برّي قلق ويخشى أن يعمّ الشلل كافة المؤسّسات لأن مضاعفاته ستكون خطيرة
محاولات بلا أفق لعقد جلسة تشريعية حول «السلسلة» ورواتب الموظفين
لا إمكانية لإجراء إنتخابات نيابية في ظل الشغور في موقع رئاسة الجمهورية
تعجّ الساحة اللبنانية بالتحديات الحكومية والتشريعية والمعيشية من دون أن يبرز في الأفق أي معطى يفيد بأن الاتصالات والمشاورات الجارية من الممكن أن تبتدع حلولاَ للمواضع الخلافية، لا بل على العكس إن ما هو متوافر من مؤشرات يفيد بأن قابل الأيام يحمل معه ارتفاعاً في منسوب التجاذبات ومزيداً من الانقسامات، واستمراراً في الدوران في الحلقة المفرغة على كافة المستويات. وإذا كان مختلف الأفرقاء السياسيين يُجمعون على خطورة التعطيل الذي يضع البلد على كف النار، فإن أي من هؤلاء لم يطرح أي أفكار أو صيغ تشكّل بذوراً لتسوية داخلية تضع الاستحقاقات المطروحة على سكة الحل.
وما يعزّز الاعتقاد بأن الأوضاع الراهنة لا تبشّر بالخير، هو ما نقله زوار الرئيس نبيه بري عنه استياؤه وخشيته من أن يعمّ الشلل كافة المؤسسات، بما يؤدي الى مضاعفات بالغة الخطورة.
وإذ يؤكد رئيس المجلس أمام زواره حرصه على ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية في هذه اللحظة حيث أن المنطقة تشتعل، كون أن تمرير هذا الاستحقاق يحدّ من تداعيات هذا الحريق على لبنان، فإنه لا يرى بأن المناخات الداخلية والخارجية مشجّعة على ولوج هذه الانتخابات، وأن لا فرص جدّية في إتمام هذه العملية في وقت قريب.
ويحثّ رئيس المجلس وفق ما نقل عنه زواره على تفعيل عمل المؤسسات إن كان على المستوى الحكومي أو المجلسي، كاشفاً عن جهد يبذله لعقد جلسة تشريعية في وقت قريب من أجل حل مشكلة رواتب موظفي الدولة حيث تحتاج عملية الصرف الى سند قانوني، إضافة الى البحث في قضية سلسلة الرتب والرواتب.
وإذ يؤكد أن مساعيه مستمرة فإنه يؤكد بأن ليس هناك أي شيء نهائي وأن الأمور ما تزال في طور المشاورات البطيئة.
وفي الشأن الحكومي يؤكد الرئيس بري أنه لا يجوز فرملة عمل الحكومة التي يجب أن تأخذ دورها وتمارس صلاحياتها في هذه المرحلة الشديدة الخطورة، كون أن تعطيل المؤسسات يزيد من الانكشاف الأمني وتداعيات وضع المنطقة على لبنان، فالمدخل الى تحصين الوضع الداخلي يتم من خلال تفاهمات سياسية كبيرة، وهذه التفاهمات لا يمكن أن تتم في حال بقي كل فريق سياسي في وادٍ.
وتلاقي مصادر وزارية الرئيس بري في نظرته للواقع اللبناني الحالي على مختلف المستويات، وهي تؤكد بأن الجهد يجب أن ينصبّ لتأمين حصول الانتخابات الرئاسية في أقرب فرصة لأنها تشكل ممراً إلزامياً لحصول باقي الاستحقاقات.
وتسأل المصادر كيف يمكن إجراء انتخابات نيابية من دون أن يكون هناك رئيس للجمهورية، لأنه وفق الآلية الدستورية فإن إتمام عملية الانتخابات النيابية يتبعها حكماً تأليف حكومة، والتأليف يحتاج الى استشارات ومشاورات للتكليف ومن ثمّ التأليف ورئيس الجمهورية هو من يُكلّف بعد أن يُجري استشارات نيابية وما دام ليس هناك من رئيس فهذا يعني أن عجلة الاستحقاقات ستتوقف بشكل كامل، وهذا يعني أننا دخلنا في حالة الفراغ القاتل.
وفي اعتقاد المصادر الوزارية فأن التمديد للمجلس النيابي الحالي بات حاصلاً حكماً في ظل غياب أي معطى يبشّر بإمكانية حصول انتخابات رئاسية في غضون أسابيع أو أشهر قليلة، لافتة الى أنه لم يبق من الولاية الممددة للمجلس الحالي إلا ما يقابل الشهرين عملياً، لأنه وفق المادة 43 من قانون الانتخابات فإن الانتخابات النيابية تجري في يوم واحد وذلك خلال الستين يوماً التي تسبق انتهاء ولاية المجلس وهذه الولاية تنتهي في العشرين من تشرين الثاني المقبل.
وتقول هذه المصادر أنه وإن كانت وزارة الداخلية جاهزة على المستوى التقني لإجراء هذه الانتخابات، فإن العامل السياسي والأمني في البلاد غير مؤهّل لتأمين إتمام العملية الانتخابية بشكل طبيعي، وهو ما يؤكد بأن التمديد للمجلس بات واقعاً وأن مختلف الكتل والتيارات السياسية ستسلّم بهذا الواقع، وإلا فإن لبنان يدخل في مرحلة تتهدّد وجوده وكيانه.
وتسأل المصادر الوزارية عن المصلحة في إطلاق الصواريخ من لبنان باتجاه اسرائيل في هذه المرحلة، وكأن هناك من يريد أن يستدرج العدو الاسرائيلي الى حرب على لبنان، لا تخدم غزة ولا القضية الفلسطينية، في الوقت الذي ينشغل فيه المجتمع الدولي في ملفات أخرى في المنطقة يراها أكثر أهمية.
وعندما تسأل المصادر الوزارية عن إمكانية أن تشتعل الجبهة الجنوبية في هذا الوقت تسارع الى التأكيد بأن أحداً من الأفرقاء الأساسيين لا يريد توسيع بيكار الاشتباك وبالتالي فإن الأمور في هذه المنطقة ستبقى ممسوكة، مع توقّع إمكانية أن يتفلّت صاروخ من هنا وصاروخ من هناك من دون أن يعني ذلك انفلات الأمور من عقالها وبالتالي الدخول في حرب واسعة النطاق على غرار حرب تموز في العام 2006.
وتكشف المصادر الوزارية عن اتصالات ومشاورات جرت بين مسؤولين لبنانيين وعدد من السفراء وقيادة قوات «اليونيفل» لاحتواء تداعيات ما جرى في اليومين الماضيين ولقطع الطريق على من يريد إشعال الجبهة الجنوبية في هذا الظرف الخطير، لافتة الى أن خطة عمل جديدة ستوضع بين الجيش و«اليونيفل» لمنع تكرار ما حصل وبالتالي منع أي تصعيد محتمل، حيث أن هناك على ما يبدو من يريد استغلال الوضع السياسي المتردي في البلاد للقيام بأعمال من شأنها أن يكون لها تداعيات خطيرة على مجمل الوضع اللبناني.