في الثامن عشر من تموز العام 2012 وقع هجوم انتحاري داخل حافلة كانت تقل سياحاً إسرائيليين في مطار مدينة بورغاس البلغارية، راح ضحيته خمسة إسرائيليين وسائق الحافلة وأصيب خمسة وثلاثون آخرون، يومها اتهمت السلطات الاسرائيلية إيران بالوقوف وراء الحادث وان مجموعة من «حزب الله» هي التي نفّذت العملية، وترافق الاتهام الاسرائيلي هذا مع مجموعة تقارير اسرائيلية كانت تحدثت عن احباط عدد من محاولات لاستهداف اسرائيليين في كل من قبرص وكينيا وجورجيا والهند وتايلند لكن جميعها باءت بالفشل.
وفي شباط العام 2013 تسلمت وزارة العدل اللبنانية مذكرة من نظيرتها البلغارية مقرونة بالملف الكامل لتفجير بورغاس طالبت فيها الأخيرة بتسليم رجلين ينتميان إلى «الجناح العسكري في حزب الله» لهما علاقة بالتفجير، وذلك بحسب التحقيق الذي أجرته اللجنة الوطنية البلغارية للأمن الى جانب منفذ ثالث قتل في التفجير وسط تكتم شديد من قبل الحزب الذي لم يصدر لغاية اليوم أي بيان رسمي ينفي ضلوعه سوى ما كان خرج عن نائب الامين العام الشيخ نعيم قاسم يومها قال: «ان هذه الاتهامات والادعاءات والتحريض على «حزب الله» تستهدف المقاومة بالاعلام والسياسة بعدما فشلوا في إسقاط المقاومة بالحرب والمواجهة».
بعد عامين تقريباً على متابعتها لملف التفجير وبالتعاون مع مجموعة من الدول الغربية حددت بالأمس السلطات البلغارية هوية المتهم الثالث في تفجير بورغاس وهو الرجل الذي فجر الحافلة ويُدعى محمد حسن الحسيني يحمل الجنسيتين اللبنانية والفرنسية كان يستخدم رخصة قيادة مزورة باسم جاك فيليب مارتان وهو من مواليد العام 1989 من دون ان تحدد اي معلومات اضافية حول عائلته او دوره في «حزب الله» والنشاطات التي كان مُكلف بها.
من هو الحسيني؟
محمد حسن الحسيني هو اسمه الحقيقي المركب من مدينة بعلبك، يعمل ضمن وحدة العمليات الخارجية في «حزب الله» التي يرأسها مصطفى شحادة. والده محمد الحسيني مواليد 1965 متزوج من سيدة فرنسية (والدة نجله محمد) كان من أشد المقربين الى قائد المقاومة السابق عماد مغنية وتعود علاقتهما الى زمن تأسيس حركة «الجهاد الاسلامي» والتي ظلت متينة الى حين مقتل الاخير في سوريا وكان طُرد من فرنسا بسبب انتمائه لهذا التنظيم ليصبح لاحقاً أحد أهم العقول المدبرة لمعظم الهجمات التي يقوم بها «حزب الله» في الخارج ومنها مسؤوليته عن المجموعة التي قبض عليها في مصر اثناء محاولتها رصد السفن والتي قيل انها كانت تحاول امداد الفلسطينيين بأسلحة متطورة.
بالقرب من منزل العائلة في محلة بئر العبد في الضاحية الجنوبية بعض الشبان عادوا ليتهامسوا في ما بينهم مع عودة الحديث عن ابن منطقتهم حول الغموض الذي كان يلف حياة الشاب الذي كان يُمضي معظم اوقاته خارج لبنان بحجة تجارته ببيع السيارات وهؤلاء يؤكدون ان اهل محمد حسن كانوا اقاموا له عزاء «على السكت» بعد فترة غير قصيرة من وقوع التفجير وبانهم رفضوا يومها تقبل التعازي ما عدا بعض «التبريكات» من قبل قياديين نافذين في الحزب على رأسهم المسؤول التنفيذي في الحزب السيد هاشم صفي الدين.
في الضاحية الجنوبية لا وجود على الاطلاق لمن يستطيع المجاهرة بوقوف الحسيني الابن وراء عملية بورغاس ولا حتى بانتماء والده الى وحدة العمليات الخارجية في الحزب، لكن المعلومات تؤكد انه من ضمن مسؤوليات الوالد صاحب الزيارات المتكررة الى طهران والتي يتخذ منها مسكناً شبه دائم ترؤسه لمجموعة من الشبان الجزائريين «المتشيعين» ينضوون ضمن وحدة العمليات الخارجية التي يُديرها في اوروبا. واللافت بحسب أهالي المنطقة انه طرأ تحوّل واضح على حياة العائلة في السنوات الاخيرة حيث اصبح الثراء سمة عيشها لكن مع الابقاء على «لغز مصدر التمويل».