نصيحتي لسلام الاستعانة بالقطريين والأتراك
بري مرحّباً بـ«بابا نويل»: مجلس مقفل لا يستحق التمديد
من يزور عين التينة هذه الأيام، يكتشف كم أن الرئيس نبيه بري بات يضيق ذرعاً بالواقع السياسي المقفل، الذي استهلك الكثير من الوقت وضيّع على اللبنانيين الكثير من الفرص.
لا يطيق بري حالة البطالة التشريعية بسبب إصرار البعض على إقفال ابواب المجلس أمام التشريع، وهو الأمر الذي جعله يستنتج أن مجلساً كهذا لا يستحق التمديد مرة أخرى.
ليس خافياً أن الكيمياء مفقودة بين بري والرئيس فؤاد السنيورة، وما تجربة «السلسلة» سوى أحدث الأدلة على الودّ المفقود. لذلك، يبدو رئيس المجلس أحد «المستفيدين» من عودة الرئيس سعد الحريري لأن ذلك سيتيح استكمال الحوار مع «الشريك الأصيل».
يقول بري لـ«السفير» إنه مرتاح لعودة الحريري الى بيروت، معتبراً أنها ضرورية ومفيدة في سياق مواجهة التطرف وتعزيز الاعتدال وتنفيس الاحتقان، ومشيراً الى أنه عندما يقرر الحريري أن يكون في الصفوف الأمامية للمعركة ضد الإرهاب والتطرف، فلا يمكننا إلا ان نثني على هذا الخيار.
ويبدي رئيس المجلس استعداده للتعاون مع الحريري في هذه المرحلة الدقيقة، سواء على مستوى التصدي لخطر الإرهاب او على مستوى إعادة تفعيل المؤسسات الدستورية. يضيف مبتسماً: عاد الحريري وبحوزته مليار دولار للجيش والقوى الأمنية.. وبالتالي لا نستطيع إلا أن نرحب بـ«بابا نويل».
يشير الى ان التكامل بين الحريري صاحب التمثيل الشعبي والقدرة المالية، وبين تمام سلام ابن التجربة الغنية والبيت السياسي العريق، سيجعل الامور افضل لتيار المستقبل والشارع السنّي والوضع اللبناني العام، لكن أحوال الطامحين الى رئاسة الحكومة ستسوء لأن فرصهم ستتراجع إن لم نقل إنها ستنعدم..
يعتبر بري أن من يقارب معركة عرسال من زاوية عسكرية بحتة، وكـأنها مجرد وجه آخر لما جرى في «نهر البارد» يكون مخطئا، لافتا الانتباه الى ان لهذه البلدة البقاعية خصوصية جغرافية وديموغرافية، كان لا بد من أخذها بعين الاعتبار خلال المواجهة مع المجموعات المسلحة.
ويشير الى ان استباحة المسلّحين لعرسال قلبت السحر على الساحر، فاصبحوا منبوذين ومرفوضين، فيما بات الأهالي اكثر توقاً وشوقاً لحضن الدولة، وهذا هو الإنجاز الأكبر الذي تحقق: عودة الدولة الى عرسال والأهم عودة عرسال الى الدولة.
ويدعو بري المؤسسة العسكرية والحكومة الى عدم التفاوض مع المجموعات المسلحة، في ما خصّ ملف الاسرى من العسكريين. واذا طلب مني الرئيس سلام نصيحة، لكنت نصحته بأن تتم لاستعانة بالقطريين والاتراك لمعالجة هذا الملف، مع سقف واضح وهو عدم القبول بمبدأ التفاوض والمقايضة على أي طلب يتعلق بإطلاق سراح سجناء في رومية، لأن الاستجابة لأي طلب من هذا النوع ستكون بمثابة خطأ كبير سيؤدي الى تداعيات لبنانية خطيرة.
وبالنسبة الى احتمال التمديد لمجلس النواب، يؤكد بري انه لا يزايد ولا يناور في موضوع رفض التمديد، بل أنا أعني ما أقوله، ومن يظن انني أزايد او أناور هو واهم، كاشفا انه طلب من النائب نقولا فتوش تأجيل تقديم اقتراح قانون التمديد، حتى لا يقال إنني أقف وراءه.
يستغرب بري حماسة البعض للتمديد مجدداً، خصوصا في ضوء نتائج التمديد الأول، متسائلا: ما هو مبرره إذا كان المجلس لم يفعل شيئا خلال ولايته الممدد لها على امتداد سنة وخمسة أشهر؟
ويضيف محتدا: خلال الولاية الممددة لم ينتخب المجلس رئيسا للجمهورية، ولم يضع قانونا جديدا للانتخابات النيابية، ولم يقرّ العديد من القوانين الملحّة وفي طليعتها مشروع سلسلة الرتب والرواتب، ولم يمارس دور الرقابة والمحاسبة.. قولوا لي، مجلس من هذا النوع.. هل يجوز التمديد له، وقبل ذلك، هل يجوز لأعضائه ان يتقاضوا راوتبهم «مني وجرّ».
ويلفت بري الانتباه الى ان التمديد هو في الاصل خيار غير شعبي، لكن كان يمكن التخفيف من وطأته، لو ان مجلس النواب أظهر حرصاً على الانتاجية، الامر الذي لم يفعله طيلة الاشهر الماضية.
ويجزم بري انه لا يقبل بأن يكون رئيسا عاطلا عن العمل لمجلس عاطل عن العمل، ولا أقبل بأن أتوج مسيرتي السياسية والبرلمانية بوضع كهذا، وبالتالي ارفض التمديد للتمديد، ويكفيني أنني اليوم عميد رؤساء المجالس النيابية في العالم.
ويؤكد بري ان الاولوية هي لإنجاز الاستحقاق الرئاسي ثم اجراء الانتخابات النيابية في موعدها، ولو على اساس قانون الستين السيئ، لأن السيئ يبقى أفضل من الأسوأ وهو التمديد لمجلس مكبّل، وخارج الخدمة.
ويضيف: إذا تعذر حصول الانتخابات لسبب ما، فأنا سأدفع في اتجاه وضع النظام برمّته في «بيت اليك» مع انتهاء ولاية المجلس رسميا في 20 تشرين الثاني المقبل، حتى لو وقع عندها الفراغ الكبير، وأصبحنا بلا رئيس للجمهورية ولا رئيس للمجلس ولا حكومة..»لأنه إذا ما كبرت ما بتزغر».
وفي ما خص سلسلة الرتب والرواتب، يشدد بري على انها باتت ممرا إلزاميا الى مجلس النواب وأي تشريع حتى لو كان يتعلق بقانون الانتخاب أو التمديد، «نعم الأولوية التشريعية لمشروع السلسلة، وانا أنحاز في هذا الملف الى المعلّمين والعسكريين، وليس الى السلطة».
ويكشف انه كان قد اقترح على الرئيس فؤاد السينورة ان تدعم «كتلة التنمية والتحرير» الزيادة بنسبة 1 في المئة على ضريبة القيمة المضافة، مقابل تخلّي السنيورة عن تقسيط السلسلة وتخفيض كلفتها، أو ان يصرف النظر عن الزيادة الضريبية في مقابل الإبقاء على التقسيط والتخفيض، لكن السنيورة رفض، ما جعلني أتأكد من أن مسألة «السلسلة» لم تعد مسألة ارقام مالية بل خيارات سياسية.