لن يكون طرف أيلول مبلولاً رئاسياً.. أو هكذا يُقرأ كتاب الاستحقاق الرئاسي من عنوانه اليوم.
«الانضباط السياسي» يفرض نفسه على مختلف القوى السياسية.. بالاقتناع والرغبة أو بالطلب والتمني الخارجي. والتبرير موجود دائماً بـ«دقة المرحلة وخطورتها».
هذا الانضباط يطمئن إلى أن الاستقرار الأمني، ولو نسبياً، سيبقى تحت السيطرة، خصوصاً أنه يترجم قراراً دولياً بحفظ الاستقرار في لبنان.
ويبدو واضحاً أن جميع القوى اللبنانية على ضفتي الانقسام السياسي، متهيبة مما ستحمله المرحلة المقبلة من معادلات وتحولات وتسويات، لذلك فهي تتجاوز البحث في الملفات المعلقة، على خطورتها وأهميتها، لتبحث في امور مستقبلية قد تفرض نفسها كأولوية في اي لحظة.
وإذا كانت الآمال قد علقت سابقاً على شهر أيلول لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، بمعنى ان كل الترجيحات والمعطيات كانت تشي بمكانية انجاز الاستحقاق الرئاسي في هذا الشهر، إلا ان هذه الآمال تبددت. بات الحديث اليوم يدور حول صعوبة انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلال العام الجاري وان الأمر معلق الى مطلع العام المقبل، لانه بعدما تم ربط الاستحقاق الرئاسي بالتطورات السورية عاد ليربط بالتطورات العراقية وما اذا كانت ستؤدي الى تقارب ايراني ـ سعودي تفرضه الضرورة ويستفيد منه لبنان عبر اتمام ابرز استحقاقاته وفي مقدمها الرئاسة.
فما الذي يتقدم على الرئاسة راهنا؟
يفرض التقارب بين الاستحقاقات الدستورية نفسه على اجندة القيادات اللبنانية، بمعنى انه بعدما وصلت المحاولات لإمرار الاستحقاق الرئاسي الى طريقها المسدود حتى الآن، من الطبيعي الانتقال الى استحقاق داهم ذي اهمية الا وهو الانتخابات النيابية، وكل اللقاءات والزيارات الخارجية الدائرة يحتل فيها الاستحقاق النيابي الأولوية لجهة مصيره انتخابا او تمديدا. وتتحدّث المعلومات عن وصول البحث الى حد المدة المقترحة للتمديد للمجلس الحالي.
ورغم النفي المتكرر للقيادات السياسية للقبول بفكرة التمديد للمجلس النيابي، الا ان ما صار محسوما هو ان التمديد الثاني اصبح امرا واقعا، لقناعة لدى الافرقاء بأن ظروف الداخل والخارج وعدم وضوح مسار الامور على اكثر من اتجاه تفرض عدم الإقدام على دعسة ناقصة، وبالتالي اللجوء إلى التمديد للمجلس الحالي ما دامت هناك صعوبة محققة في امكان التوصل لصوغ قانون جديد للانتخابات النيابية يتمتع بالحد الادنى من العدالة، «وبما ان اعتماد قانون الستين المعدل في الدوحة سينتج التوازنات ذاتها، فلا ضير بالتمديد الذي ستكون ايجابياته كثيرة، وسلبياته قليلة ابرزها انه سيمنع ضخ كتلة نقدية تحرك الدورة الاقتصادية نتيجة المصاريف والمال الانتخابي» على حدّ تعبير مرجع سياسي كبير.
ويستدل المرجع على حسم موضوع التمديد بانه «بعد احد المؤتمرات الصحافية لاحد اقطاب 14 آذار المسيحيين والذي اعلن فيه رفضه القاطع للتمديد، تلقى هذا القطب اتصالا من العاصمة الفرنسية باريس وكان المتحدث قطبا اساسيا في 14 اذار حيث طلب منه التوقف عن اعلان رفض التمديد للمجلس النيابي لأننا قد نصل الى خيار تجرّع هذه الكأس والارجح ان التمديد سيحصل، وان هناك تفاهما سعوديا ايرانيا على هذه المسألة حصرا كون الاحتقان القائم لا يوفّر اجراء الانتخابات بشكل طبيعي، ولتجنيب لبنان اية تداعيات او محاولات قد تستغل في مناسبة الانتخابات للتوتير».
ويكشف المرجع عن ان «اللقاء الذي جمع الرئيس سعد الحريري مع النائب وليد جنبلاط في باريس مؤخرا كان الطبق الرئيسي فيه الانتخابات النيابية الى جانب الملف الرئاسي، وان النقاش دار حول مدة التمديد، والرأي الغالب كان لمدة سنة، وان جنبلاط استمزج رأي رئيس مجلس النواب نبيه بري حول الامر حيث طرحت الموجبات الدافعة لاعتماد هذا الخيار، وانه في حال اعتماده الافضل ان تكون المدة اطول من سنتين ونصف سنة الى ولاية كاملة، حتى تكون معالم الوضع في المنطقة قد توضّحت».
ويشير المرجع الى انه «عند طرح موضوع التمديد جديا وعلى العلن في النصف الثاني من آب او مطلع شهر ايلول، سيكون هناك موقف موحد لكل من قوى 8 و14 اذار كلّ على حدة من هذا الامر، والذي حكما سيربط بوجوب الانتهاء سريعا من انتخاب رئيس جديد للجمهورية».