IMLebanon

انتخابات رئاسية قبل نهاية تشرين الثاني؟ سيناريوات متناقضة حيال التداعيات العراقية

لم تعد انظار الاوساط اللبنانية مشدودة الى سوريا في الوقت الراهن مقدار ما باتت مشدودة الى التطورات العراقية وانعكاسها على لبنان سلبا او ايجابا. فسوريا موضوعها مؤجل الى حين ولو في ظل الاعتقاد بأن ما سرى على العراق سينسحب عليها بطريقة او باخرى او في ظل مشهد محاولة النظام السوري توظيف القرار الدولي ضد داعش ببدء عمليات عسكرية ضده من اجل الايحاء باصطفافه من ضمن تحالف دولي. لكن تخلي ايران عن نوري المالكي ومشاركتها في الدفع نحو عملية انتقال سياسي وبدء الولايات المتحدة عمليات عسكرية ضد تنظيم الدولة الاسلامية “داعش” اتاح لاوساط سياسية عدة في لبنان محاولة البناء على ما يجري واستخلاص احتمالات او سيناريوات تتلاقى في بعض النقاط وتتناقض في غالبية اخرى . اذ يرى البعض ان ثمة مبالغة في التعويل على التحول الذي حصل في العراق قبل اتضاح بعض معالمه والمقصود بذلك قبل اي امر اخر الاعتقاد بأن ايران بعد تخليها عن المالكي قد ضعفت بعض اوراقها بما يؤمل معه في التساهل في لبنان لجهة تسهيل الانتخابات الرئاسية وحصول توافق حولها. اصحاب هذا الرأي لا يهملون مؤشرات من بينها في الايام الاخيرة في شكل خاص تظاهرات الحوثيين في اليمن والتي يفهم منها رسائل ايرانية حيال عدم البناء على ضعف الاوراق الايرانية انطلاقا من العراق وامتلاكها القدرة على تحريك اوراق اخرى في مناطق عدة. ويدرجون من ضمن هذه المؤشرات سقوط مساعي مصر الوفاقية وترسيخ الهدنة الفلسطينية – الاسرائيلية استنادا الى خرق بالصواريخ تتحمل مسؤوليته وفق ما يرى اصحاب هذا الرأي المناهض بقوة لاسرائيل واميركا حركة فتح الانتفاضة بما يفيد ان ثمة دورا لايران عبر الصواريخ التي ترسلها الى فصائل فلسطينية محددة. الى هذه الرسائل ثمة ما يراه اصحاب هذا الرأي استباقيا لجهة ان حيدر العبادي الذي حل محل نوري المالكي وهو من الائتلاف نفسه لم يتبين بعد افق الحكم الذي يتبعه والذي قد لا يبتعد عن اسلوب المالكي او قد يعجز عن الخروج منه. يضاف الى ذلك ان استتباب الوضع العراقي قد يكون من المبكر جدا حسم اتجاهاته في ظل توقع صعوبة اعادة اللحمة الى العراق ومكوناته الاثنية والمذهبية . وليست هذه العوامل وحدها المقررة بل ثمة عوامل اخرى تصب في الخانة نفسها ما يفيد ان خسارة ايران في العراق بخسارة المالكي وما يمثله بالنسبة اليها لا تعني خسارتها كل الاوراق وعدم القدرة على استخدامها مع عدم اهمال جملة احتمالات من بينها ان تعاون ايران مع الولايات المتحدة في العراق قد لا يتجاوزه بمعنى ان التعاون يبقى على القطعة حتى الان وليس من ضمن خطة للمنطقة. وتبعا لذلك فان غموض الافق السياسي اللبناني او عدم توقع ايجابيات تعد بحصول انتخابات رئاسية قريبا هو احد ابرز التجليات المستمرة بناء على قراءة حذرة في التعويل على التطورات العراقية او المبالغة في انقشاع الافق اللبناني بالاستناد اليها.

اصحاب الرأي السياسي المناقض يرون مؤشرات ايجابية في التحول الايراني بالاستغناء عن المالكي والذي يماثل الى حد كبير استغناء مرشد الجمهورية الاسلامية الايرانية آية الله خامنئي عن محمود احمدي نجاد واتاحة تنافس رئاسي سمح بايصال حسن روحاني وفريقه الى الرئاسة الايرانية. وهؤلاء يعتقدون ان الخسارة الايرانية في العراق تسببت بكسر الهلال الشيعي الممتد من بحر قزوين الى البحر المتوسط باعتبار ان التفاوض من اجل حكومة تمثيلية واسعة في العراق تعطي السنة والاكراد مواقع مقررة تحد من قدرة ايران على ادارة الوضع العراقي والتحكم به. وثمة عنصر اخر يبني اصحاب هذا الرأي عليه هو التهنئة التي وجهها الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز ليس الى رئيس الوزراء العراقي المكلف حيدر العبادي فحسب بل الى رئيسي الجمهورية والبرلمان ما يفسره هؤلاء على انه احتضان سعودي للوضع العراقي الجديد وتاليا الرغبة في مساعدته وفق ما عبر عنه ايضا في الاتجاه نفسه وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل في تعليقه على المتغيرات السياسية العراقية. وفي اعتقاد هؤلاء ايضا ان ثمة ما يحصل تحت الطاولات او وراء الكواليس في بناء التحالف الدولي ضد “داعش” في العراق بحيث ما يظهر منه هو رأس جبل الجليد حتى الان بحيث من المرتقب ان يظهر المزيد بمرور الوقت.

وثمة عنصر ايجابي يبني عليه اصحاب هذا الرأي يستند الى الرغبة التي تعبر عنها العواصم الكبرى في انخراط ايران في الجهود التي تبذل من اجل مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية في العراق ما يعيد ادخال ايران من ضمن الشراكة مع الدول الغربية من باب محاربة الارهاب ويفك عزلتها التي لا تزال مرتبطة الى حد كبير بالاتفاق مع الدول الخمس الكبرى زائد المانيا على ملفها النووي.

هذه الرؤية الاخيرة للوضع في العراق تسمح لاصحابها بالتفاؤل بأن الوضع في لبنان سيكون التالي على اللائحة الاقليمية والدولية ولن ينتظر الوضع السوري وفق ما يقول هؤلاء نظرا الى التعقيدات في سوريا وتداخلها مع عوامل اقليمية ودولية كثيرة، ما يحمل على امكان حصول الانتخابات الرئاسية قبل نهاية تشرين الثاني المقبل وفق توقعاتهم.