لن يجرؤ أحد بالتأكيد، في المناطق السورية التي لا تزال خاضعة لنظام دمشق، على ترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية التي حُدد موعدها في الثالث من حزيران (يونيو) المقبل، لكن حرص بشار الأسد على إضفاء طابع «ديموقراطي» على حكمه الديكتاتوري، قد يدفع أجهزته الأمنية الى إجبار بعض الشخصيات على ترشيح نفسها في اقتراع معروف النتائج سلفاً، أو قد يتبرع بعض الموالين بالترشح مثلما فعل أحد أعضاء «مجلس الشعب».
لكن لو افترضنا أن هناك «منافسة» و «برامج انتخابية»، فما الذي يمكن أن يقوله الأسد عن «إنجازاته» في ولايته الحالية لكي «يقنع» السوريين بانتخابه مجدداً؟ هنا بعض الأمثلة:
«خلال ولايتنا الممتدة منذ ورثنا الحكم في العام ألفين، نجحنا في تقسيم سورية التي تسلمناها دولة مكتملة وموحدة، إلى أشلاء، عملاً بمبدأ اللامركزية، كما تمكنّا من تقسيم الشعب إلى طوائف وشبيحة وميليشيات. واستطعنا، بفضل ما وفرناه لقواتنا المسلحة من دعم إيراني وروسي، قتل أكثر من 150 الفاً من المواطنين وجرح وإعطاب أكثر من نصف مليون. وكان إنجازنا الأكبر أننا أفشلنا مؤتمر جنيف وبقينا في الحكم تلبية لإرادة السوريين، وليس مهماً تهجير أربعة ملايين إلى خارج البلاد وإجبار ستة ملايين آخرين على النزوح، طالما أننا بخير ونقيم في قصر الشعب الذي هو ملككم جميعاً.
«كما حفظنا الجميل لحلفائنا، فبعدما أشركنا طهران في قراراتنا السياسية والعسكرية، دعونا حزب الله ولواء القدس والميليشيات العراقية إلى المشاركة في مهرجان القلمون الربيعي، حيث استعرضوا مواهبهم في القتل والتفجير والتهجير، ومن المتوقع أن يستجيبوا دعوتنا ايضاً إلى مهرجان حمص الصيفي.
«وسعياً إلى زيادة الموارد وتنويعها، شجعنا السياحة العربية والأجنبية فلم يبقَ بفضل سياساتنا جهادي واحد في العالم لم يأتِ الى سورية أو يستعد لزيارتها.
«واستطعنا بفضل حكمتنا جذب اهتمام منظمات العالم الإنسانية بشعبنا، بعدما حاصرنا مئات آلاف العائلات في المدن والريف، وجعلناها تتضور جوعاً عن سابق تصور وتصميم.
«وفي مجال التعليم، نجحنا في إخراج جيل كامل من الأطفال السوريين من المدارس وحرمانهم من أي نوع من التعليم، لأن حياة التشرد في رأينا هي أفضل مدرسة، ولا فائدة من الإنفاق على التعليم إذا كنا سنقتل التلاميذ لدى خروجهم في أي تظاهرة.
«وفي سياستنا العمرانية، تمكنا من تدمير نصف مدينة حلب تماماً، ومحو ثلث مدينة حمص من الوجود، كما أزلنا عن الخريطة بعض القرى والدساكر التي لم تكن ذات نفع لنا اصلاً، وقسمنا دمشق وريفها إلى خطوط تماس، وكل ذلك في إطار سياسة فذة لإعادة تجديد البلاد وتمدينها. ودفعَنا اهتمامُنا بالبيئة أيضاً إلى الطلب من سلاح الطيران اجتثاث المزارع غير المنتجة، بما في ذلك المزارعون والماشية، وإحراق الحقول لمعالجة مشكلة الجفاف.
«وفي مجال الطاقة، وزعنا البراميل المتفجرة والعبوات الكيماوية والغازات السامة بالتساوي على المناطق، فلا يستطيع أحد الشكوى من أنه لم ينَل حصته. كما نسقنا مع وزارة الصحة لجهة تجديد المستشفيات بعد رشها بالمبيدات البشرية.
«وسفّهنا ما يقال في الدعاية المضادة عن استشراء الفساد في إدارات الدولة، فحصرنا الرشوة في أقربائنا وأصدقائنا، تسهيلاً لأمور المواطنين ومنعاً لحيرتهم.
«وعملاً بدعوات الأمم المتحدة والعالم المتمدن، أطلقنا من السجون كل عناصر تنظيمي داعش والقاعدة تمهيداً لإعادة دمج المجتمع بهم.
«كما استطعنا تحييد القضاء تماماً، فدفعنا جنودنا الى تنفيذ الأحكام ميدانياً بكل معارض، فلا نضيع وقت القضاة ولا نرهق الدولة بتكاليف المحاكمات.
«وعلى دأبنا في مناصرة القضية الفلسطينية، قدمنا حلولاً جذرية لأوضاع اللاجئين في مخيم اليرموك، وكلفنا بتطبيقها حليفنا أحمد جبريل، لخبرته الطويلة في فنادق لبنان ومصارفه».
هل بقيت أي شكوك لدى أي كان في أن السوريين سيعاودون انتخاب الأسد رئيساً؟