زعماؤنا المسيحيون، هم من اضعف موقعنا في السلطة. الخصام السياسي المستمر بين الافرقاء المسيحيين وبالاخص بين العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع أذل المسيحيين وادخلهم في متاهات تافهة لا تحصّل لهم حقوقهم ولا كرامتهم ولا عنفوانهم. وقد يقول البعض ان هذا الخصام ما هو الا دليل عافية ورمز للديمقراطية التي بقيت وحدها نابضة في صفوف المسيحيين. انما للأسف هذا الكلام هو جريمة بحد ذاته لانه بدعة اخترعها من اخترعها بهدف تجميل الواقع المرير الذي يعيشه المسيحيون وهو فلسفة غريبة عجيبة بان الخصام فيما بينهم جعل منهم علامة فارقة عن المسلمين السنة والشيعة وعن الدروز بدلاً من ان ينظروا حولهم ويروا ان الطوائف الاخرى ملتحمة الاوصال فيما بينها (هذا ليس بعيب) ومن ثم يبدأوا باتخاذ العبر من شركائهم بان التكاتف يقويهم لكن المحزن ان معظم زعماء المسيحيين رؤوسهم «حامية».
يريدون اقناعنا، بأن الخصام الحاصل داخل البيت المسيحي الواحد هو عملية ديموقراطية، وباطلا حاولوا اقناع الجميع بذلك، الا انه لا يوجد عاقل يمكنه ان يصدق هذا الكلام. فأي ديموقراطية هي التي تزيد الشرخ بين ابناء الطائفة الواحدة؟ واي ديموقراطية هي التي تزيد الكراهية بين المسيحيين؟ وأي ديموقراطية هي تلك الديموقراطية التي يستند، بناء عليها، زعيم ماروني على السني او الشيعي لكي يستقوي على الزعيم الماروني الآخر؟ واي ديموقراطية هي تلك الديمقراطية التي تذكي الكيديات بين ابناء الطائفة الواحدة؟
والحال ان هذه الكذبة لم تعد تنطلي على احد، فالموارنة يتحملون مسؤولية هذا الفشل الذي وصلوا اليه وهم مسؤولون عن الشغور الرئاسي وعن اضعاف موقع الرئاسة، فبعد ان كانوا روادا واصحاب قرار في هذا البلد باتوا الان ادوات للاخرين ينفذون مطالبهم.
لن نقول ان الطائف سلب صلاحيات رئيس الجمهورية فبات المسيحيون والموارنة بشكل محدد في موقع الضعفاء بل نقول ان سياساتهم الانتحارية وايديولوجياتهم المحدودة هي التي جلبت الويل عليهم فوقعوا ضحية الفخ الذي نصب للمسيحيين في الشرق. لم يعروا انتباهاً الى ان هناك مخططاً يهدف الى تهجير المسيحيين من الشرق وان هذه المسألة يجب ان تحثهم على التعالي عن الخلافات، بل كانوا للأسف الشديد سطحيين في تفكيرهم وفي جدالاتهم ولذلك وصلوا الى الحالة التي هم فيها.
والآن الشغور الرئاسي مستمر ولا يبدو في الوقت القريب انه سيكون لنا رئيس، بل نحن في صدد انتظار اتفاق الدول الاقليمية على انتخاب رئيس للبنان، نعم دول اقليمية وليست غربية لأن في الماضي كانت اميركا وفرنسا وبريطانيا تتنافس على شخصية الرئيس الجديد للجمهورية اللبنانية وتكون لسوريا الكلمة الاخيرة بمن يأتي رئيساً، اما الآن فباتت الرياض وطهران تأتيان بالرئيس الماروني. لقد توهم اللبنانيون ان انتفاضة الاستقلال التي حدثت عام 2005 قد غيرت موازين اللعبة في لبنان وان سوريا ما عادت تتدخل في الشؤون السياسية اللبنانية، الا ان هناك بعض التغييرات ولكن ليس للأفضل.
نعم، أنها الحقيقة المرة، باتت الآن الجمهورية الاسلامية الايرانية والمملكة العربية السعودية تقرران اي رئيس ماروني يجب ان يأتي، اي بمعنى آخر، وعفوا على الفظاظة، بات السنة والشيعة هم من يقررون انتخاب الرئيس الماروني.