IMLebanon

باريس.. مربط خيل اللبنانيين !!

حتى ولو تحوّلت باريس الى «مربط خيل» القيادات السياسية اللبنانية، وفي شكل خاص قيادات 14 آذار، ليس بالطبع للراحة والسياحة، بل على طريقة الجملة التي تقول «نحن اجتمعنا ها هنا، حتى نرى في امرنا، لقد حلّ بنا الطاعون، المرض الملعون» والحقيقة ان الطاعون الذي حلّ في القيادات السياسية، هو سياسة تعطيل الاستحقاقات الدستورية التي تثبت المفهوم الديموقراطي لنظام لبنان البرلماني، للمحافظة على الحريات وعلى استمرار عمل الجمهورية، واحترام الدستور شرعة الحياة المشتركة بين اللبنانيين، فالعاصمة الفرنسية، المكلفة من الولايات المتحدة الاميركية والمجتمع الدولي، بمتابعة ملف الاستحقاق الرئاسي في لبنان، على ما تناقلته وسائل الاعلام، استقبلت في الايام القليلة الماضية رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري، ورئيس كتلة تيار المستقبل فؤاد السنيورة، ورئيس كتلة اللقاء الديموقراطي وليد جنبلاط، وعدداً من النواب والشخصيات المرافقة، للبحث في امرهم وامر اللبنانيين وامر الدولة والنظام، وامر الاستحقاق الدستوري الذي يعتبره اللبنانيون عموما والمسيحيون خصوصاً انه يشكّل هذه المرة مفترقاً اساسياً بين طريق تؤدي الى الدولة والحياة، وبين طريق تؤدي الى الفراغ والموت، ولبكركي الناطقة عادة بلسان جميع المسيحيين، وليس الموارنة وحسب، نخشى على الوجود المسيحي في لبنان والعالم العربي اذا وقع الفراغ في منصب الرئاسة الاولى، فكيف اذا رمته وقتاً طويلاً، وزادت الدولة تفككاً وشللاً وتراجعاً.

احد القياديين الناشطين في تكتل 14 آذار والمؤيدين لجعجع، لا يخفي صعوبة التوصل الى اتفاق ما، يسمح للعبة البرلمانية الدستورية، ان تأخذ مداها الطبعي في الايام القليلة المقبلة، قبل الوصول الى التاريخ القاتل او المنقذ في 25 من شهر ايار الجاري في ظل اصرار فريق 8 آذار على رفض حتى الكلام عن مرشح للرئاسة الاولى غير النائب العماد ميشال عون، مهدداً بالقيام بخطوات غير مسبوقة بتاريخ لبنان، من شأنها، ليس شرعنة الفراغ فحسب، بل تعطيل عمل الدولة والمؤسسات، واشاعة اجواء من الفوضى والتوتر، وهذا التهديد، على ما يقوله القيادي، ابتزاز مباشر للجميع، ولوضعهم امام خيارات بالغة الصعوبة والسوء.

ويؤكد القيادي المعلومات التي تشير الى ان الجوقة الاعلامية العائدة لتكتل 8 آذار، ستبدأ بشن حملة قاسية ومبرمجة ضد قوى 14 اذار، وخصوصا ضد سعد الحريري وسمير جعجع، وضد وليد جنبلاط في حال فشلت المباحثات بين التيار العوني وتيار المستقبل ليس فقط في انتخاب عون رئيساً بل ايضا ان لم يتم سحب المرشحين من 14 آذار، ومرشح كتلة اللقاء الديموقراطي الوسطية، اضافة الى ان العماد عون، على ما يعلن نوابه، غير مستعد للتواصل مع نواب مسيحيي 14 آذار الذين يفوق عددهم عدد النواب المسيحيين الذين يؤيدون عون بل يكتفي بطلب التأييد من سعد الحريري، واكثر من ذلك، ما زال الهجوم العوني ضد سمير جعجع، مستمرا في جميع وسائل الاعلام التابعة له ولحلفائه، وكأن جعجع هو امير الحرب الوحيد الذي قاتل في الحرب، وكأن الامراء الباقين في 8 آذار وخارج 8 آذار هم مثل امرأة قيصر، فوق الشبهات ينضحون زيتاً وقداسة.

اخطر ما يواجهه لبنان اليوم، سعي قوى 8 آذار الى ترسيخ مفهوم التسويات والصفقات على حساب الدستور ومفهوم الديموقراطية، وقبول الآخر ورأيه، لان المفهوم التسووي هذا سوف يفقد لبنان سبب وجوده كمساحة حرية وديموقراطية واحتكام للمؤسسات الدستورية، خصوصا اذا استند الى القوة لفرضه، بحيث يصبح نظام الحكم في لبنان، نسخة مشوهة عن انظمة الحكم الدكتاتورية الاحادية، القريبة من لبنان والبعيدة عنه.