يرى وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل ان ليس هناك حل عملي لمشكلة اللاجئين السوريين الا باجراء اتصالات مباشرة مع الحكومة السورية من اجل الاتفاق على خطة متكاملة ومبرمجة زمنيا، تكفل اعادتهم تدريجا. وترجم باسيل رؤيته للحل باستدعاء السفير السوري علي عبد الكريم علي، وناقش معه هذه المسألة التي يعيرها اهتماما بالغا نظرا الى ما تشكله كثافة اللاجئين من اختلال ديموغرافي في البلاد بعدما أصبح عددهم يشكل الى الآن اكثر من 20 في المئة من مجموع السكان. اما كلفتهم السنوية فبلغت ايضا 7 مليارات ونصف مليار دولار. وتستوجب الخطة التنسيق بين الجيشين وتشكيل لجان وقوافل لاعادة اللاجئين الى ديارهم الآمنة، او تلك التي لم تشهد معارك، وهذا قرار تتخذه القيادة السورية. وفي المعلومات ان الجانب السوري يريد ايضا ان يتأكد من أن السوري العائد لم يقاتل النظام ولا ينتمي الى تنظيمات ارهابية قبل القبول باعادته.
لا يستبعد باسيل ان يكون لقاؤه أمس مع علي قد أزعج بعض المسؤولين، لكن ما يدعم موقفه هو ان اتصالات كثيرة ومتنوعة أجريت مع عدد كبير من الدول الكبرى الفاعلة والمؤثرة التي تريد مصلحة لبنان ومساعدته على تحمل أزمة اللاجئين. وقد رفض الاقتراح اللبناني اقامة مخيمات على طرفي حدود البلدين وفي المناطق العازلة خوفا على امن هؤلاء اللاجئين، ولان ليس هناك من اتصال بين تلك الدول والنظام السوري من اجل ضمان امنهم.
كما ان الاقتراح الرسمي الثاني من اجل تخفيف عبء اللجوء السوري الى لبنان هو تقاسم الاعداد باستضافة الدول الكثيرين، وقد اتى التجاوب لافتا من المانيا التي استضافت 5000 نسمة، وان عددا مماثلا هو قيد المراجعة والاتصال لاستيعابه. أما بقية الدول فمنها من استضاف 500 او 600 نسمة، وهذا في نظر باسيل غير كاف، ولا يمكن ان يحل المشكلة التي تتطور سلبا.
وما من سياسي او مسؤول حكومي الا يدرك المنافسة التي احدثها هذا المد من اللجوء السوري مع سوق العمل اللبنانية ولا سيما في مجال الاعمال المهنية.
أما العامل الآخر الذي جعل باسيل يقدم على هذه الخطوة فهو ان الدول المانحة والمتبرعة للاجئين السوريين لم تف بتسديد كل ما كانت قد وعدت به في قمتي الكويت اللتين عقدتا في السنتين الاخيرتين برعاية الامم المتحدة.
ولعل ما شجع باسيل ايضا على “بداية الحديث” لمعالجة قضية اللاجئين، هو ان “سوريا مستعدة لمناقشة هذه المعضلة”، والدليل ما اعلنه السفير علي في قصر بسترس أمس، وهو انه بحث مع باسيل في “العرض الذي تطرحه سوريا باستمرار لمعالجة اوضاعهم (اللاجئين) والتنسيق بين الدولتين والحكومتين لايجاد المخارج التي تضمن كرامة السوري وحقه في العودة الى وطنه بكل الشروط المناسبة والممكنة”.
واللافت أن علي كشف ان نقاشات جرت سابقاً في لقاءات ومذكرات متبادلة، وطالب بتسهيلات لاعادة بعض رعايا بلاده الى المناطق التي هربوا منها، او تلك الاكثر امانا. ومن بين المطالب اعفاء من لديهم اعباء اقامة وضرائب.
ويبدو أن هناك كتبا سورية تسلمتها وزارة الخارجية تتضمن المطالب من أجل إيجاد المخارج لموضوع اللاجئين، وجرى التكتم عن اي تفاصيل. وكعادته، هاجم علي رؤساء الدول التي تمول بعض السوريين لمقاتلة النظام، وكأن لبنان او وزارة الخارجية هي التي دعت الى ذلك.