رهان غربي على الوعي الداخلي لحفظ الاستقرار
انتخاب رئيس جديد «أمر صعب» بسبب الاصطفافات
يتعمّد السفراء الغربيون خلال لقاءاتهم مع السياسيين والإعلاميين، عكس أجواء إيجابية عن الوضع اللبناني، على الرغم من تعثر الجهود لإتمام الاستحقاق الرئاسي في موعده الدستوري، ودخول البلاد في مرحلة الشغور في موقع الرئاسة الاولى والتي يخشى ان يؤدي اي خلاف سياسي الى عودة القلاقل الأمنية، بعدما بدأت البوادر غير المشجعة في كيفية تعاطي أفرقاء لبنانيين مع عملية التشريع في المجلس النيابي وسط خشية من اتباع ذات النهج على صعيد العمل الحكومي.
«لا تعليق، وكل شيء تمام.. لكنني مبسوط لأنني مرتاح للأجواء وغير خائف على الاستقرار»، بهذه اللغة العربية المكسّرة يوصّف سفير دولة غربية كبرى الوضع الراهن، ولكن يُستشف من ردة فعله وتعابير وجهه وحركات يديه عند طرح سيل من الأسئلة عليه من دون ان يجيب، بأن هناك تحسباً جدياً من أن يؤدي أي احتقان سياسي الى زعزعة الاستقرار، خصوصاً أنه يُسارع الى الاعتذار لأنه لا يريد الإجابة على الأسئلة ويكتفي بالقول «نراهن على وعي وحرص المسؤولين اللبنانيين في الحفاظ على بلدهم».
هذه الخشية تتوافق مع ما يقوله وزير وسطي من انه «يرى ان إنتاج رئيس جديد للجمهورية في ظل الاصطفاف الحالي، أمر صعب، مع التأكيد على وجوب إجراء الانتخابات الرئاسية بلا أي تباطؤ، لأن مصلحة لبنان بأن لا يكون هناك شغور في رئاسة الجمهورية، وبما أن هذا الشغور وقع فيجب البحث في كيفية معالجته وفق اولوية وحيدة هي انتخاب رئيس جديد».
يدعو الوزير نفسه كل الأفرقاء «وتحديداً المسيحيين منهم على ضفتي الانقسام السياسي، الى الإقلاع عن الاستمرار في المغامرة الخطيرة ومغادرة الأنانيات الشخصية، وإلى الخروج من اللعب على عملية الشغور تحقيقاً لغايات شخصية لهذا الفريق او ذاك، لأن الحكومة تحل محل الشغور الطارئ. والايام القليلة المقبلة ستبرهن ان من يستسهل الشغور في سدّة الرئاسة سيكون اول من يعاني من تداعياته السلبية».
ويعتبر الوزير الوسطي «أن التعاطي مع عملية الشغور على أنها ليست مشكلة لأن هناك حكومة قائمة انيطت بها مجتمعة صلاحيات رئيس الجمهورية والاستمرار في ادارة الشأن العام بلا رئيس للجمهورية واعتياد اللبنانيين على ذلك، سيطرح السؤال عن الجدوى من رئاسة الجمهورية، وربما يخرج البعض بمقولة إلغاء الرئاسة ما دامت قرارات الحكومة المشكلة مناصفة بين المسلمين والمسيحيين تتخذ بالإجماع في غياب رئيس الجمهورية. والخطورة في الامر ان البناء على انتظام الامور في البلد رغم الشغور الرئاسي، يعني نظاماً جديداً مقنعاً يضع الدستور ببعده الميثاقي على محك الشراكة في القرار والتوازن بين السلطات، وهذا الامر اول من يتحمل مسؤوليته الأفرقاء المسيحيون الذين يعطل خلافهم الى الآن انتخاب رئيس جديد».
ويرى الوزير الوسطي «ان الحس الوطني لدى الشريك المسلم الذي قَبِل بوضع مسار الاستحقاق الرئاسي بين يدي الشريك المسيحي، فإنه يفترض بالشريك المسيحي ان يكون الحس الوطني لديه في تسهيل انتاج رئيس جديد خارج نظرية القوي والأقوى، لأن قوة الرئاسة والرئيس تنبع من الإجماع الوطني حولها بعيداً من الانقسام الذي سيولّد حكماً تعثراً في عملية إدارة عجلة الحكم. لذلك سيرسو الامر في نهاية المطاف على اختيار شخصية معروفة ومجرّبة من خارج الاصطفاف السياسي القائم، والافضل بالأفرقاء التوافق حولها وعدم الاستمرار في الرهان على عامل الزمن في ظل محيط عربي متوتر».
ويوضح الوزير «ان الحراك الديبلوماسي مستمر بعيداً عن الاضواء، لا سيما باتجاه الرابية، لأن الكرة في ملعب رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون، فإذا قدم اسماً مقبولاً فإن الامور على مستوى الرئاسة الاولى ستسير ولا يطول الشغور. ولكن هل يقبل عون أن يسمي؟ اذا لم يقبل عون واهتز الاستقرار، فسيأتي الخارج مع اسماء جديدة».