الوساطة القطرية تبدأ ميدانياً .. وبيروت على جدول جولة كيري
الحجيري ينفي لـ«اللــواء» وجود مسلّحين في عرسال .. وانتشار في جبال صنين بحثاً عن «داعش»
اتجهت الانظار الى المفاوضات التي بدأت بالواسطة بين قطر والمجموعات الخاطفة للجنود اللبنانيين، عبر شخصية سورية من المعارضة، للوقوف على المطالب، وامكان احداث حلحلة في هذا الملف المأزوم الذي وضع على الطاولة، في وقت تحدثت فيه مصادر دبلوماسية عن ان وزير الخارجية الاميركي جون كيري الذي ترعى بلاده ائتلافاً دولياً قوامه عشر دول حتى الآن، ويهدف الى محاربة «داعش»، ادرج بيروت على جدول اعمال جولته في المنطقة، الا ان الموعد لم يتحدد بعد.
ويأتي اطلاق المفاوضات، بالتزامن مع اجتماع خلية الازمة التي ناقشت المعطيات المتعلقة بملف العسكريين المحتجزين، في ظل تماسك داخلي، لا سيما بعد توسيع الخلية الوزارية لتضم وزير المال علي حسن خليل الذي تغيب عن الاجتماع لعلة السفر الى المانيا لافتتاح مكتب لحركة «امل»، ووزير الخارجية جبران باسيل الذي تسلم دعوة من السفير السعودي في لبنان علي عواضي عسيري للمشاركة في يعقد في مؤتمر الرياض لمواجهة الارهاب، في الاسبوع المقبل.
والمهم ان القرارات التي اتخذها الاجتماع ركزت على سحب القضية من الشارع وتطمين الاهالي الى ان قضية اعادة ابنائهم الجنود الى عائلاتهم هي اولوية لدى الحكومة كقضية وطنية سامية، كما اكد الرئيس تمام سلام الذي يتوجه الاسبوع المقبل الى ابو ظبي، ومعه ملف النازحين السوريين، وملف آخر عن اسر الجنود اللبنانيين في معركة عرسال، قبل ان يتوجه نهاية الشهر الى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة.
وكشف مصدر مطلع ان اللجنة قيمت ما تناهى اليها من معلومات عن مهمة الوساطة القطرية مع جبهة النصرة، حيث جرت المفاوضات مع امير «النصرة» على مدى خمس ساعات في القلمون السورية، في وقت اعلنت فيه «داعش» انها لا تقبل الا قطر مفاوضاً وحيداً في هذه القضية.
واكد رئيس بلدية عرسال علي الحجيري لـ«اللواء» ان المفاوض ليس قطرياً وانما سوري، مشيراً الى ان عرسال تتعرض لضغوط متعددة، وقال: «هناك الجيش اللبناني والاجهزة الامنية، وهناك «حزب الله»، وهناك المسلحون السوريون في الجرد، ونحن لا نستطيع مقاومة المسلحين، نحن مع الدولة ومع الجيش».
اضاف: «لا سلطة لدينا على المسلحين السوريين ومصالح اهل عرسال ستتضرر»، مشيراً الى ان الضغط على يبرود وقارة والقصير وعليها ادى الى تدفق النازحين الى عرسال، مؤكداً عندما يتم اخراج جميع النازحين من المدن اللبنانية الاخرى نلجأ الى اخراجهم من عرسال».
وتساءل: «لماذا لا يتم تحرير الجنود بالقوة، ولماذا العرقلة والتأخير؟ ان المسلحين السوريين متواجدون في الجبال من القاع الى نحله وبعلبك في مواجهة «حزب الله».
