنظيم “القاعدة” في لبنان.

قد تتمكن الولايات المتحدة من تقديم مساعدات عسكرية تعزز قدرات دول المنطقة في حربها على الإرهاب. غير أن ذلك قد لا ينفع كثيراً إذا لم تنفذ دول المنطقة ما يتوجب عليها من إصلاحات سياسية.

لم يحصل ما يجري الآن بومضة عين.