ما تنتظره او تتوقعه الاوساط السياسية اللبنانية هو ان يبدأ بعض السفراء المعروفين باهتمامهم بالوضع اللبناني مباشرة او بالاتفاق في ما بينهم على تكليف الممثل الخاص للامم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي ربما من اجل بدء وضع لائحة من المرشحين المحتملين للرئاسة قد تضم ما يصل الى عشرة مرشحين يجري عرضها على مختلف الافرقاء والقوى السياسية من أجل ان تتم جوجلة بعض الاسماء المقبولة او التي يمكن ان يلتقي عليها الغالبية العظمى من الافرقاء او جميعهم اذا امكن بحيث يمكن ان تشبه هذه الحركة الى حد بعيد ما حصل بالنسبة الى تأليف الحكومة الحالية. اذ بالنسبة الى مصادر سياسية معنية فان الدول المهتمة لا يمكن ان تركن الى واقع انتظار انتهاء جملة استحقاقات اقليمية وبروز نتائجها على رغم الاقرار باهمية هذه الاستحقاقات ومحوريتها باعتبار انها عملت ولا تزال على محاولة عزل الاستحقاقات اللبنانية قدر الامكان عن تداعيات ما يحيط بلبنان وان من دون نجاح في غالب الاحيان او نتيجة انشغالاتها باولوياتها هي ايضا، ولو ان هذه المصادر تقول ان سفراء الدول المعنية ينتظرون اقتناع العماد ميشال عون بتجاوز ترشحه الى التعاون في انتخاب رئيس جديد وعدم الاستمرار في التعطيل على رغم الرسائل المباشرة وغير المباشرة التي وصلته حتى الآن. وتتوقع المصادر ان تتخطى المشاورات في هذا الاطار الافرقاء في الداخل الى بعض العواصم المؤثرة من اجل اجراء التشاور في ما بينها ايضا بغض النظر عن تحديد مدة نضوج هذا المسعى او توقيت نجاحه. ولا يبدو سوى هذا المسعى او مساعي موازية ومماثلة في الافق الراهن من اجل الخروج من ازمة الفراغ الرئاسي الذي يخشى بعض الخارج ان يؤثر طول امده سلبا على لبنان.
ومع ان ثمة جلسة نيابية مرتقبة في التاسع من حزيران الجاري فان اي جديد لا يتوقع ان يطرأ خلال الاسبوع الفاصل عن هذا الموعد على رغم المواقف التي يسجلها بعض الافرقاء رفضا للفراغ او لطول امده، كما فعل “حزب الله” الذي كان هذا الامر محور تركيز مسؤوليه في احاديثهم واطلالاتهم في نهاية الاسبوع المنصرم. اذ لا تخرج هذه المواقف، وفق مصادر سياسية مراقبة، عن محاولة الحزب جبه احراج تعطيله تأمين النصاب في جلسات انتخاب الرئيس العتيد للجمهورية جنبا الى جنب مع “التيار الوطني الحر” علما ان مواقفه الاخيرة التي ركزت على اهمية الاستحقاق وضرورته سارت في موازاة حملة من بعض نواب الحزب على البطريرك الماروني مار نصر بطرس الراعي ومواقفه في الاراضي الفلسطينية المحتلة بحيث بدت المواقف حول الاستحقاق وضرورة تسريعه وسيلة لعدم الاستفزاز عبر الظهور في موقع المحدد للمراجع المسيحية ان في موقع الرئاسة الاولى او لبكركي. وهذا لا ينفي او لا يعني غياب تأثير الحزب خصوصا انه يتم رسم سقوف او تحديدها عبر مواقفه من أجل التفاوض، لكن وعلى رغم البعد الاقليمي الذي بات عليه الحزب من خلال تدخله لانقاذ حكم الرئيس السوري بشار الاسد، فان واقع الامور ان الانظار باتت تتجه اكثر من أي وقت مضى وفي ضوء الخطوط المتعددة التي باتت مفتوحة مع ايران ورئيسها حسن روحاني الى القيادة الايرانية للتفاوض معها مباشرة.
يفيد ذلك ان القوى السياسية تنتظر ان تحسن الدول التي تعتبر هذه القوى امتدادا لها من موقعها واوراقها في الاستحقاقات الدولية والاقليمية المهمة، أكان ذلك في المفاوضات بين ايران والدول الغربية حول الملف النووي او انفتاح العلاقة بين المملكة السعودية وايران والمفاوضات حول دول المنطقة من اجل ان يتحسن موقعها بدورها في الداخل وتتعزز اوراقها بالنسبة الى الاستحقاقات اللبنانية.
والسؤال الذي يثيره بعض المهتمين هو اذا كان يمكن اي موقع او سلطة في الداخل ان تلعب دورا ما مهماً في اطار تحفيز المسعى الاقليمي والدولي في غياب مرجعية موقع الرئاسة الاولى وما اذا كانت بكركي يمكن ان تساعد في شكل او في اخر على نحو مختلف عما قامت به حتى الآن وبعيدا عن الاضواء. والبعض يتساءل ما اذا كان يمكن الرئيس ميشال سليمان وحده وقد تحرر من عبء الموقع الرئاسي ان يثمر علاقاته الدولية والاقليمية التي لا تزال طرية في ضوء الاتصالات التي تلقاها بعيد خروجه من قصر بعبدا من اجل تحفيز الدفع الدولي في هذا الاتجاه او بمسعى ثنائي مشترك بينه وبين البطريرك الماروني وايضا بعيدا من الاضواء، وذلك من اجل عدم ترك المبادرة الى الخارج وبدفع ودينامية منه من دون اي دور مباشر للمسيحيين بعدما ساهموا في تعطيل دورهم في انتخاب رئيس في المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد.