IMLebanon

برّي التقى الحريري: لا جدوى من التمديد لمجلس لا يُشرِّع

ظلّت الاهتمامات السياسية منصبّة أمس على تقصّي الخلفيات والأسباب الكامنة وراء عودة الرئيس سعد الحريري المفاجئة إلى بيروت، في ظلّ تكهّنات بأنّها تعكس في مطاويها أحدَ عناوين تسويات إقليمية آتية، من شأنها أن تنعكس «برداً وسلاماً» على لبنان. وفي الموازاة انصبَّت الاهتمامات أيضاً على هبة المليار دولار السعودية لدعم الجيش والأجهزة الأمنية، والتي كُلّف الحريري الإشراف على تنفيذها.

مع ازدياد خطر الإرهاب في البلاد، على رغم تطهير الجيش بلدة عرسال، وإحكام سيطرته على كلّ المواقع المحيطة بها، بعدما أنهى انتشاره داخلها، وعلى مسافة أيام من الجلسة الانتخابية غداً، وازدياد المؤشّرات إلى التمديد للمجلس النيابي، أكّد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق صعوبة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها بسبب الوضع الأمني.

وكشف أمس أنّ «الأجهزة الأمنية المعنية الثلاثة نصحَت بالتأجيل لأنّ الوضع الأمني لا يسمح بوجود تجمّعات كبرى من هذا النوع في يوم واحد في كلّ مكان، وبالتالي ستكون القدرة على الضبط أصعب بكثير». وقال: «هذا رأيٌ أمنيّ، أمّا القرار السياسي فيتّخذه مجلسا النواب والوزراء. أنا وزير داخلية كلّ لبنان، وكلامي له طبيعة أمنية بحتة».

في غضون ذلك، تترقّب الأوساط السياسية ما ستتمخّض عنه الحركة السياسية التي نشَطت بعد عودة الحريري الذي زار رئيس مجلس النواب نبيه بري مساء أمس وعرَض معه للأوضاع والتطوّرات الراهنة في البلاد.

مراجع بارزة

وفي هذا السياق، قالت مراجع بارزة إنّه لا يجوز الإكثار من التأويلات والتفسيرات حول عودة الحريري، مؤكّدةً أنّ هناك أسباباً عدّة لهذه العودة، منها ما حصل في عرسال والذي لم يكن حادثاً عاديّاً، وإنّما كان يستهدف البلاد كلّها.

وأشارت هذه المراجع إلى أن ليس هناك خلفيات «إقليمية ما» وراء عودة الحريري، وأنّ القيادات السياسية لم تكن على علم مسبَق بهذه العودة التي لا يمكن اعتبارها جزءاً من سيناريو حلول كامل للأزمات في لبنان والمنطقة، وإنّما فرضَتها ظروف داخلية وذاتية لدى الحريري.

برّي

إلى ذلك، وفيما الاستحقاق النيابي يتصدّر اهتمام مختلف الأفرقاء، في ظلّ ترجيحات باحتمال تأجيله عبر تمديد جديد للولاية النيابية، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام زوّاره أمس: «أنا لا أقبل التمديد للمجلس النيابي، وهذا المجلس الممدّد له أساساً لا يستأهل التمديد، فهو لا يجتمع ولا يشرّع ولا يقوم بأيّ عمل».

وعن قول وزير الداخلية بعد زيارته عين التينة إنّ الوضع الأمني لا يسمح بإجراء الانتخابات، قال بري إنّه لم يبحث مع المشنوق في هذا الموضوع ولا في ما يُحكى عن التمديد للمجلس.

وردّاً على سؤال حول جلسة الانتخابات الرئاسية المقرّرة غداً، أكّد بري أنّه لم يحصل أيّ تقدّم بعد و»لو بحرف» في موضوع انتخاب رئيس جمهورية جديد.

جنبلاط يواصل مساعيه

في الموازاة، واصلَ رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط حراكه في إطار مساعيه لإحداث خرقٍ في جدار الأزمة السياسية ومحاولة تأمين الوفاق السياسي. واعتبر خلال زيارته بعضَ قرى الشحّار الغربي أمس أنّ عودة الحريري «تساعد وتفتح آفاقاً جديدة».

وأكّد وجود خلافات سياسية، مشيراً إلى أنّها لا تعالج إلّا بالحوار، وأنّه لأجلِ ذلك زار الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصر الله ورئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون، كاشفاً أنّه سيزور رئيس حزب الكتائب أمين الجميّل ورئيس تيار «المرَدة» النائب سليمان فرنجية ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، كذلك سيزور الحريري كـ»لقاء ديموقراطي».

وقال جنبلاط: «عيب علينا كسياسيّين أن نكون عاجزين عن انتخاب رئيس، لأنّ أيّ حلّ آخر هو التمديد للمجلس النيابي سنة أو سنتين، ويكون قد تأجّل استحقاق انتخاب رئيس الجمهورية»، وقال: «لا نستطيع تأجيل الانتخابات، وإذا كان لا بُدّ من تأجيلها لبضعة أشهر لأسباب تقنيّة سنشرط ذلك بانتخاب رئيس للجمهورية». وتمنّى «أن نتوصّل مع بري والحريري وعون وجعجع ومع السيّد نصرالله وجميع الفاعليات إلى انتخاب رئيس للجمهورية».

مسار جديد

إلى ذلك، قالت مصادر 14 آذار لـ»الجمهورية» إنّ ورشة عمل كبيرة تنتظرها، خصوصاً على مستوى بعض الملفّات الكبرى، الأمنية منها والحكومية، كذلك بالنسبة إلى التحضيرات الجارية للاستحقاق الرئاسي. وذكرت أنّه بعد عودة الحريري سيشهد الأسبوع الحالي اجتماعات على مستويات عليا.

لا مرشّح لبكركي

وفي المواقف المتّصلة بالاستحقاق الرئاسي، جدّدت بكركي دعوتَها لنوّاب الأمّة والكُتل السياسية إلى «أن يحترموا الدستور الذي يوجب عليهم في المادة 73 انتخاب الرئيس قبل نهاية ولايته بشهرَين، وإذا خلت سدّة الرئاسة قبل نهاية الولاية يوجب عليهم بالمادة 74 الاجتماع فوراً بحكم القانون لانتخاب الخلف».

ودعا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى الصلاة «من أجل أن يمسّ الله هذه الضمائر، ويحرّر أصحابَها من المصالح والارتباطات والارتهانات، ومن انقساماتهم، لكي ينتخبوا رئيساً مَن هو الأنسب والأفضل في الظروف اللبنانية والإقليمية الراهنة». وأكّد أنَّ البطريركية المارونية «لا ترشّح أحداً ولا تُقصي أحداً ولا تروّج لأحد، بل تؤيّد أيّ رئيس يُنتخَب بحكم كونِه رئيساً للبلاد».

«حزب الله»

وعشية المواقف التي سيعلنها نائب الأمين العام لـ»حزب الله» الشيخ نعيم قاسم مساء اليوم في مقابلة تلفزيونية، دعا «الحزب» بلسان نائب رئيس المجلس التنفيذي الشيخ نبيل قاووق، الحكومة وفريقي 8 و14 آذار إلى الإسراع في إقرار «استراتيجية وطنية لمواجهة الإرهاب التكفيري، فيما رفضَ عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي فياض توسيعَ نطاق القرار 1701، وقال: «إنّ الدعوة لتوسيع نطاق هذا القرار إلى الحدود مع سوريا في البقاع هي أمرٌ غير عمَلي وغير قابل للتطبيق، فضلاً عن أنّه مرفوض سياسياً، مع التأكيد أنّ حماية الحدود مسألة سيادية تندرج في إطار صلاحيات الجيش اللبناني والأجهزة المعنية ومهمّاتها».

أمّا النائب نوّاف الموسوي فأعلن «أنّنا حاضرون للتحالفات السياسية التي من شأنها جعل اللبنانيين جبهة موحّدة تستطيع دحرَ الخطر التكفيري».