وقال: عرسال مستهدفة، وهي ليست محتلة، والجيش متواجد في مداخلها وعلى مداخلها بكثافة، مستغرباً ما اعلنه الوزير نهاد المشنوق حول قضية تحرير عرسال، مطالباً الرئيس سلام والوزير المشنوق ووزير الدفاع ومعهم النائب ميشال عون وقيادة حزب الله بزيارة عرسال والوقوف على الحقيقة، داعياً كل من يعنيه الامر الابتعاد عن عرسال، قائلاً: نحن لسنا سلطة على المسلحين السوريين، كما ان مصالح اهل عرسال تضررت وهي كلها في الجرد.
ومن جهته، ابدى عضو كتلة «المستقبل» النيابية النائب جمال الجراح، لـ«اللواء» خشيته من عامل الوقت في قضية العسكريين المخطوفين، معتبراً ان الوقت لا يصب في مصلحتنا، وواجب الحكومة ان تسرع، لان حياة هؤلاء العسكريين في خطر، مشيراً الى انه كان في امكان الحكومة الاسراع في معالجة المواضيع التي تؤدي الى حلول، وانه كان يتمنى اتخاذ الحكومة قراراً مختلفاً عما اقر امس الاول في هذا المجال.
ورداً على سؤال عما اذا كان يفضل حصول مقايضة على العسكريين؟ اجاب: القضية ليست قضية مقايضة او عدمها، انما قضايا عالقة تستدعي معالجة سريعة، وهي لا تحتمل تأخيراً في الوساطة المنشودة من الاتراك او القطريين او غيرهم لحلها، لافتاً الى انه سمع في الاعلام فقط عن موضوع المفاوضين، وان لا معلومات لديه في هذا السياق.
في المقابل، أكّد مصدر وزاري لـ «اللواء» انه تبين في جلسة مجلس الوزراء، أمس الأوّل، أن لدى لبنان عدّة أوراق يستطيع أن يستخدمها في عملية تحرير العسكريين إلى جانب إعطاء الأولوية للمفاوضات.
ومن الاقتراحات التي نوقشت امس:
1 – الطلب إلى قيادة الجيش درس نشر قوة عسكرية كافية لاقفال كل المعابر بين عرسال وجرود القلمون، بما يؤمن قطع التواصل بين المسلحين وعائلاتهم وامداداتهم الغذائية والمعيشية.
2 – تشديد القبضة الأمنية على مخيمات النازحين، خاصة التي يشتبه بوجود عناصر تابعة للتنظيمات المسلحة أو عائلاتهم في داخلها.
3 – تسريع محاكمات الموقوفين الإسلاميين وإصدار الاحكام المناسبة للتهم الموجهة إليهم.
وقال المصدر، انه كان هناك إصرار من قبل رئيس الحكومة على توسيع خلية الأزمة لتحقيق المشاركة الوطنية الشاملة في أي قرار تتخذه الخلية، وانه تم ترشيح الوزير علي حسن خليل ممثلاً عن الثنائي الشيعي في الحكومة، تفادياً لاحراجات مشاركة أحد وزراء «حزب الله»، وذلك بناء على اقتراح من الوزير محمد فنيش الذي كانت له مداخلة مطولة أكّد فيها استعداد الحزب لتقديم كل التسهيلات الممكنة التي تساعد على استرداد العسكريين، وقد أبدى الوزير خليل موافقة مبدئية على ان يعطي جواباً بعد مراجعة الرئيس نبيه بري الذي يمضى حالياً اجازة خارج لبنان.
شريط «النصرة»
وتزامناً، مع اجتماع خلية الأزمة في السراي، بثت جبهة «النصرة» شريطاً مصوراً بعنوان: «من سيدفع الثمن» مدته 27 دقيقة، يظهر فيه تسعة عسكريين من المختطفين لديها «يرفضون دفع ثمن تدخل حزب الله في سوريا»، كما يحرض الفيديو اللبنانيين ضدّ الجيش و«حزب الله».
ووجّه التسجيل أربع رسائل إلى كل من «أهلنا أهل السنة في لبنان، وكافة الطوائف في لبنان، والشيعة الروافض، وعلماء المسلمين في العالم»، بالإضافة إلى رسالة صوتية قديمة لزعيم تنظيم «القاعدة» السابق أسامة بن لادن بعنوان «الحرب سجال».
