IMLebanon

الى الزميل جيمس فولي .. عذراً

 

لم يسبق لي شرف زيارة سوريا التي لا تبعد عن بلدي سوى رمية حجر. ولم يسبق لي شرف الحصول على تأشيرة لمسقط رأسك التي لا تبعد عن بلدي سوى مسافة مائية زرقاء كالسماء حيث انت الآن، الضيف الاعز.

ما يجمعني بك جيمس هو ما يجمع بين اثنين، اي اثنين على هذه الارض التي اصابتها اللعنة منذ فجر التاريخ حتى الآتي البعيد. ما يجمعنا هو هذه الانسانية المعذبة، ان لم يكن بالجوع والظلم فبالسوط والنار، وبالفأس والترس والرمح والسيف، واخيراً البارود الذي «دلعوه» واخترعوا له جائزة.

صديقي فولي.. اخجل ان اذكر السكين في حضرتك.

البعض من بني جلدتنا نما وكبر في ثقافة الحربة والسكين. تعلم كيف غرس نصالهما في اعناق الخراف والغزلان وكل ما دب على اربع.

فولي.. اصدقك القول حديثاً انا «مرعوب». اعيش حالة رعب مزمن من وطن لا يشعر فيه اليمام بالسلام والعصافير بالأمان.

صديقي.. لحظة قطع رأسك كانت لحظة قطعت فيها رؤوس الناس جميعاً. لحظة ذبحك كانت لحظة جف فيها الدم في عروق الانسان في كل مكان.

تباً لنا جميعاً عندما يصبح كل منا مشروع اضحية تذبح ما بين العيدين ولا يتحرك فينا ساكن.

فولي.. لو لم تكتب لي الحياة منذ امد ليس ببعيد ربما تكون انت اول من كتب لي وعني.

تعلم ان زملاء كثيرين سبقوك. قبل ايام فقط، سقط زميلك الايطالي سيمون كاميلي بانفجار قذيفة اسرائيلية في غزة.

فولي.. اعتذر منك، من قلمك، من كاميرتك، ومما حمل رأسك من سمو فكر ونبل خلق.

صديقي.. نم قرير العين. فقد منحك الاشرار شرف الشهادة بأسلوب لم يسبقهم عليه احد من العالمين.