«المستقبل»

في المقابل، أكّدت مصادر تيار «المستقبل» أنّ أيّ لقاء لن يُعقد بين الحريري والأمين العام لحزب الله، وقالت لـ»الجمهورية»: «إذا كان الحزب قبل بالقرار 1701 في الجنوب وبمندرجاته، ووافقَ عليه في الأساس، وهو كان جزءاً من الحكومة، فبالتأكيد إنّه وافقَ عليه مسبقاً، وما نفهمه اليوم هو أنّه يريد أن تبقى الحدود «فالتة» وأن يبقى الجيش والمجتمع اللبناني يتحمّلان تبعات أزمة النظام السوري التي يشارك الحزب فيها.

لذلك كلامه عملياً مردود. فإذا أراد فعلاً أن يخلّص لبنان من الأزمة فليخرج من سوريا أوّلاً وليفسح المجال أمام الجيش لضبط الحدود. أمّا الرفض المطلق وبلا حلول ثانية مطروحة فمعناه أنّ الحزب عملياً يترك البلد في مهبّ الريح لكي يكون مفتوحاً لكلّ المشكلات التي تأتي من خلف الحدود».

ووصفت المصادر إعلان الحزب استعدادَه لتحالفات سياسية تجعل اللبنانيين جبهة موحّدة لدحر الخطر التكفيري بأنّه «موقف إعلاميّ متقدّم، لكن ينقصه التطبيق الفعلي، والتطبيق الفعلي يعرفه الحزب ولكنّه يهرب منه، فإذا شاء الذهاب الى حلّ وسط فعليه العودة إلى سياسة النأي بالنفس والتوقّف عن تحدّي المجتمع اللبناني، خصوصاً السنّي، من خلال التحدّي الذي يمارسه، سواءٌ في سوريا أم في العراق، لذلك الكلام في الهواء، كما وصفناه، حديث متقدّم لكن ينقصه المنطق، فهل هو مستعدّ للخروج من سوريا أم لا؟

لكنّ الحزب يدعو إلى التحالف لصَدّ خطر «داعش»؟ فأجابت المصادر: «إنّ خريطة الطريق التي أعلنها تيار «المستقبل وقوى 14 آذار تشكّل أبرز وسيلة لتمكين المجتمع اللبناني من مواجهة موحّدة لـ»داعش» والتي تكمن أوّلاً بالانسحاب من سوريا ومن ثمّ الذهاب الى تفاهمات وطنية حول مسألة السلاح غير الشرعي، لأنّ أحد أبواب دخول التطرّف الى البلد هو التطرّف الذي يمثّله الحزب كتنظيم شيعي. لذلك فإنّ كلام الحزب إعلاميّ للإيحاء بأنّه إيجابي، لكن عملياً هو محاولة لذرّ الرماد في العيون للتغطية عن كونه هو سبب استدراج الإرهاب والتطرّف إلى الساحة اللبنانية.

مجلس وزراء الخميس

وفي هذه الأجواء قالت مصادر وزارية لـ»الجمهورية» إنّ الأمانة العامة لمجلس الوزراء عمّمت أمس الأوّل على الوزراء جدولَ أعمال جلسة مجلس الوزراء العادية التي ستنعقد الخميس المقبل في السراي الحكومي.

وأوضحَت أنّ الجدول يتضمّن، الى القضايا المؤجّلة من الجلسة السابقة، 130 بنداً، معظمها يتصل بنقل اعتمادات من بندٍ إلى بند، وقضايا إدارية عادية، وتخصيص اعتمادات مالية وقبول هبات مختلفة، ما خلا الهبة السعودية التي تسلّمها الحريري وكُلّف الإشراف على تنفيذها.

ورأت المصادر أن ليس ضرورياً أن تطرح الهبة السعودية على جدول الأعمال لقبولها، وربّما هناك إجراءات إدارية وتقنية عسكرية من الضروري إنجازها قبل عرضها على مجلس الوزراء، ولكن يمكن رئيس الحكومة أو الوزراء المختصين طرحها في الجلسة، ولن يعترض أحد عليها، نظراً لأهمّيتها في حجمها ومضمونها والهدف منها.