وحذّر الفيديو أهل السنّة من دفع «ثمن تورطكم بحرب في صف الجيش اللبناني ضد إخوانكم المجاهدين»، كما نبّه كافة الطوائف في لبنان «من أن سكوتكم عن جرائم حزب إيران، سيحسب عليكم فتدفعون أنتم الثمن».
وهدّد «الشيعة الروافض» من أن «مساندتكم للحزب المجرم ستجعلهم تدفعون الثمن مضاعفاً»، مطالباً العلماء المسلمين في العالم «تبيان حال الجيش اللبناني لأن المرحلة المقبلة ستكون حاسمة».
تجدر الإشارة إلى أن المعلومات التي تحدثت عن انتشار مقاتلين لتنظيم «الدولة الاسلامية» في جبال صنين وبسكنتا، قد أثارت بلبلة في الأوساط السياسية والشعبية، وسارعت قيادة الجيش إلى نفي صحة هذه المعلومات، كما نفاها كل من نائب المتن ميشال المرّ ونائب كسروان إبراهيم كنعان، فيما اكدت قيادة الجيش أن «الاجراءات التي اتخذها الجيش والتي لمسها المواطنون في تلك المناطق» تدخل في اطار الأمن الوقائي الذي تقوم به وحدات الجيش على كافة الاراضي اللبنانية، خصوصاً في ظل الظروف التي تمر بها البلاد. ودعت القيادة وسائل الاعلام الى توخي الدقة في نقل المعلومات، خصوصاً تلك التي تتسبب باثارة الخوف غير المبرر لدى المواطنين.
نعي المبادرة
سياسياً، بدا واضحاً في ظل هذه التطورات وغيرها، أن الاستحقاق الرئاسي في الثلاجة، خصوصاً وأن مبادرة قوى 14 آذار لإنقاذ هذا الاستحقاق ما زالت تنتظر رداً من «حزب الله» على مضمونها، بعد نعيها من التيار العوني، وعدم إظهار «امل» أي حماسة تجاهها، فيما كشف عضو كتلة «المستقبل» النائب احمد فتفت ان اللجنة التي ستشكلها قوى 14 آذار للاتصال بالكتل النيابية لشرح مبادرتها ستبدأ لقاءاتها مع الرئيس بري فور عودته من الخارج، والمرتقبة بعد 16 أيلول الحالي، وهو موعد انتهاء تقديم الترشيحات للانتخابات النيابية، حيث أعلن فتفت أن نواب «المستقبل» سيتقدمون بترشيحاتهم الاسبوع المقبل.
غير أن الجديد على هذا الصعيد، هو نعي 8 آذار رسمياً مبادرة 14 آذار، وقالت قيادات رفيعة المستوى في هذا الفريق انه لا مجال للبحث في هذه المبادرة، أو انتظار أي موقف بالمفرق منها، سواء كان سلبياً أو ايجابياً، على اعتبار أن النائب ميشال عون حسم هذا الموقف بالجملة.
جعجع
وبطبيعة الحال، فان موضوع المبادرة سيكون أحد محطات كلمة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في احتفال «القوات» بذكرى شهدائها. وبحسب مصادر قواتية فان جعجع سيحذر من العبث بالدستور، معتبراً ذلك جريمة سياسية كاملة، وسيؤكد أن إفراغ الجمهورية من رأسها المسيحي هو ايضاً جريمة سياسية موصوفة، مشيراً إلى ان الحجة القائلة بأن تعديل الدستور لإيصال رئيس قوي هو كلام ساقط، مشدداً على ان المادة 49 من الدستور ليست هي من يمنع إيصال رئيس قوي بل الشخصانية القاتلة ورفض التعاون مع الغير لايصال رئيس قوي، ويرى أن الحل ليس بتعديل هذه المادة بل العدول عن الابتزاز.